في هذه الحياة المليئة بالتقلبات، وما بين خبر مُفرح ومحزن لا بد من وقفة تأمل، حيث لا يبقى سوى «الذِّكر الطيب»، والذي يُخلِّد اسم أي فقيد، أو راحل، أو حتى من يغادرنا دون أن يودعنا، ليبقى الألم في الصدر أكبر مما يتصوره الجميع. فهد العبدالكريم هو من هؤلاء الذين حفروا ذكراهم الطيبة في القلوب قبل العقول، ومن يعرفه يُدرك جيداً أنه من عينات الأشخاص النادرين، فيكفي أنه بمجرد أن يُشاهدك إلاّ وتعلو الابتسامة محياه، بل إنه قد يسبقك بالسلام رغم أنه أنت من يُفترض أن يبدأ بالسلام عليه، شخص يجذبك بالتعامل الجميل، والأخلاق العالية، والحديث الذي لا تمل منه، وهو ما جعل الجميع في وسائل الإعلام المختلفة يتفقون على محبتهم له، وهنا نقف احتراماً لذكراه التي بقيت مُعطرة في رحيله. توقف نبض «القلب الكبير»، لكن لم تتوقف قلوب محبيه عن إعلان الحُب والتقدير والوفاء لهذا الشخص الذي فارقنا بألم وصمت، إلاّ أنه كعادته لا يُغادر إلاّ وهو يُقدّم الدروس في الإيمان بالقضاء والقدر، والصبر، والاحتساب، قابلته في رمضان قبل الماضي فوجدته يتحدث بيقين تام أن المرء مهما أصابه من مرض يبقى دوره كبيراً في مواجهة ذلك بالتوكل على الله ثم عدم اليأس، يا لهذا القلب الذي خسرناه، فحتى وهو يُعاني يأبى إلاّ أن يُشعر غيره بأهمية الإيمان والاحتساب ومواجهة التعب بقوة وعزم. رحمك الله أبا يزيد، وأسكنك فسيح جناته، فمواقفك، وابتسامتك، وتواضعك لا يمكن نسيانها، فأنت الكريم بأخلاقك، وطيبك، وصدق مشاعرك، ترحل، لكن لا يرحل الحُب الكبير لك، أتعتقد أنه برحيلك سننساك؟ فمن يملك رصيداً من «الذِّكر الطيب» في قلوب من تعاملوا معه، لا يمكن أن يتجاوزوه في أدعيتهم، أو صدقاتهم، أو إحياء ذكراه بين فترة وأخرى.