انتشرت الأمراض الفتاكة منذ القدم بين البشر وتسببت في وفاة أعداد هائلة منهم، وسميت تلك الأمراض بالوباء للانتشار المفاجئ والسريع للمرض في رقعة جغرافية معينة يؤدي إلى حصد الأرواح في فترة زمنية قصيرة، في الوقت الذي وقف الطب فيه عاجزاً أمام المرض قبل أن ينتشر الطب الحديث بعد انتشار العلم ومداومة البحث عن حل للوقاية من تلك الأمراض الفتاكة. وفي العصر الحديث تم وللمرة الأولى استخدام اللقاح من أجل كبح جماح المرض، ونجح ذلك في التصدي لمرض الجدري منذ أن أقدم "إدوارد جينر" لأول مرة على تجربة فكرته في عام 1796م وهي أن التعرض إلى مواد من بثور جدري البقر قد يحمي الشخص من الجدري، فقد أنشأ "إدوارد جينر" في المملكة المتحدة أول لقاح ناجح ضد مرض الجدري، لكن لم تبدأ علاجات اللقاحات حتى الخمسينات من القرن الماضي في القضاء على المرض بشكل فعال في بعض أنحاء العالم، ثم في عام 1967م قدم جهد عالمي مستوى أعلى من إنتاج اللقاح وحقق تقدمًا في تكنولوجيا الحقن إلى القضاء على المرض بحلول عام 1980م. وحتى الآن لا يزال الجدري هو المرض الوحيد الذى تم القضاء عليه بالكامل في جميع أنحاء العالم من خلال جهود التطعيم، وأدى عمل "جينر" في النهاية إلى انتشار تصنيع وتجارة لقاح الجدري، ومنذ ذلك الحين استمر الأطباء في البحث عن لقاحات لكافة الأمراض التي تتعرض لها البشرية والتي ترتقي إلى مسمى الوباء، فقد تم تصنيع أول تطعيم للحمى الصفراء في عام 1937م بعد 500 سنة من انتشاره، كما تم تصنيع لقاح الأنفلونزا الذي ظهر عام 1945م بعد أن تسبب الفيروس في مصرع الملايين. حملة تطعيم واهتمت حكومتنا الرشيدة منذ تأسيسها بصحة المواطنين وسخرت كافة إمكاناتها من أجل القضاء على الأمراض بإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية منذ عهد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز - رحمه الله - واستخدمت المملكة في عهده أول لقاح في تاريخها للوقاية من مرض الجدري عام 1359ه، وفي العصر الحالي لا يزال العالم يحاول جاهداً في القضاء على الوباء العالمي فيروس كورونا - كوفيد 19 - المستجد الذي غزا العالم بأكمله، وتم في بلادنا تطبيق كافة الاجراءات الاحترازية التي ساهمت في احتواء الوباء، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الحالات اليومية بشكل سريع أذهل العالم بأسره واستكمالاً للجهود التي توليها الدولة في مواجهة الوباء مسارعتها إلى الحصول على لقاح ضد عدوى الفيروس، وأطلقت الدولة في يوم 17 ديسمبر من عام 2020م، حملة تطعيم جماعي للسكان باللقاح الذي طورته شركتا فايزر الأميركية وبيونتيك الألمانية، وتعتبر المملكة من أوائل الدول التي حصلت على اللقاح - ولله الحمد -. طاعون وجدري وانتشرت الأوبئة على مر العصور وفتكت بأرواح ملايين البشر، ولعل من أهم تلك الأوبئة وباء الطاعون الذي يعد أحد أقدم الأمراض وأكثرها فتكًا في العالم وبلغ ذروته بنحو 200 مليون حالة وفاة على مدار تاريخ البشرية، والذي اجتاح أوروبا في القرون الوسطى وأدى إلى مقتل ثلث سكانها، ووباء الأنفلونزا الأسبانية عام 1918م التي أدت إلى مقتل 25 مليون من سكان العالم، وقد تصدى العالم بأكمله في مقاومة وتفشي وانتشار الأوبئة، ومن الأوبئة التي تم القضاء عليها الجدري من خلال اللقاح، ويعد ذلك أحد أكبر الإنجازات في تاريخ الصحة العامة، لكن الأمر استغرق عدة قرون للوصول إلى هذا الأمر، وأصول مرض الجدري غير معروفة، وبعض العلماء يعتقدون أنها تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وبحلول القرن الثامن عشر انتشر المرض في جميع أنحاء العالم وتسبب في معدل وفيات مدمر وصل إلى 30 %، وفى عام 1796م أنشأ "إدوارد جينر" في المملكة المتحدة أول لقاح ناجح ضد مرض الجدري، لكن لم تبدأ علاجات اللقاحات حتى الخمسينات من القرن الماضي في القضاء على المرض بشكل فعال في بعض أنحاء العالم، وفي عام 1967 قدم جهد عالمي مستوى أعلى من إنتاج اللقاح وحقق تقدمًا في تكنولوجيا الحقن إلى القضاء على المرض بحلول عام 1980م. سنة الرحمة وحتى الآن لا يزال الجدري هو المرض الوحيد الذى تم القضاء عليه بالكامل في جميع أنحاء العالم من خلال جهود التطعيم، وقد عانت بلادنا كغيرها من بلدان العالم من الأوبئة ولعل من أشهرها وباء "سنة الرحمة" في عام 1337ه، وسميت بهذا الاسم لكثرة ترحم الناس على الموتى، وسميت أيضاً بسنة الطاعون، كما سميت سنة السخونة، وكان ارتفاع درجة الحرارة أحد الأعراض الرئيسية للمرض الذي عم جميع بلدان المنطقة وبواديها، وأباد مدناً وقرى لم ينجُ من أهلها إلاّ القليل، وانشغل الناس حينها بتجهيز الموتى وحفر