لا يخفى على الجميع أن (رفع الحجر الصحي) عن المجتمع مرتبط باستشعار كل فرد فيه بالمسؤولية، حيث إن هذا الرفع مرهون بوعي المجتمع قاطبة، الكل وبلا استثناء لابد أن يعي ما يستوجب عليه فعله عند رفع الحجر، والعمل بمقتضى ضوابطه، وتصور ما سوف يؤول إليه المآل في حال عدم الالتزام بهذه الضوابط. انتهت المرحلة الأولى من انحسار الوباء: وكان المجتمع في (حظر عن التجوال) حتى يتأتّى النجاح لهذه المرحلة، فالدولة في ذلك عملت مشكورة بكامل طاقمها وبكُل جهودها حتى ضيقت الخناق على هذا الوباء وعزلت الأحياء الأكثر إصابة وأعدّت الخطط المدروسة للبت في عودة الحياة لطبيعتها. لتبدأ المرحلة الثانية من الانحسار: مستعينة بنا - بعد الله سبحانه وتعالى - واضعة كل الآمال علينا، مراهنةً على وعي الجميع، وقد مهدّت لنا (وزارة الصحة) الطريق ورسمت خطّ سير واضح الرؤى، فلنستشعر المسؤولية ونكمل المسير وفق الخُطط المعطاة ولنضرب بيد من حديد على يد (كل مُستهتر). ولنلتزم بما أملي علينا من تعليمات وقائية ونتبعها بكُل صرامة وتحدٍ مواجهين بها هذا المنعطف المُهم حتى نتأكد من انحسار الوباء وننهي آخر فصوله. فعندما قيل "نراهن على وعي المواطن مع التشديد على ضرورة التباعد الاجتماعي" فإنهم بذلك قاموا بوضع النقاط على الحروف وبقي علينا نحن فقط قراءتها بكل استشعار لهذه المسؤولية والتفكير بكل الأبعاد.. فاليوم في ظل التهديدات الفيروسية على العالم وما أدى إليه من انقسامات بين (ملتزم) و(مستهتر) وما شاع فيه بين اضمحلال وانتشار لهذه (الجائحة) أصبح واجباً على الجميع الوعي بمبدأ الترابط بالالتزام ونشر ثقافة اتباع التعليمات بحذافيرها وعدم الاستهانة بذلك. لم يعد الابتعاد عن الجميع الهدف فقد أصبح كيف تحافظ على سلامتك وسلامة الجميع هي أسمى هدف.. ولم يعد عدم لمس الأسطح الهدف فقد أصبح كيف لا تنقل ما يوجد عليها من (فيروس) هو لب الهدف.. إذ سوف يصبح ارتداء الكمامات جزءًا من منهجية المجتمع وما يندرج تحته من اللباقة واحترام الآخرين، حيث تكون (حمايتك) مؤدية ل(حمايتي) وبالتالي عدم لبس الكمامات وعدم العمل بوسائل السلامة استهتار بالآخرين ويُظن به (عدم الاحترام لهم) مؤديًا بذلك لاحتمالية عودة الإصابات وتصعيب الأمر. فقد أصبح لدى الجميع تصور أن الحياة بعد هذا (الوباء) ليست كما كانت من قبله، وخرجنا بمنظور أن نتعايش بضوابط السلامة حيث اتضحت أنها هي المُنجية وما تنُم عنه من أسلوب حياة صحي حبذا لو اتبعناه على المدى البعيد. الآن (وكلنا مسؤول) فقد أُلقي على عاتق الجميع أمانة الحفاظ على سلامة وحياة الآخرين، ابتداء بالوالدين والأهل والأقربين وتوسيع دائرة الاهتمام لتشمل كُل من نصادف في حياتنا اليومية، بكل إنسانية ورُقي والتزام، حتى ننعم بالرخاء والطمأنينة وتعود الحياة لانسيابيتها وسابق عهدها بإذن الله.