تقع "غابة المدينة" إلى الشمال الغربي من المدينةالمنورة، وكانت أرضا ذات شجر كثير متكاتف وربما وضع المتجول فيها قديما علامات يهتدي بها للخروج منها، ويصف المؤرخ عبدالقدوس الأنصاري -رحمه الله- ذلك خلال زيارته لها عام 1349ه، حيث سار ورفاقه فيها متماسكين خشية الضياع بين أشجارها، وقد ابتاعها الزبير بن العوام رضي الله عنه بمئة وسبعين ألف درهم، وعمرها واستثمرها زراعيا وبيعت بعد ذلك بألف ألف وستمئة ألف، ويروى أن منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجده الشريف صنع من طرفاء الغابة. وذكر المؤرخ د. تنيضب بن عواده الفايدي ل"الرياض" أن المكان يرتبط بغزوة الغابة، وهي من الغزوات التي قادها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أغار عيينة بن حصن ومن معه على نوق وإبل للرسول الكريم، وقتلوا وأسروا من كان معها، وانتهت بهزيمة المعتدين واستخلاص الإبل منهم والثأر لمقتل أحد الصحابة وبسط الأمن، وقد أثنى عليه الصلاة والسلام في هذه الغزوة على أبي قتادة وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهما لما أظهراه من شجاعة، فقال: "خير فرساننا اليوم أبوقتادة وخير رجَّالتِنا اليوم سلمة بن الأكوع، "وأعطى لسلمة من الغنائم سهمين سهم الفارس وسهم الراجل، مشيرا إلى أن أرض الزبير "شمالي منطقة العيون" بمساحاتها الواسعة والممتدة إلى الغابة في بدايات العهد الإسلامي كانت تمد أرض الشام بالقمح الوفير الفائض عن احتياجها.