تايوان تقول إنّ رقائق شركة "تي إس إم سي" معفاة من الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية    المرور يوضح خطوات تفويض قيادة مركبة عبر منصة أبشر    مصر تواصل إسقاط المساعدات الغذائية جوًا على قطاع غزة    الرئيس الأمريكي يعتزم فرض رسوم جمركية على واردات الأدوية الأسترالية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    تتصدرها الفلل والشقق.. 5.4 مليار ريال تمويلات سكنية    تطبيق إلزامي لكود البنية التحتية بمنطقة الرياض    حساب المواطن يستعد لصرف دفعة أغسطس    أمير الشرقية يستقبل أمير الفوج التاسع    محمد بن عبدالرحمن: مطار الملك سلمان يحول الرياض لمركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية    بدء جلسات محاكمة قاتل القاسم.. ووزير الحج ينعيه    طهران تعدم متهماً بالتجسس لصالح إسرائيل    الصومال يشدد قبضته الأمنية على الإرهاب    أخضر- 19 يتعادل مع نظيره البرازيلي في بطولة العالم لكرة اليد    تفاهم بين الرياض وبغداد لمكافحة الإتجار بالمخدرات    الباحة.. أهلي ومطر    القيادة تهنئ حاكم جامايكا بذكرى بلاده    فهد بن سلطان يطّلع على نتائج القبول بجامعة تبوك    بحضور رجال أعمال ومسؤولين.. آل بالخشر وآل بامسق يحتفلون بزواج عبدالله    الأرصاد: أمطار متفرقة حتى منتصف أغسطس    أم ومعلمة تقتحمان مدرسة لسرقة «امتحانات»    التعليم.. استثمارنا الأعمق    فتح باب التقديم لدعم المشاريع السينمائية    2 مليون دولار لتأمين «ابتسامة» نجمة هوليود    أمير نجران يطلق جمعية الإبل    الرياض وجهة عالمية لعرض وبيع الصقور    فيصل بن مشعل يدشن مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    النائب العام يستقبل سفير جمهورية مصر لدى المملكة    فريق سفراء الإعلام والتطوع" يزور مركز هيئة التراث بجازان    مفردات من قلب الجنوب 9    أرتيتا يؤكد أن آرسنال «مؤمن» بقدرته على إنهاء صيامه عن الألقاب    66 مليون شجرة مساهمة القطاع الخاص بمكافحة التصحر    قرب عودة المدارس يشعل الإيجارات    59% من منشآت القطاع الخاص دربت موظفيها على الحاسب    أخضر اليد يتعادل مع البرازيل    البلاسيبو.. عندما يتحول الوهم إلى شفاء    هل نقد النقد ترف أم ضرورة؟    السعودية والعراق توقعان اتفاقية في مجال مكافحة المخدرات    إقامة بطولة "Six Kings Slam" العالمية للتنس في الرياض أكتوبر المقبل    مثول المتهم بقتل محمد القاسم أمام محكمة كامبريدج    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي تطوير الشراكة الإستراتيجية    إحباط تهريب (10) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر في جازان    ارتفاع عدد وفيات سوء التغذية في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلاً    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    الحرب تنتقل إلى السكك الحديدية بين روسيا وأوكرانيا    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    صحن المطاف مخصص للطواف    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    الراحل تركي السرحاني    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدر بن عبد المحسن المبدع الساعي للخلود الأدبي
نشر في الرياض يوم 06 - 05 - 2024

لو سألت محبي الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن (1368ه -1445ه) -رحمه الله- أو المهتمين بتجربته الشعرية عن سر تميز هذه التجربة واستمراريتها وتأثيرها القوي لذكر لك كل واحدٍ منهم سبباً مختلفاً صحيحاً، فالعوامل التي ساهمت في علو مكانة البدر الشعرية وتوهجه في سماء الشعر العربي لنصف قرن من الزمن عوامل عديدة تضافرت لتشكيل تجربة فريدة وقابلة للخلود الأدبي عرفت بتجربة "مهندس الكلمة". سيتحدث النقاد والمهتمون بأشعاره عن مهارته الفائقة في الابتكار وفي التحديث على مستوى الألفاظ والصور الشعرية، وسيتحدث آخرون عن تميزه في نظم القصيدة الغنائية الرقيقة التي تلامس مشاعر العشاق والمرهفين في الخليج والعالم العربي أجمع، وسيؤكد لك غيرهم بأن قصائده الوطنية الحماسية والمميزة ك "فوق هام السحب" و"حدثينا يا روابي نجد"، وغيرها لعبت دوراً مؤثراً في ترسيخ مكانة هذا المبدع في قلوب السعوديين وفي تذكرهم له مع حضور كل مناسبة وطنية.