القبور حتى كان أحدهم لا يرفع ظهرة من طلوع الشمس حتى غروبها، لذلك سميت تلك السنة أيضاً بسنة "ما يرفع حفار القبور ظهره" كناية عن انهماكه في حفر القبور بصورة متواصلة، وحصر الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح العيسى (الخزانة النجدية) دخول المرض في نجد تحديداً بين منتصف شهر صفر عام 1337ه حتى السابع من ربيع الأول من السنة نفسها ثم رفعه الله كما قال، وبعد تلك الفترة وبعد تأسيس مديرية الصحة في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ازداد الاهتمام بالصحة العامة للسكان والعمل على توفير العلاج والرعاية الصحية، وقد تم إعطاء أول تطعيم ضد مرض الجدري الذي انتشر بين عامي 1358 و1359ه حيث بدأت حملات التطعيم ضد الجدري في تلك السنة التي تسمى ب"سنة الجدري". اهتمام الحكومة ويرتبط تاريخ اللقاحات في بلادنا مع بداية اهتمام الحكومة الرشيدة بالرعاية الصحية، ففي عام 1925م كانت بداية الاهتمام بالوقاية والصحة، حيث إن أول لقاح استخدم في المملكة لقاح الجدري عام 1939م، وأشار الباحث والمدرب في سلامة المرضى سلطان المطيري إلى التاريخ الحافل لاستخدام اللقاحات في المملكة والتي أدت إلى انخفاض ملحوظ في نسبة الوفيات بسبب الأمراض المعدية على مر التاريخ ، فقد أصدر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مرسوماً ملكياً بإنشاء مصلحة الصحة العامة ومقرها مكةالمكرمة، على أن تكون لها فروع أخرى في شتى المناطق، وبعد فترة وجيزة وتحديدًا في عام 1925م أنشئت مديرية الصحة العامة والإسعاف بهدف الاهتمام بشؤون الصحة والبيئة، والعمل على إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في جميع أنحاء المملكة، وواكب ذلك إصدار اللوائح التنظيمية، ومن ضمنها برنامج اللقاحات المرتبط بشهادات الميلاد الذي وجد اهتماماً كبيراً من الحكومة من خلال صدور مرسومين ملكيين في عامي 1979م وعام 1983م، وتضمن المرسومان ربط منح شهادة الميلاد بإكمال التطعيمات الأساسية، ثم تبعها مرسوم ملكي ثالث في عام 1988م لتحصين جميع الأطفال بلقاح ضد الالتهاب الكبدي الوبائي. لقاح كورونا وفي ظل الجهود العالمية في مكافحة وباء كورونا والعمل على إيجاد لقاح ضد المرض، فقد أثمرت تلك الجهود في إيجاد لقاح لمكافحته والوقاية منه، واستكمالاً لجهود بلادنا في مواجهة هذا المرض فقد سارعت حكومتنا الرشيدة - حفظها الله - إلى توفير اللقاح لجميع المقيمين على أرضها، بل وكانت من أوائل الدول التي حصلت عليه، وقد شرعت الدولة في إطلاق أكبر حملة تلقيح ضد كورونا، وقد بدأت المرحلة الأولى من حملة التطعيم بلقاح فيروس كورونا المستجد، التي تستهدف الذين تجاوزوا سن ال65 عاما والعاملين في المهن الأكثر عرضة للعدوى، معتبرة أن انطلاق العملية بداية لانفراج في أزمة الوباء، وكان وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة أول من تلقى جرعة من لقاح فيروس كورونا كأول مواطن سعودي يحصل على هذا اللقاح منذ انطلاقة الحملة في 17 / 12 / 2020م، كما تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الجرعة الأولى من لقاح مضاد لفيروس كورونا، وشكر وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة خادم الحرمين الشريفين الذي قدم كل الدعم لكل ما فيه مصلحة المواطن والمقيم على أرض المملكة منذ بداية الجائحة وحتى الآن، وقال: تلقى خادم الحرمين الشريفين اللقاح حرصاً منه - سلمه الله - على الوقاية من هذا الفيروس، وهذه المبادرة منه تأكيد على أن سياسة المملكة تكمن في الوقاية دائما قبل العلاج، وقد سبق ذلك تلقي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لعدوى فيروس كورونا، فيما أعلن وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة أن الساعة التي تلت نشر خبر تلقي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان جرعة اللقاح شهدت ارتفاعاً لمعدل التسجيل للتطعيم به خمسة أضعاف، ودعت وزارة الصحة جميع سكان المملكة إلى تلقي اللقاح الموزع ضد فيروس كورونا المستجد بهدف تحقيق المناعة الجماعية، وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة محمد العبدالعالي في مؤتمر صحفي سابق: نحث الجميع على الحصول على اللقاح للوصول إلى المناعة المجتمعية التي تتطلب تطعيم الجميع ضد فيروس كورونا. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يتلقى لقاح كورونا في الماضي شهدت المملكة انتشار بعض الأوبئة إحدى حملات التطعيم قديماً ضد الملاريا أثمرت الجهود الطبية في إيجاد لقاح للوقاية من كورونا حملات التطعيم قديماً تجوب الشوارع وتزور البيوت إعداد: حمود الضويحي
