اليوم الوطني ال95.. تجديد للفخر بالوطن والقيادة ورؤية المستقبل    دولة فلسطين : العالم ضد ترمب نتنياهو    زيلينسكي: موجة غارات روسية على أوكرانيا    "سلمان للإغاثة" يدشّن المشروع الطبي التطوعي لجراحة القلب والقسطرة في نواكشوط    الأخدود يكسب الرائد ويتأهل لثمن نهائي كأس الملك    الهلال نظامي    جازان تطلق فعاليات وطن رياضي    رعاية الأيتام بنجران تواصل تقديم برامجها للمستفيدين    السكن الجماعي تحت المجهر    «البحر الأحمر السينمائي» تكشف عن فائزي تحدّي «صناعة الأفلام»    نائب أمير منطقة مكة يستقبل الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لإمدادات الحبوب "سابل"    نائب أمير منطقة تبوك يرعى حفل مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية باليوم الوطني ال95 للمملكة    نائب أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن أعمال الهيئة الصحة العامة بالمنطقة    شبابنا في اليوم الوطني.. عزّنا بطبعنا    اختتام الدراسات الأولية للشارة الخشبية لقائدات وحدات فتيات الكشافة    جمعية كرم الأهلية تغرس 95 شجرة احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال95    تشكيل الهلال المتوقع أمام العدالة في كأس الملك    عبد الإله العمري يرد على صافرات استهجان جماهير النصر    منحة سعودية تنقذ اليمن في ظل توقف الرواتب وضغط الخدمات    جازان جاهزة لليوم الوطني السعودي    مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق معرض "الموحّد" في اليوم الوطني 95    القبض على (7) مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم (105) كيلوجرامات من "القات"    بريطانيا وأستراليا وكندا يعلنون اعترافهم بدولة فلسطين    أمير الرياض يطلع على التقرير السنوي لهيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    نائب أمير الشرقية يستقبل أمين الأحساء ويثمّن جهود هيئة تطوير الشرقية    مستشفى الدرعية ينجح في إجراء عملية معقدة لتصحيح العمود الفقري    مطلع أكتوبر: انطلاق مزاد نادي الصقور السعودي 2025    جمعية تحفيظ القرآن بطريب" تعقد اجتماعها الدوري وتصدر قرارات لتطوير أعمالها    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة أمنية    القيادة تهنئ الحاكم العام لبيليز بذكرى استقلال بلادها    رسالة المسجد في توطيد اللحمة الوطنية    آي سي يو    الأمن العام: ضوابط مشددة لصون مكانة العلم السعودي    الذهب يحقق مكاسبه الأسبوعية الخامسة عقب أول خفض لسعر الفائدة    النصر يسحق الرياض بخماسية.. الاتحاد يتجاوز النجمة.. تعادل الحزم والفتح    أخضر البادل يختتم الخليجية ب(برونزيتين)    16 مليون شخص يتابعون « الشمس المكسوفة»    صيني يدفع المال لابنته مقابل «رسالة»    رغم قرب التوصل لاتفاق.. إسرائيل تتوغل بريف القنيطرة    "الرياض" تستكشف التجارب العالمية لتنظيم المطورين العقاريين    "الهيئة الملكية للرياض" تعالج الازدحام المروري    انتخاب المملكة لعضوية مجلس محافظي «الطاقة الذرية»    40 فعالية في احتفالات اليوم الوطني بمركز«إثراء»    مي كساب:«اللعبة 5» موسم مختلف    حلمي يستضيف صوالين جدة    15 مليار ريال سوق الأمن السيبراني    ولي العهد.. نجم السعد    395 مليون ريال لتنفيذ مشروعات تطويرية لمساجد المدينة المنورة    بحضور أمراء ورجال أعمال .. بن داوود والعبدلي يحتفلان بعقد قران عبدالعزيز    فعاليات في جامعة الملك خالد عن سلامة المرضى    استخدام تقنية دقيقة ومتقدمة تسهم بإنقاذ مريض مصاب في حادث سير    الصحة: 96% من مرضى العناية لم يتلقوا «اللقاح»    قلة النوم ترفع الضغط وتزيد مخاطر السكتات    المملكة تُخفّف معاناة المحتاجين    اليوم الوطني المجيد والمرونة التي تحفظ الوطن وتعزز أمنه    نائب أمير منطقة القصيم يستقبل محافظ الأسياح وفريق أبا الورود التطوعي    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    إمام المسجد النبوي: من أراد الهداية فعليه بالقرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقلانية التواصلية.. وأزمات المجتمع الحديث
نشر في الرياض يوم 25 - 12 - 2020

إن نظرة فاحصة للعالم الحديث تقودنا للوقوف على أزماته ومشكلاته وكذلك على منجزاته ومكتسباته، العالم الذي إذا ما تحدثنا عنه بمفهومه الأعم نجد أن الأقلام التي خطّته بصيغته الحديثة تقريباً هي أقلام غربية، فنتائج الحركة الفكرية والفلسفية ويتبعها الاجتماعية والسياسية في السياق الغربي منذ القرن السادس عشر حتى الآن هي التي أثرت التأثير الأكبر على تشكيل مجتمعاتنا، وبالتالي فتعاطينا مع التراث الفلسفي في القرون الأخيرة يجب أن يكون مدفوعاً بتقصي تأثير وانعكاس ذلك علينا، لأن تحولاتنا الاجتماعية والسياسية والمفاهيم والنظريات والمناهج الفلسفية والعلمية والمؤسسات التي نتبناها كانت ناتجة لحد كبير بالتبع لا الأصالة، من هنا تكون مشكلات المجتمع الغربي الحديث باعتبار ما هي مشكلاتنا أيضا.
