غيمة النار

مرّي على جسدي يا غيمةَ النّارِ
هذا أنا ويدي في وجْهِ تيّاري
دعي توحّدنا بالغيمِ يوقظنا
واستوقدي جمرتي من فيض أمطاري
(فينوسُ) فيكِ تجلّتْ في أُنوثتها
عشتار منكِ أضاءَتْ كُلَّ أنواري
هُزي بروحِكِ ما في الروح من هَيفٍ
وحرّكي بعراءِ الحسنِ أشعاري
فُكّي قيودَكِ في محرابِ قافيتي
ولتلبِسي النّبضَ من إيقاع أفكاري
هُزّي وهزّي شراييني فكلُّ دمي
يجنُّ فيكِ أراجيحاً بإعصارِ
وعانقيني شعاعاً من رؤى وَلَهٍ
وراقصيني رؤى من فجر أقماري
إنّي أقمْتُ على جفنيكِ مملكتي
وفي مرافيكِ قد أنْهيْتُ أسفاري
لُفّي بروحي ودوري في فمي امرأةً
ليفضحَ البوحُ ما أخفتْهُ أسراري
كوني بعمريَ ثوبَ الحبِّ أُلْبِسُهُ
طهري وأُلقي ثيابي غفوة النّارِ
شوقي إليكِ بحارٌ لا شطوط لها
لا تعجبي أبداً من موج بحّارِ
دعي تفرّقنا بالحبِّ يجمعنا
وعانقيني شعاعاً شَفّ بالغارِ
أُنثاي أنتِ وحسبي أنّني رجلٌ
ضاقَتْ به الأرض فاستَعْمَرْتُ أقماري
وجِئْتُ أقْبِسُ مِنْ عينيكِ أُغنيةً
وما سواها عصا موسى بمِزماري
غنّيْتُ حبَّكِ في الدنيا نشيد هوى
فالخلق كلّهُمُ نشوى بأشعاري
وأنْتِ داليتي سبحان عاصرها
عنقودُ حُبّكِ لم تُعْصَرْ بِخمّارِ
فدندنيني بأشواقٍ معطّرةٍ
وموسيقى الكون من عينيكِ قيثاري
وهدهديني على كفيكِ طفلَ هوىً
أغفو بحضنكِ والأهدابُ سُمّاري
إني الوليد فكوني الصدر يحضنني
بك المقرُّ فكوني عِشَّ أطياري
أنتِ الأنوثة واستوثَقْتُ حكمتها
فابقي يقين الرؤى في دفق أفكاري
وحدي المقيم على عينيكِ غاليتي
يا منتهى النون في كافاتِ أشطاري
الشعر كحّلَ في عينيكِ هُدْبَهَما
فشعشعَ الكحل برّاقاً كأنوارِ
يا أنتِ خاتمةٌ بالحبّ أمنيتي
يا أنتِ بادئةٌ بالوقْتِ إعماري
أوقدْتِ للقلبِ ما ضيّعْتُ من زَمَن
أشعلْتِ بي الجمرَ واستوقدْتِ بي ناري
سبحانَ مَنْ صاغَ في عينيكِ وَقْدَ دمي
وأوقد العشق من صبحي لأسحاري.