أخذت مزادات بيع الأراضي في السعودية خلال الفترة الأخيرة مسارًا مختلفًا عن هدفها الأساسي المتمثل في تنشيط السوق العقارية وتوفير فرص عادلة للشراء، إذ تحولت – بحسب مراقبين – من منصات تنافسية شفافة تخدم المواطنين والمستثمرين الصغار، إلى ساحات تنافس محتدم بين كبار تجار العقار، ما أسهم في رفع الأسعار بصورة حادة وأحدث تشوهات واضحة في آليات العرض والطلب، انعكست في نهاية المطاف على المستهلك النهائي. ويشير مستثمرون إلى أن قاعات المزادات تشهد في ظاهرها حضور عشرات المزايدين، إلا أن المنافسة الفعلية غالبًا ما تنحصر بين عدد محدود من كبار التجار الذين يمتلكون القدرة المالية على رفع الأسعار بصورة متكررة، حتى تصل قيمة الأرض إلى مستويات تفوق سعرها الحقيقي في السوق. وفي هذا السياق، يقول المستثمر العقاري عبدالله رائد إن ما يجري في بعض المزادات يمكن وصفه ب«المزايدة المفتعلة»، حيث يتم رفع الأسعار دون مبررات سوقية حقيقية، الأمر الذي يؤدي إلى تضخم أسعار الأراضي، لينعكس لاحقًا على أسعار المخططات السكنية والوحدات الجاهزة. صعوبة المنافسة من جانبه، أوضح المطور العقاري إبراهيم الأحمدي أن المواطن العادي لم يعد قادرًا على المنافسة في هذه المزادات، معتبرًا أنها باتت «معركة رأسمال» أكثر من كونها مزادًا عادلًا للبيع، وهو ما يضعف فرص تملك الأفراد ويحد من قدرة المطورين الصغار على الدخول في السوق. وأضاف أن سيطرة مجموعات محددة من التجار على جزء كبير من الأراضي المتداولة في المزادات تخلق ما يشبه الاحتكار غير المباشر، حيث يجد المطورون الصغار أنفسهم خارج دائرة المنافسة أمام سيولة كبار التجار، رغم امتلاكهم خططًا تطويرية حقيقية. وتشير تقديرات بعض المستثمرين في السوق العقارية إلى أن عددًا من المزادات يُحسم عمليًا لصالح جهات معينة من خلال تفاهمات غير معلنة، ما يقلص فرص التنافس الحقيقي ويضعف دور الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد أحد الأعمدة الرئيسة للسوق السكنية. ويؤدي هذا الواقع إلى اختلال في توازن السوق، ويحد من تنوع المعروض، ويرفع مستويات المخاطرة أمام الداخلين الجدد. آثار المنافسة ولا تقتصر آثار هذا التنافس الحاد على قاعات المزادات فقط، بل تمتد مباشرة إلى خطط التملك السكني. وفي هذا السياق، أكد مالك أراضٍ في شمال جدة منصور عبدالمجيد أن ارتفاع أسعار الأراضي الناتج عن هذه الممارسات ينعكس مباشرة على أسعار الوحدات السكنية، ما يجعلها أعلى من قدرة شريحة واسعة من الأسر، خصوصًا في المدن الكبرى. وأوضح أن سعر الأرض يمثل نصف مشكلة الإسكان، إذ يؤدي تضخمه إلى مضاعفة تكاليف التطوير والبناء، ويضعف فرص توفير مساكن ميسرة. أمام هذا المشهد، تتزايد الدعوات إلى إعادة تنظيم المزادات العقارية وتشديد الرقابة عليها، سواء من خلال وضع سقوف للمزايدات، أو فرض ضوابط تحد من الممارسات التي تستهدف رفع الأسعار دون نية حقيقية للشراء، إضافة إلى تقنين دور المكاتب العقارية غير المرخصة التي تسهم أحيانًا في تأجيج الأسعار عبر دور الوسيط. كما يدعو مختصون إلى نشر بيانات المزادات بشفافية أكبر، بدءًا من أسعار الافتتاح وصولًا إلى أسماء الجهات الفائزة، بما يسهم في الحد من التلاعب ويعيد الثقة إلى السوق. لائحة تنظيم العقار وفي هذا الإطار، أكدت