يحل على المملكة العربية السعودية هذه الأيام، اليوم الوطني السعودي المجيد الثالث والتسعون، المصادف للأول من الميزان الذي يوافق الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، وهو فرصة كبيرة للأجيال الحالية والناشئة لاستلهام العبر والدروس والمواقف والتضحيات من الملحمة التاريخية التي تجلت في أبهى صورها وسطرها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- ورجاله الأوفياء في توحيد هذه القارة المترامية الأطراف. لم يكن طريق الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في توحيد المملكة مفروشًا بالورود، بل كان طريقًا شائكًا وبالغ الوعورة والصعوبة، لكن إرادته وعزيمته القوية كانت أقوى من كل تلك الظروف والصعوبات، فقد استطاع بعد توفيق الله أن يتغلب على كل الظروف القاهرة وأن يذلل جميع الصعاب التي واجهته في ملحمة التوحيد المباركة، التي انطلقت من العاصمة الرياض لتمتد شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، لتسجل بذلك أعظم وحدة في التاريخ ليس في الوطن العربي فقط، ولكن في العالم أجمع. كان مجتمع الجزيرة العربية يعيش حالة من التشرذم والتناحر والانشقاق، وكان الثالوث الخطير الفقر والجوع والمرض سيد المشهد، وبعد أن منّ الله على المملكة بنعمة التوحيد على يد مؤسسها البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، تبدلت الأحوال وانتقلت البلاد إلى أفضل حال وعم الأمن والرخاء جميع أرجائها الشاسعة. بعد أن انتهى الملك المؤسس -رحمه الله- من توحيد المملكة، تفرغ لبناء وطنه وإرساء دعائم ومقومات الدولة الحديثة، واضعًا نصب عينيه العمل على توفير مقومات الحياة الضرورية لمواطنيه، حيث اهتم بالأمن والتعليم والصحة وإنشاء الطرق لربط مناطق المملكة المتباعدة ببعضها البعض. لم يقف الملك المؤسس -رحمه الله- عند هذا الحد، بل ذهب بعيدًا في تفكيره وعمله، حيث قام بإنشاء الوزارات والسفارات والبعثات الدبلوماسية، لكي تضطلع بمهامها ومسؤولياتها في خدمة الوطن والمواطن، كما استطاع أن يبني ويمد جسور العلاقات السياسية والاقتصادية مع أهم دول العالم في ذلك الوقت، مما مكنه من بناء دولة حديثة تتوفر بها مقومات العيش الكريم لمواطنيها والمقيمين على أراضيها. وفي هذا العهد الزاهر عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-، تتواصل مسيرة البناء والنماء بسرعة كبيرة، لبناء دولة عصرية وفق أحدث المقاييس العالمية، مستوحيةً ذلك من رؤيتها المباركة 2030م، التي شملت جميع مجالات وميادين الحياة العلمية والعملية دون استثناء. كل عام والوطن وقيادته الرشيدة وشعبه بالف خير، ويرفل في ثياب العزة والسؤدد والتمكين. * أستاذ نظم الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية بجامعة الملك سعود