بعد وصول الرحالة الإنجليزي حائل عام 1878م وكان دخوله كما قال من خلال سوق حائل المكان المربع الطويل "المسحب حسب وصفه" الذي يقع قبل القلعة "القصر" تحت الرواق التالي. الذي هو ملجأ لأجل المسافرين البدو الفقراء. أناخ نصر جمله على عجل وهو يقوم بإنزال الحقائب وانصرف عنه إذ كان البدوي البائس حسب قوله خائفا. سأل خادم الأمير الآتي مرة أخرى من القصر ليستفسر للمرة الثانية عن صحته بدا أنه كان يتمنى للغريب خيرا كما قال داوتي لكنه في ذلك يخشى الملامة كونه نصرانيا - تركه ودخل بوابة القصر ليتكلم من جديد مع الأمير. كان الخادم في خدمة رجل مهم فكان جبانا، غاية الحياة بالنسبة إليهم جميعا هي أحداث أقل إزعاجا فقد كان خادما يخصص للأمير مقعد عام معين. تحت ديوان أو قهوة الأمير على المسحب حيث يجلس في حاشية من رفاقه في كل مجلس، لم يكن الناس في الحي قد لاحظوا النصراني بعد. فتابع داوتي الجلوس بعض الوقت منتظرا. في أثناء ذلك ضن أنهم كانوا يناقشون أمر حياته داخل تلك الجدران الترابية للقلعة. هكذا قال وأنه لحظتها كان لديه شعور بأن الفضول والجشع العربيين سوف يؤمنان له فترة أخرى من الراحة. كان على الأقل يأمل العثور على شخصا ينجده من الجوع ويدعوه للفطور!! في الطرف الآخر من المسحب وحسب وصفه كان ثمة قطعان من الجمال المناخة، كانت لجماعات البدو الذين يصلون يوميا ليعالجوا أمورهم مع الأمير. تجمع حول الإنجليزي الغريب بعض البدو الذين دهشوا لرؤية هذا الأوروبي تحت هذا الرواق. شاهد داوتي شخصا معينا خرج من بوابة القصر تحت برج صلصالي بمظهر أنيق جيد، يمشي على عكازه منصّبة ويقترب منه. كان هذا هو مفرج رجل المضيف أو صاحب التشريفات وهو أجنبي كما يقول مثل الكثيرين في حائل الذين يخدمون الأمير وكان تحديدا من بلدة عنيزة في القصيم التي هجرها أهلها تلك الفترة على إثر محنة رهيبة وعد داوتي بذكرها فيما بعد. وقد جاء القيّم الوسيم ليدعو الغريب إلى الفطور. لكنه قاده أولا مع ناقته من خلال المسحب إلى المكان المخصص لضيافته في أقصى صف حجيرات الضيوف ثم أدخله عن طريق بوابة القلعة إلى قاعة القهوة الكبيرة التي هي قاعة الضيوف وخدمة الأمير في القلعة – في هذه الساعة بعد وقت طويل من تناول الجميع لطعام الإفطار وانصرافهم – كانت خاليه، لكنهم أرسلوا في طلب مقدم القهوة. أعجب داوتي بالابعاد النبيلة لهذه القاعة الصلصالية. كما أعجب من قبل بالقصر الهائل – الأسوار الشامخة المطلية بمهارة بالمغرة والجص وصف الأعمدة الطويلة التي كانت في المنتصف تدعم السقف المفلطح البسيط من خشب الأثل وحصيرة سعف النخيل المطلي بشكل جميل والمورنش بدخان الضيافة اليومية. تحت الجدران توجد مقاعد من الصلصال مفروشة بالسجاد البغدادي. عند المدخل ينتصب حوض كبير مطلي بالقصدير والنحاس أو "بحرة" الماء مع كوب مربوط بسلسلة (يعاد ملؤها يوميا من قبل حريم المطبخ العمومي من ماء السماء) من هناك ينهل مقدم القهوة ويشرب من يكون عطشانا. في الطرف العلوي من هذه القهوة الأميرية يوجد موقدان حيث تحرق أدغال الصحراء في الطقس البارد وتضرم النار تحت قدور القهوة العملاقة في موقد صلصالي مثل أفران الحدادة. استدعاه مفرج في الحال للخروج إلى قاعة الضيوف وهي ضمن أبنية القصر وكان فناء مربعا محاطا بأروقة معمدة وعليها توجد قاعة حيث يمر الضيوف بمدفعية الأمير التي هي عبارة عن خمس أو ست قطع صغيرة من المدفعية كان حديدها عتيق وخشبها خرب. وكما يقول يأكل العامة في الأسفل أما الشيوخ والرجال المهمون ومرافقوهم فيأكلون في الصالات. قاده مفرج إلى الطابق العلوي إلى مكان مفروش بسجادة مبقعة بنوى التمر القديمة – هنا جلس داوتي وقدم له التمر ثم تجول في الصالات حيث كانت ترفرف حمامات منزلية بيضاء وجد أن هذه الصالات ذات الأرض الطينية يبلغ طولها ثمانون قدما وهي محمولة على خمسة أعمدة مدورة ذات تيجان بدائية من ناب القرش ولدى ظهور مفرج مرة أخرى أعيد إلى المضيف حيث كانت القهوة جاهزة حينما دخل شاب يتألق بملابس حريرية وكان سكرتير الأمير الذي بدأ يسأل بكلمات قليلة تنم كما قال بالاحتقار: أقول .. إيه .. من أنت؟ من أين تنحدر؟ ولماذا جئت؟ يقول داوتي فأجبت على الطريقة البدوية: "يا ولد" لا أستطيع أجيب إلا على سؤال واحد دعني أسمع ما هو سؤالك الأول. أظهر الشاب فليلا من الحياء للكلام المتحرر لرجل فقير. فهمس له صوت صديق. "عامله باحترام أكثر" لأن هذا هو نصر هذا ما قاله نصر حينما قال الشاب هيا انهض .. الأمير يطلبك .. فخرجوا باتجاه الأمير.. (يتبع) بيوت حائل الطينية القهوة سعود المطيري