يعد العرب بحسب العالم الألماني نيبور من كبار ناظمي الشعر وذكر أثناء تجواله في الجزيرة العربية سنة 1762م أن أشعار العرب تحصد كثيراً من الجوائز ويشاع عن البدو الرحل منهم بأنهم يتكاثرون في مدينة "ضيوف"؟؟ في اليمن. واستشهد بقصة حدثت في سنوات خلت إذ كان أحد شيوخ هؤلاء العرب مسجوناً في صنعاء وشاهد صدفة على السطح المقابل له عصفوراً فتذكر أن نساك بعض العرب يؤمنون بأن من يطلق سراح عصفور محبوس في قفص ينال رضا الله عليه، وخطر له بالتالي المطالبة بحريته شأنه في ذلك شأن ذلك العصفور فنظم إثر ذلك شعراً تناقله في البدء حراس السجن لينتشر لاحقاً في أنحاء البلاد كافة، ويبلغ مسامع الإمام الذي وجده جميلاً جداً فعفا عن الشيخ المتهم باللصوصية، ويمضي إلى أنه في بعض الأحيان يتغنى العرب بمآثر شيوخهم وبانتصاراتهم وأورد بعض القصص في ذلك، وقد روى له كما يقول ماروني يدعى عبد ابن شديد كان يمضي العام 1771م في كوبنهاجن أن أميراً من جبل لبنان حين أمر السلطان بقتل عساف باشا الذي ترأس قوافل الحج لعدة سنوات نظم له العرب البدو قصيدة مؤثرة كانت تغنى في جميع أنحاء مدن الشام واستطاع نيبور ترجمتها كنموذج لشعر العرب (أغلب ترجمته لمعاني القصيدة غير واضح)، وقال له الماروني نفسه: إن شعراء العرب في سوريا يرسلون أبياتهم إلى علماء جامع الأزهر في القاهرة ليتم إقرارها، حيث لا يغنون أشعارهم في المقاهي العامة إلا بعد ما يعودون بها مختومة بختم الأزهر حيث تنتشر في القاهرة ودمشق وحلب والموصل وبغداد والبصرة مقاهً كبيرة تضاء ليلاً بالمصابيح لا يرى فيها إلا حصراً مفروشة على الأرض أو على مقاعد حجرية وأباريق من القصدير على النار وعدداً لا يحصى من الفناجين وتقتصر قائمتها على الغليون التركي أو الفارسي والقهوة السوداء فلا يبدد الناس أموالهم أو يسرفون في شرب المشروبات، وكان أسلافهم القدامى شديدي التحفظ إلى حد أنهم كانوا يقدمون في الحانات الماء فقط إلا أنها تتوفر لديهم ألعاب مختلفة يبرعون فيها ومنها الشطرنج ولكنهم لا يلعبون عند المساء أو يراهنون عليها بالمال كما أنهم لا يحبون التنقل ويقضون ساعات طويلة في المكان الذي جلسوا فيه منذ البداية دون أن يتكلموا مع أحد وفي أحيان يجتمعون بأعداد كبيرة في تلك المقاهي حيث يلقى الشعر والقصص والحكايات والعلوم الأخرى ولا يقضون وقتاً ممتعاً ما لم يبذل القارئ جهوداً في تسليتهم. وبحسب وصفه: غالباً ما يكون القارئ عالماً فقيراً يرتاد المقهى في ساعات محدودة ليقرأ للساهرين قصصاً مختلفة ومنها قصة عنتر بن شداد أو قصة رستم الفارسي أو قصة الملك المصري بيبرس أو قصص الأيوبيين الذين حكموا هذه البلاد أو قصة بابلودان وهو المهرج في بلاط الخليفة هارون الرشيد وذلك من كتاب يتضمن أيضاً مغازي حسنة، وكان البلغاء منهم يقرؤون القصة بأسلوبهم الخاص وعندما ينتهون يبدؤون بجمع الصدقات من المستمعين ورغم ضآلتها إلا أنه يحث الشيوخ الفقراء على تعلم الحكايات وتلاوتها بشكل لائق ومشوق فضلاً عن تأليف القصص والخطابات وتشبه هذه المجالس تلك التي كانت تعرف قديماً بالمقامات. وعلم في حلب أن رجلاً قد جال على المقاهي ليتلو فيه خطابات أخلاقية حتى قال نيبور: فإن كنا نرى الخطباء في المقاهي يحق للعرب أن يقولوا إنهم سيصغون للكبار منهم في الجوامع. ويختم نيبور قائلاً: إنه سيتحدث أيضاً في عرض وصف رحلاته عن الموسيقى الآلية والصوتية والفانوس السحري ومسرح العرائس وغيرها من وسائل التسلية الشائعة في مقاهي العرب، وقد فصلها في كتابه مع جزمه أن ذلك لن يروق للأوربيين بتاتاً. لم يستعلم عن وسائل الترفيه والمقاهي في اليمن لكنه يظن أن الخطباء والشعراء يكثرون في هذه المجالس خاصة صنعاء وعلم أنهم في القسطنطينية يحظر عليهم لأسباب سياسية إقامة المجالس التي تقدم فيها القهوة لذلك فهي خالية من المقاهي وبدا له بالفعل أن الأتراك لا يحبذون بشكل عام خطباء الحانات. الشطرنج أهم وسائل التسلية سيرة عنترة مساحة للخيال الفكري سعود المطيري