في أعقاب العقلية المهيمنة على أوروبا في القرون الوسطى التي كانت تستبعد كل ما لا تقوله الكنيسة، فتكرس الجهل والدوغمائية وتقطع المجال أمام البحث الفلسفي والعلمي نشأت عقلية أخرى كرد فعل تسمى بالعقلية التنويرية حيث أعيد الاهتمام بالعقل ومقرراته، مما ألقى بظلاله على حياة العلم والفكر والسياسة والاجتماع، واتبع ذلك بتطور تقني في مرحلة تالية كان ناتجاً عن قدرة المناهج الجديدة على ارتفاق الطبيعة وتطويعها. في غضون هذا الوسط نشأت ما تعرف بالحداثة وهي حالة تحول تاريخي أعيد فيها صياغة الثقافة والفكر ونمط الحياة والرؤية الوجودية والدين وانعكاس ذلك على ميادين النفس والاجتماع الإنساني. وقد كان ينظر لهذا التقدم بوصفه نهاية فعلية للتاريخ إلا أن الوليد التاريخي لم يلبث أن كشف عن قصوره وكارثيته في أحيان كثيرة.
وبينما أضافت الحداثة للإنسان منهج العلم التجريبي وأزالت العبودية ومهدت لثورات الحقوق المتعددة ونتج عنها مؤسسات اجتماعية وسياسية وعلمية تحافظ على إرثها نتجت في نفس اللحظة مساوئ جمة لها تتركز في أنها لم تحقق التقدم المنشود، إذ توسعت النزاعات والحروب بين البشر فظهرت الحروب الأهلية في أوروبا والاستعمار وزاد جشع الشركات الرأسمالية واستعبادهم للإنسان، فنشأت حالة من الإحباط والنقد ومحاولة إيجاد بدائل وحلول عرفت بمرحلة ما بعد الحداثة. في خضم ذلك نشأت مدرسة فرانكفورت النقدية في ألمانيا عبر مجموعة من المفكرين الاجتماعيين أبرزهم هوركهايمر حيث كانت تبين مدى كارثية الحداثة ووعودها وتدعو في الجانب المقابل لمنهج اجتماعي نقدي بديلاً للفلسفة الكلاسيكية وعلم الاجتماع الوضعي.
في غضون ذلك انضم الفيلسوف الألماني المعاصر والمفكر الاجتماعي يورغن هابرماس للمدرسة وطور عدد من أفكاره من روادها، ولكنه خرج منها بسبب مخالفته لتقاليد ومخرجات هذه المدرسة، حيث كان لا يقتصر على استخدام المنهج الديالكتيكي، كما أنه لم يشطب على مشروع الحداثة تماماً إذ لاحظ عددا من المكتسبات وبهذا افترق عن المدرسة. يفرق هابرماس بين العقلانية الأداتية وهي وليدة التنوير والحداثة وبين العقلانية التواصلية التي طور على إثرها نظريته في الفعل التواصلي حيث كان يطمح لتأسيس عالم جديد من السياسة والاجتماع والاقتصاد ينتقل فيها من نموذج الصراع للتواصل حيث يحاول أن يفهم الآخر قبل الحكم عليه وقبل اختزاله والطريق لذلك إنما يكون باللغة حيث يرى أن اللغة لا كبنية ولكن كفعل أو ممارسة اجتماعية تبنى على مقدمات ضمنية تحمل داخلها قواعد أساسية من التوافق، وهو يرى أن وظيفة اللغة تداولية تتعدد لإدراكية وتفاعلية وتعبيرية، وكل فعل لغوي لديه ثلاث ادعاءات أولها ادعاء الحقيقة وموضوعه العالم، وادعاء القيمة المعيارية وموضوعه العالم بين الأفراد، وادعاء الأنا وهو العالم الذاتي، وعندما يحدث الاختلاف تنشأ حالة من الحوار، يكون حججي حول ادعاء الحقيقة، وفي ادعاء القيم المعيارية يكون التواصل عبر معرفة كيفية تكوّن هذه القيم لدى الذات والآخر من سبيل ذلك أن يعيد إلى وحدة لآلية تكون المعايير تجعل التوافق ممكنا، وهنا يعيد بناء النظرية الاجتماعية على العمليات التفاعلية لا على الفرد أو الميتافيزيقا.
وأما عن نظريته في الفعل الاجتماعي فينطلق من أساسين أولهما التحرر من فلسفة الوعي التي ترى العلاقة بين اللغة والفعل علاقة بين الذات والموضوع ممثلة بمنظومة العلم التجريبي. ويتخذ الفعل صورتين الأولى التواصلية، والثانية الأداتية الاستراتيجية. حيث يهدف الفعل التواصلي للفهم والتوافق والاستراتيجي لإتمام العمل. وتعد (العقلانية التواصلية) طبقة أخيرة بعد كلٍ من العقلانية العملية والأداتية والنقدية حيث يتواصل البشر مع بعضهم البعض على أساس من المماثلة والكفاءة بغرض المعرفة حيث تتلاشى الصراعات والنزعات المتعصبة والأيديولوجيات الأصولية المتحجرة لأفق آخر من العلاقة الإنسانية لمواجهة أزمات ما بعد الحداثة والعولمة نحو عالم أفضل. وقد قدم القرآن الكريم منظورا إلهيا لوصف العلاقة التي يجب أن تنشأ بين البشر فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى،وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ،إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
أحمد الوالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.