وكل ما ذكروه صحيح تماماً ولا يمكن الاختلاف معهم فيه، ولكنني أحب دائماً الحديث على عامل مهم من عوامل التميز في تجربة بدر بن عبد المحسن، وهو عامل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بشخصيته الطموحة والساعية إلى التميز والتفوق والإبداع، ويتجلّى لنا هذا الجانب في مواضع عديدة من أشعاره ومن أحاديثه التي صرّح بها في أمسياته أو في الحوارات التي أجريت معه. ومن ذلك ما ذكره في أمسيته التي نظمتها جمعية (سند) الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان عام 2013م، وكنتُ سعيداً جداً بتكليفي بتغطيتها لصفحة (خزامى الصحارى) آنذاك، فقد تحدث عن طبيعة الشاعر المختلفة في بحثه الدائم عن غير المألوف، وذكر أن "الشعراء لا يخافون من الموت بقدر خوفهم من النسيان، لذلك فهم يكتبون القصيدة لأشخاص لم يولدوا بعد"، وأضاف أيضاً أن الكتابة عمل وطموح وإنجاز خلافاً لما تعتقده شريحة واسعة من المجتمع.
الرغبة في كتابة قصائد عابرة للزمن، تتحدّى الموت، وتتجاوز في تأثيرها جيل الشاعر إلى أجيال قادمة هي رغبة طموحة ومشروعة في تحقيق الخلود الأدبي، وقد تداول الناس أيضاً مقطعاً جميلاً من حوار للبدر أكّد فيه على مسألة أخرى ترتبط بهذه، وهي أن يتحلّى الشخص الموهوب بالطموح العالي وألا يغتر أبداً بعبارات المدح الخادعة والمخدرة ولا بعبارات القدح المحطمة والمعيقة لتقدّمه، وطالب البدر المبدع الراغب في التفوق بأن يعرف موقعه الحقيقي أولاً، وأن يتقدّم بعد ذلك بخطوات واثقة نحو هدفه المنشود، وأضاف ما نصّه: "المسألة ما هي سهلة، إنما ممكنة بكل السبل، إذا كان عندك الموهبة وعندك الإصرار، وعندك الصبر على أن تصل فستصل، وابحث عن الرؤوس الكبيرة .. لا تقول إني بصير مثل رفيقي أو أحسن منه، لا لا، دوّر أكبر راس وحاول تتجاوزه".
فلسفة البدر في أهمية حضور الطموح لدى المبدع لكي يتمكن من تخليد اسمه مع الشعراء الخالدين فلسفة يجدها الناظر في قصائده أيضاً، وأوضح ما تكون في بيته الرائع:
لا تظن المسافر من يسوق الرحول
من وقف دون حلمه عاجزٍ ما رحل
هذا البيت يُعبر بلغته البسيطة والعميقة عن فلسفة البدر في موضوع الرحيل أو الانتقال، فالرحيل لا يعني الانتقال من مكان إلى مكان آخر كما يراه كثير من الناس، بل يعني مُلاحقة الأحلام والإصرار على تحقيق الطموحات مهما بدت للمرء بعيدة المنال وشبه مستحيلة.
وقد أشرت في سطور سابقة إلى أن مكمن الاختلاف في تجربة البدر وأبرز ما ميّزها ومنحها القدرة على التأثير في المتلقين على مدى نصف قرن هو السعي المتواصل لكي يكون مبدعاً مختلفاً عن الشعراء في أسلوب نظمه وفي ابتكار صوره الشعرية في جميع الأغراض، حتى أضحى من المألوف انتشار عبارات سلسة أبدعها في خارج سياقها الشعري، مثل: "آه ما أرق الرياض"، و"فوق هام السحب"، و"ليت الشوارع تجمع اثنين صدفه"، و"يالله لا تقطع رجا كل مشتاق" وغيرها، إضافةً إلى أبياته الرائعة التي جرت مجرى الأمثال كقوله في قصيدة (ديمة):
لو للزمن عن نيّة الغدر شيمة
ما فرّق أحبابٍ ولا بعّد أوطان
أو قوله في قصيدة (يا راحلين مناكيف):
يا حظ من لا عرف من هو ولا شيف
إن طاب يحمد، وإن تردّى بكيفه
أو تلك الأبيات بالغة الجمال في فلسفتها وفي صدق لغتها كقوله في بيت فريد ختم به رثائيته في الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله:
وليته لا رحل مثلك حفرنا في السحاب قبور
وعشنا في رجا وسمٍ نشوفك في مخاييل
في الختام أقول إن جميع الأعمال الرائعة في الميراث الأدبي للأمير الراحل بدر بن عبد المحسن، من قصائد، ودواوين، وأعمال غنائية، وأمسيات شعرية، ولوحات فنية، هي خطوات واثقة وطموحة تقدّم بها مهندس الكلمة على مدى خمسين عاماً من مسيرته نحو القمة، واستطاع بجدارة تخليد اسمه مع المبدعين العظماء الذين ماتوا ولن تموت إبداعاتهم.
بدر بن عبدالمحسن في أمسية مع الإعلامية منى طالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.