الهيئة العامة للعقار أن اللائحة التنظيمية للمزادات العقارية وضعت مجموعة من الأحكام الصارمة لضمان النزاهة والشفافية، حيث ألزمت المرخص له بإدراج نشرة المزاد العقاري على المنصة الإلكترونية قبل طرحها للعموم، متضمنة تفاصيل دقيقة تشمل مكان وطريقة ووقت إقامة المزاد، وبيانات العقار المساحية وموقعه ومواصفاته وحالته، ونوع التصرف محل المزاد، إضافة إلى الإفصاح عن الحقوق العينية المرتبطة بالعقار، والنزاعات القائمة إن وجدت، وأي رهن أو قيد يؤثر في الانتفاع منه، فضلًا عن الحقوق والالتزامات غير الموثقة في وثيقة العقار. وأوضحت الهيئة أن طلب إقامة المزاد العقاري يستلزم تقدم المرخص له بطلب رسمي عبر المنصة الإلكترونية قبل موعد المزاد بمدة لا تقل عن خمسة عشر يومًا، مع تعبئة النموذج المعتمد وإرفاق بيانات تفصيلية تشمل تحديد مكان وطريقة ومدة المزاد، وتسمية مدير المزاد العقاري، وآليات حفظ أموال المتنافسين، وتسجيل جميع بيانات العقار، بما في ذلك معلومات المالك أو مالك المنفعة، وحالة الملكية سواء كانت أصلًا أو منفعة أو اشتراكًا، والإفصاح عن النزاعات والرهون والحقوق العينية، إضافة إلى الخدمات المتوافرة والمعلومات التي قد تؤثر في قيمة العقار. ورغم أهمية المزادات العقارية كأداة لتنشيط السوق، يرى مختصون أن فعاليتها تتراجع عندما تتحول إلى حلبة تنافس بين كبار التجار فقط، في ظل تضخم الأسعار وصعوبة حصول المواطن والمطور الصغير على فرص عادلة. ويؤكد هؤلاء أن مراجعة آليات تنظيم المزادات باتت ضرورة ملحة لضمان عدالة العرض والطلب، وحماية استقرار السوق العقارية، وتحقيق التوازن بين مصالح المستثمرين وقدرة المجتمع على التملك. الهيئة العامة للعقار: أحكام إقامة المزاد العقاري تتمثل في أنه يجب أن يدرج المرخص له (نشرة المزاد العقاري) على المنصة الإلكترونية قبل نشرها للعموم، متضمنة: 1 - تحديد مكان وطريقة ووقت إقامة المزاد العقاري. 2 - بيانات العقار المساحية والموقع، ومواصفات العقار، وحالته. 3 - تحديد نوع التصرف بالعقار محل المزاد العقاري. 4 - الإفصاح عن الحقوق العينية المرتبطة بالعقار. 5 - النزاعات القائمة بشأن العقار -إن وجدت-. 6 - الرهن أو القيد المؤثر في الانتفاع من العقار -إن وجد-. 7 - الحقوق والالتزامات على العقار غير الموثقة في وثيقة العقار -إن وجدت-. بيانات طلب المزادات 1 - تحديد مكان وطريقة إقامة المزاد العقاري. 2 - تاريخ إقامة المزاد العقاري ومدته. 3 - تحديد مدير المزاد العقاري التابع له. 4 - نوع التصرف بالعقار محل المزاد العقاري. 5 - آليات حفظ أموال المتنافسين في المزاد العقاري. 6 - تسجيل بيانات العقار محل المزاد العقاري، بما يشمل الآتي: أ- بيانات مالك العقار أو مالك المنفعة. ب- البيانات المساحية والموقع، ومواصفات العقار، وحالته. ج- تحديد ملكية العقار على الأصل أو المنفعة، والاشتراك أو الشيوع أو نحو ذلك. د- الإفصاح عن الحقوق العينية المرتبطة بالعقار. ه- النزاعات القائمة بشأن العقار -إن وجدت-. و- الرهن أو القيد المؤثر في الانتفاع من العقار -إن وجد-. ز- الحقوق والالتزامات على العقار غير الموثقة في وثيقة العقار -إن وجدت-. ح- الخدمات المتعلقة بالعقار -إن وجدت-. ط- المعلومات التي قد تؤثر في قيمة العقار –إن وجدت.