شهدت تداولات قطاع السلع انخفاضاً للأسبوع الثاني على التوالي، وكانت السوق مُعرضة بوتيرة مُتزايدة لخطر وقوع تصحيح بعد الارتفاع المُسجّل في شهر أبريل، وقاد هذا التراجع قطاع النفط بعد انخفاض تداوله تحسّباً لزيادة إمدادات النفط الإيراني، على خلفية التقدّم المُحرز بشأن رفع العقوبات الاقتصادية، وعانى قطاع المعادن الصناعية من الخسائر بعد ضغوطات الحكومة الصينية لكبح ارتفاع أسعار السلع عبر الإعلان عن جهودها للحد من التضخم في قطاع السلع. وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك، لقد سجلت تداولات القطاع الزراعي مستوياتٍ متباينة؛ حيث تراجعت أسعار القمح وفول الصويا بالتوازي مع تحسن الطقس في الولاياتالمتحدة، فيما ارتفعت أسعار القهوة وسط مخاوف من موجات الجفاف في البرازيل. وارتفعت تداولات السلع الخفيفة بقيادة القهوة العربية التي تصدرت الأداء خلال هذا الأسبوع، بعد أن قفزت بنسبة 5% إلى أعلى مستوى لها في أربع سنوات. ويؤدي الجفاف المستمر في البرازيل إلى الإضرار بالنباتات خلال مرحلةٍ رئيسية في تطورها، كما تسبّبت التأثيرات الشديدة لموجة الجفاف خلال عام 2020-2021 بتقليص عدد العقد والبراعم الجديدة التي تكوّنها الأشجار لحمل الحصاد الرئيسي لموسم 2022. ومع أخذ هذه التطورات بالحُسبان خلال الفترة المُقبلة، قد نشهد تحولاً من الارتفاع المتزامن الذي ساهم في دعم القطاع الزراعي خلال الأشهر الأخيرة إلى الاعتماد على نهجٍ أكثر انتقائية يعتمد على التطورات الفردية. وانخفض مؤشر بلومبيرغ للسلع بنسبة 1.1%، مما يدعم تراجع التوقعات بشأن التضخم الأمريكي؛ حيث انخفضت عائدات التعادل لأجل 10 سنوات بواقع 10 نقاط أساس إلى 2.45%. وسرعان ما سلكت هذه التطورات مساراً مُعاكساً بعد ارتفاع الدولار اللاحق لاجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة، ليبلغ سعر صرف زوج عملات اليورو/الدولار الأمريكي أعلى مستوىً له منذ شهر يناير. وإلى جانب تلك المُستجدات، فرض ارتفاع المخاطر الناجم عن انهيار سوق العملات الرقمية المشفرة يوم الأربعاء تأثيرات سلبية على قطاع السلع عموماً، باستثناء الذهب الذي كان بمنأى عن ذلك بسبب اندفاع المستثمرين إلى شراء المعدن الأصفر لصعوبة تحمّلهم للتقلبات الكثيرة في سوق البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى. وبقيت التوقعات الإجمالية بشأن صعود أسعار السلع على حالها بدون تغيير، ورغم الترجيحات بتوقّف الارتفاع في قطاع الطاقة لحين التأكد من أنباء الجانب الإيراني والتعامل مع انتشار كوفيد-19، نتوقع أن يستمد قطاعا التصنيع والمعادن الثمينة دعماً جيداً لأسباب أساسية مختلفة. من جهة ثانية، بدأت حالة من الضعف الشرائي لدى المضاربين بالظهور قبل موجة التراجع الأخيرة. واختارت صناديق التحوط تقليص انكشافها عوضاً عن الاهتمام بالارتفاعات الجديدة، وفقاً للبيانات الواردات في تقرير التزامات المتداولين للأسبوع المنتهي في 11 مايو، والذي شهد تسجيل ارتفاعات جديدة في سوق السلع الأساسية مثل النحاس والذرة. وكانت وتيرة الانخفاض محدودة حتى الآن، لكنها لا تزال تُظهر أن القطاع قد يكون مُقبلاً على فترة تماسك. وشهدت المعادن الصناعية الأساسية تداولاً منخفضاً، مع حصول النحاس عالي الجودة على فترة راحة مواتية جاءت بعد صعوده في حالة شبه عمودية مؤخراً. ورغم أن التوقعات الأساسية لا تزال قوية للغاية خاصة بالنسبة للنحاس في ضوء التركيز على المعادن الخضراء للحد من الانبعاثات الكربونية عالمياً، حظي بعض المستثمرين بفرصة أخذ الأرباح بينما شعر آخرون بالقلق بشأن تهديدات الصين، التي تُعتبر أكبر مستهلك في العالم، بكبح ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وتزامن ذلك مع ورود تعليقات خلال الأسبوع، مفادها أن السلطات ستُعزز إدارتها للعرض والطلب على السلع للحد من الزيادات غير المنطقية للأسعار. من ناحية أخرى، قد يؤدي ارتفاع سعر النحاس بأكثر من الضعف منذ عام 2020 إلى التأثر بموجة تصحيح بنسبة 15%، لكن بدون كسر التوجه الصاعد طوال العام، ومستبعد حدوث تصحيحٍ بهذا الحجم لأن الدعم قصير الأمد يتراوح بين 4.30 و4.37 دولار، ما يمثل جانباً هبوطياً إضافياً بنسبة 6%. وشهدت السلع الزراعية أداءً متبايناً خلال الأسبوع، حيث انخفضت تداولات فول الصويا بنحو 4%، بالتوازي مع انحسار الزخم الصعودي والتقدم المتسارع للإنتاج الزراعي الأمريكي، بينما انخفض القمح لمدة أسبوعين بنسبة تخطّت 11% نتيجة الأمطار الغزيرة في ولاية كانساس التي تُعتبر الأكثر نمواً في إنتاج القمح والحبوب، ما يزيد من احتمالات تسجيل عوائد قياسية، وسجلت تداولات الذرة ارتفاعاً ملحوظاً مع شح العرض، والتركيز على النشاط الشرائي الصيني الذي يشهد حالياً مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى زيادة الطلب من قطاع الوقود المتجدد.