شهدت السلع انتعاشاً واسعاً خلال الأسبوع الماضي، وارتفع مؤشر بلومبرج للسلع بنسبة 21 % بارتداد تخطّى نصف التصحيح في منتصف مايو، وحصدت معظم القطاعات مكاسب عديدة، وفي مقدّمتها تلك التي تعتمد على النمو مثل المعادن الصناعية والطاقة. واستقطب التفاؤل بالنمو العالمي إلى جانب الجهود المتزايدة للحد من انبعاثات الكربون والإنفاق الحكومي اهتماماً متجدداً، لا سيّما بعد إعلان الرئيس بايدن عن خطة موازنة يصل فيها حجم الإنفاق إلى 6 تريليونات دولار لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، فضلاً عن الانتعاش المستمرّ لقطاع التنقّل العالمي، بغض النظر عن بعض المناطق التي تعاني من انتشار فيروس كورونا المستجدّ في آسيا. النحاس والنفط الخام والبن والذرة وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك، إن هذا هذا التصحيح جاء بدعم محاولة السلطات الصينية تقليص مشاركة المضاربين في بعض الأسواق الرئيسية، وبالرغم من الانتعاش القويّ قبل عطلة نهاية الأسبوع، حظي هذا الإجراء المتّخذ للحد من المضاربة والتخزين ببعض النجاح فيما يتعلق بالسلع التي تركّز على الصين مثل الحديد الصلب والحديد الخام. وبشكل عام، يستبعد أن يُحدِث الإجراء تأثيراً دائماً على معظم السلع الأخرى لأسباب ليس أقلها التركيز المستمر على انتعاش الطلب بقيادة الأسواق المتطورة، والذي قد يحوّل المستهلكين الغربيين إلى مشترين هامشيّين، وهو الدور الذي تلعبه الصين على مدار العقدين الماضيين. وإضافة لقدرٍ معيّن من الطلب الاستثماري من المضاربة والتحوّط من التضخّم، يمثّل ارتفاع الطلب المادي خلال فترة العرض غير المرن، ولا سيّما في المعادن الصناعية حيث يمكن أن تستغرق مشاريع التعدين الجديدة سنوات قبل تشغيلها، بعضاً من الأسباب الرئيسية التي تدفع السوق للحديث عن استمرار الدورة الفائقة للسلع. ويقترن انتعاش الطلب مع قلّة العرض ليواصل تعزيز جاذبية السلع لاهتمام العالم المادي والمستثمرين الساعين للتحوّط ضد فترة طويلة من التضخّم، ولا يزال الجمع بين حكومات الإنفاق الحرّ والبنوك المركزيّة المندفعة بقوّة للحفاظ على أوضاع نقدية متساهلة أشبه بمزيج قويّ يمكن أن ينتهي بالتضخّم إلى حالة غير مؤقّتة. ومؤشر انفسكو دي بي للسلع ارتفع بنسبة 27 % منذ عام وحتى الآن، حيث أصبح الرمز DBC صندوقاً متداولاً في البورصة بقيمة سوقيّة تبلغ 2.5 مليار دولار؛ ويتتبّع أداء مؤشر DBIQ للعائد الأمثل المتنوّع على السلع، مع انكشاف في 14 سلعة آجلة مختلفة ومقسّمة بين الطاقة (60 %) والمعادن (19 %) والزراعة (21 %). وبلغ الذهب أعلى مستوياته في أربعة شهور قبل الدخول في ما يبدو أنه مرحلة توطيد طال انتظارها. وشهدت تداولاته بعض الليونة مع نهاية الأسبوع بعد أن لامس المستوى الرئيسي التالي للمقاومة عند 1923 دولار، بارتداد 61.8 % عن التصحيح بين شهري أغسطس ومارس. وفي حال اختراقه، سيشير هذا المستوى إلى انطلاقة متجدّدة نحو أعلى مستوى قياسي في أغسطس ليصل السعر إلى 2074 دولارا، وارتفعت نسبة أسعار أونصة الذهب مقابل الفضة نحو أعلى مستوياتها في شهر واحد، فيما اتسع الفارق أمام البلاتين إلى 710 دولار بعد أن كان 500 دولار مؤخراً. ومن وجهة نظر فنية، يمكن أن يستهدف أي اختراق تحت 1890 دولارا مستوى 1870 دولارا، متبوعاً بمتوسط متحرّك على مدى 200 يوم، يبلغ حالياً 1843 دولارا. وكما العادة، ستتمثل المحركات الرئيسية في التطورات التي ستطرأ على الدولار والعائدات التي تعززت هذا الأسبوع، إضافة إلى مقدار الأموال التي تتبع التوجه طويل المدى وما زالت بحاجة لمعايرة مراكزها بما يعكس التحسّن الأخير في التوقعات الفنّية. وارتفعت أسعار النحاس ليعيد تتبّع أكثر من نصف تصحيحه الأخير بنسبة 9 % جراء المخاوف من حجم العرض، وبعد استنتاج السوق أن الإجراءات الصينية للحدّ من المضاربة والتخزين ستركز في المقام الأول على قطاع الصلب المسبّب لمستويات تلوّث مرتفعة. وتعزّزت المعنويات بفضل تهديدات إضراب مجموعات فردية من شركة بي إتش بي في تشيلي، والتي تدير أكبر منجم للنحاس في العالم. ويرجع ذلك بشكل أساسي لاحتمالات الطلب القوي والمتزايد على مدار السنوات المقبلة على ما يسمى بالمعادن الخضراء، مثل النيكل والألمنيوم والبلاتين والنحاس شديد الأهمية. وبعد تصحيحه السطحي إلى أدنى مستوياته في شهر واحد عند 4.44 دولارات للرطل، انتعشت أسعار النحاس عالي الجودة مع اختراق فوق 4.72 دولارات، ما قد يشير إلى عودة نحو الذروة في 10 مايو عند 4.88 دولارات وما فوقها. وحققت الذرة أعلى أسعار لها منذ عامين لتعزز انتعاشها بعد خسارتها الأخيرة التي نجم عنها تصحيح شامل بنسبة 18 %. وجاء ذلك بعد بيانات التصدير الأسبوعية التي أظهرت ثاني أكبر عملية بيع على الإطلاق منذ عام 1990، وبعد أن سجل أدنى مستوياته في شهر يوم الأربعاء عند 6.03 دولارات، ارتفع عقد يوليو ضمن الحدود التي تسمح بها البورصة عند 6.6450 دولارات، ما أدى لارتفاع كل من القمح وفول الصويا بشكل خاص.