وزارة الموارد البشرية لديها طريقة لافتة في مكافأة الملتزمين بنسب التوطين، ويكون عن طريق السماح لهم باستقدام الأعداد التي يحتاجونها، وبصرف النظر عن حاجة الاقتصاد المحلي لمن سيتم استقدامهم، ما دامت الوظائف خارج دائرة التوطين، والمفروض أن يحدد العدد المطلوب من قبل الدولة وليس وفق رغبة الشركات.. في الفترة ما بين عامي 2017 و2023 صدر قرابة 45 قرار توطين وظيفي، وذلك في قطاعات التأمين وعقود التشغيل والصيانة والإيواء السياحي، ومعها مهن الصيدلة والسلامة والاتصالات وتقنية المعلومات، وقطاع التجزئة والجملة ومنافذ البيع والمهن الهندسية والقانونية والعقارية، والتعليم الجمركي وتعليم قيادة السيارات، والمهن الصحية والتسويق والترجمة والسكرتارية وإدارة المخزون، ومدن الملاهي والمراكز الترفيهية والطيران وغيرها، ورغم هذا ما زالت أعداد العمالة غير السعودية في سوق العمل المحلي تتجاوز الستة ملايين شخص، ما يعني وجود تعثرات غير ظاهرة للتوطين، والسبب قيام بعض شركات القطاع الخاص السعودية بإعادة توجيه هولاء الموظفين الأجانب، وتوظيفهم على وظائف أو منشآت مرتبطة بها ولم يشملها التوطين، ومواصلة الاستفادة من خدماتهم القديمة. حتى أن الحوالات الخارجية للعمالة غير المواطنة لم تتراجع ما بين عامي 2015 و2021 إلا في حدود 800 مليون دولار، أو من 41 مليار وست مئة ألف دولار إلى 40 مليار وثماني مئة ألف دولار، والمتوقع تخطيها لأرقام 2015 في الوقت الحالي، بالإضافة إلى أن الأجانب ما زالوا مسيطرين على 75 % من القوى العاملة في السوق، ولا يدخل فيما سبق الكفاءات الأجنبية المميزة ممن تمت الاستعانة بها في شركات وهيئات حكومية، لأنهم إضافة مطلوبة في نقل المعرفة والمهارة والمنافسة في السوق العالمي. بخلاف وجود أعباء غير مفهومة على الاقتصاد السعودي، فهناك أكثر من مئة ألف عامل أجنبي كل ما يقومون به هو تعبئة السيارات في محطات البنزين، وهذه الممارسة انقرضت في أميركا وأوروبا، والمفروض الاستغناء عنهم بالكامل، وذلك عن طريق إلزام أصحاب المحطات بتركيب مكائن ضخ آلية، ومن ثم الدفع إلى كاشير المحطة السعودي بالبطاقة المصرفية، وبما يوفر أجور عمالة أجنبية لا نحتاجها، ويرفع من راتب كاشير المحطة، ويساعد السعوديين على التخلص من عادة الاستعانة بالغير في أداء مهام بسيطة، لمجرد أنهم لا يرغبون في الحركة، إلى جانب التخلص من الأساليب البدائية في تنظيف الشوارع وجمع النفايات، ومن استخدام الآلاف من عمال النظافة للقيام بالمهمة، وإحلال آليات لتنظيف الشوارع وجمع النفايات محلهم، وبشرط أن يعمل عليها سعوديون برواتب كافية في الفترة المسائية الهادئة، ووفق جدولة معتمدة للأحياء والمواقع المختلفة، ولعلها تدخل ضمن أفضل الممارسات في مجالها. بالإمكان الوصول إلى خفض معدلات البطالة إلى 7 % في فترة قياسية، وبطريقة رياضية معروفة، تقوم على تثبيت العدد الحالي من السعوديين (في المقام) وزيادة أعداد العمالة غير السعودية (في البسط)، لأن الحساب المعمول به لا يقارن بين السعوديين العاملين والعاطلين، ولكن بين السعوديين العاطلين وإجمالي العاملين والعاطلين في سوق العمل السعودي، ومن مختلف الجنسيات، والشاهد أن نسبة البطالة في 2021 كانت 11 % وفي العام الجاري تراجعت إلى 8 %، بحسب الأرقام الرسمية، وهذا التراجع إعجازي ويحتاج لمراجعة وتدقيق. الأمر الآخر يتمثل في التحاق 20 % من خريجي الثانوية بالتعليم الفني والمهني، والرؤية تستهدف رفعها إلى 40 %، والأنسب فتح فرص عمل جاذبة لاستقطابهم، كما هو الحال في ألمانيا، التي يلتحق فيها 40 % من خريجي التعليم ما دون الجامعي بالتخصصات المهنية والفنية، بفضل الرواتب العالية للعاملين في هذا القطاع، وغالبية الموظفين في (إيرباص) البريطانية من الفنيين، ويحملون شهادات الدبلوم وليسوا مهندسين وليس لديهم بكالوريوس، والتجربة موجودة في أرامكو والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وبالإمكان توظيف نموذج عملها وتطويره، وبما يحقق زيادة مساهمة أصحاب العمل من المواطنين في السوق السعودي، ويرفع نسبتهم من 51 % إلى متوسط النسب العالمية والذي لا يقل عن 75 %، مع التخفيف من شروط الخبرة في العقود الحكومية، والتي تصل إلى 15 عاماً أحياناً في أمور لا تستحق. وزارة الموارد البشرية لديها طريقة لافتة في مكافأة الملتزمين بنسب التوطين، ويكون عن طريق السماح لهم باستقدام الأعداد التي يحتاجونها، وبصرف النظر عن حاجة الاقتصاد المحلي لمن سيتم استقدامهم، ما دامت الوظائف خارج دائرة التوطين، والمفروض أن يحدد العدد المطلوب من قبل الدولة وليس وفق رغبة الشركات، ومن الأمثلة، أن أستراليا تعداد سكانها 25 مليونا واقتصادها يفوق تعدادها بنسبة 50 %، وكل التأشيرات التي تمنحها للعمل والهجرة معاً، لا تزيد على 300 ألف في العام الواحد، بينما في المملكة، وخلال 12 شهرا امتدت ما بين عامي 2018 و2019، جرى إصدار مليون ونصف المليون تأشيرة عمل، والتجربة الأسترالية والكندية تناسب المملكة، لأنها تحدد التأشيرات بنوعية الوظيفة، وبفترات زمنية مدتها من عامين إلى ستة أعوام لا تقبل التجديد، وعلى العامل مغادرة الدولة بمجرد انتهائها ما لم يغير مساره إلى الإقامة الدائمة، وتوطين العاملين غير السعوديين في الوظائف البسيطة بالقطاع العام، وأعدادهم تصل إلى 114 ألفا، فمن غير المعقول مطالبة القطاع الخاص بالالتزام، والقطاع العام لا يقدم نموذجاً محفزاً.