شفافية حسب الطلب

وسط تعالي أصوات المطالبين بكشف تفاصيل الدعم المقدم لجميع الأندية من برنامج الاستقطاب، وتشكيك إعلاميي وجماهير بعض الأندية بالبرنامج، وزعمهم بتفرقته بين الأندية، والطعن بحيادية البرنامج، والتشكيك في وقوف مسؤوليه على مسافة واحدة من جميع الأندية انطلاقًا من تصريحات بعض مسؤولي تلك الأندية، واستشهادًا بمصادر غير رسمية ومواقع انتقالات قائمة على اجتهادات صحفية؛ بات لزامًا على برنامج الاستقطاب برئاسة الأستاذ سعد اللذيذ قطع دابر تلك الأقاويل، والظهور بمؤتمر صحفي موسع يكشف من خلاله كل الأرقام وأدق التفاصيل لما قدمه البرنامج للأندية، ويرد فيه على كل التساؤلات والادعاءات والحقائق والأكاذيب.
ومع أني من دعاة الشفافية إجمالًا، ومن أوائل من طالبوا بها؛ انطلاقًا من كونها الحل الأمثل لقطع الطريق على من يريد أن يحرض ويهيج الجماهير على أطرافٍ أخرى للهروب من مسؤولية إخفاقه الإداري وفشله في تحقيق طموحاتهم؛ إلا أني أستغرب مطالبة البعض بالشفافية في مواطن، وتجاهل المطالبة بها في مواطن أخرى؛ وكأنَّ ما قدمته الدولة - حفظها الله - وما تقدمه وستقدمه محصور ببرنامج الاستقطاب.
برنامج الاستقطاب مسؤول عن دعم الأندية بعدد من نجوم كرة القدم العالمية وفق آلية معينة وميزانية مرصودة؛ لكنه غير مسؤول عن تسديد ديون تلك الأندية، وحل قضاياها الدولية، ولا عن الصفقات المحلية، ولا عن مخالصات المدربين، ولا عن التعاقد مع بدلائهم؛ لذلك فإن من يطالب برنامج الاستقطاب بتقديم كشف حساب رسمي لكل ما أنفقه على صفقات الأندية عليه أن يوسع مطالبه ويجعلها شاملة لكشف كل ما قدمته الدولة للأندية، ولا يحصر ذلك ببرنامج الاستقطاب؛ إن كان هدف أولئك الشفافية والعدالة بين الجميع.
برنامج الاستقطاب غير مسؤول عن سداد ديون النصر والأهلي والاتحاد التي وصلت إلى أرقام مرعبة، ولا عن حل القضايا الدولية لتلك الأندية التي كادت عقوباتها أن تصل في بعض القضايا إلى المنع من التسجيل، ولا عن استقطاب لاعبين محليين بعشرات الملايين مثل حسن كادش (60 مليونا)، وفيصل الغامدي (47 مليونا)، وعبدالله المعيوف (18 مليونا)، وصالح العمري (23 مليونا)، وسلطان الفرحان (15 مليونا)، وليس برنامج الاستقطاب من تكفل بفاتورة مخالصة مدرب الاتحاد نونو سانتو (4 ملايين يورو)، والتعاقد مع بديله مارسيلو غاياردو (20 مليون يورو)، وبالتأكيد ليس برنامج الاستقطاب هو من جلب للأهلي عبدالله عطيف من الهلال وسعد بالعبيد من التعاون، وعبدالله العمار من ضمك، وليس هو من دفع 35 مليون ريال لكسر عقد فراس البريكان مع الفتح ونقله للأهلي بعقد مدته 5 سنوات وبراتب سنوي يبلغ 10 ملايين ريال، - ومصادر الأرقام هنا للأمانة هي ذات المصادر التي يعتمد عليها عشاق العدالة الانتقائية في ظل غياب الشفافية الرسمية (اجتهادات صحفية، مواقع، يقولون) - فمن أين لها هذا؟!.
تريدونها شفافية وعدالة للجميع، أم تريدونها شفافية في مواطن و(استر ما واجهت) في مواطن أخرى؟! تريدونها عدالة في كل الدعم والإنفاق الحكومي على الأندية، أم تريدونها عدالة ومساواة مفصلة على مقاسكم ومقاييسكم؟!.
أبعدوا مؤسسات الدولة وبرامجها عن جهلكم وجهالاتكم، وتوقفوا عن تحريض الجماهير عليها للتنصل من فشلكم، أو للتنفيس عن غضبكم، أو لشيطنة خصومكم، وتأكدوا أن كشف الحساب الكامل لن يأتي على هواكم ولن يوافق أهواءكم.