جاء أمر خادم الحرمين الشريفين برفع منع حظر التجول جرئيًا في جميع مناطق المملكة بمثابه غيث للمواطنين والمواطنات، فبعد ما يقارب اكثر من شهرين من الحجر المنزلي.. صدر هذا الأمر السامي ليشعرنا بأن ومضات التفاؤل باتت في الأفق وأن بصيص الأمل بدأ يلوح في الشفق.. كان هذا الخبر بشرى خير وتخفيف للشعب.. جاء هذا الخبر ليرفع منع حظر التجول جزيئًا والسماح بفتح المراكز التجارية بالإضافة الى وضع اشتراطات احترازية لفتح المنشآت التجارية خلال فتره السماح بالتجول، وهذه الخطوة تعتبر في غاية الأهمية، حيث إن الدور الرئيسي الآن انتقل من الدولة إلى الفرد وأصبح المواطن مسؤولا مسؤولية تامة عن نفسه وعن عائلته.. رفع الحظر الجزئي يحمل الشعب الآن عواقب أفعاله، حيث أصبح المسؤول الأول والأخير هو الفرد، والفرد جزء لا يتجزء من المجمتع، وبالتالي انتقلت المسؤولية لتصبح علي عاتق الفرد والمجتمع.. فيتوجب على الفرد والمجتمع الآن استشعار المسؤولية وعدم الخروج إلا للحاجة الملحة أو الضرورة القصوى، ومما لا شك فيه ان استشعار المسؤولية ينبع من الوعي الذاتي والاجتماعي لدينا.. فالإحساس بالمسؤولية واجب ديني يعكس حب الفرد لنفسه وعائلته ومجتمعه.. فهذا القرار هو اختبار للشعب السعودي، اختبار سيثبت مقدار الوعي عندهم وسوف يبين مدي التزامهم وتعاونهم. ومما لاشك فيه أن رفع الحظر جزئيًا يجب أن يرتبط به رفع الوعي الذاتي والاجتماعي، رفع نسبة الاحتراز، رفع الحرص، ورفع أخذ الحيطة والحذر.. فالوباء مازال موجودًا وخطره مازال قائمًا ولكن بالوعي الفردي والاجتماعي والالتزام سنتمكن من مواجهته والقضاء على أخطاره والرجوع قدر الإمكان إلى الحياة الطبيعية. وقد اُثبت علميًا أن الوعي الفردي يرتبط بالوجود المحدد للفرد في جماعة وطبقة ومجتمع ولهذا لا يستخلص الوعي الفردي من الظروف الفردية الشخصية فقط، بل من وجود الفرد في طبقته وجماعته ومجتمعه وبذلك يرتبط الوعي الفردي مع الوعي الاجتماعي حيث أن الوعي الاجتماعي هو النتاج المستمر من العمليات الإدراكية الشاملة من قبل الفرد تجاه الواقع الاجتماعي، فإدراك الفرد وردة فعله لبعض القضايا والمشكلات الاجتماعية في مجتمعه هي ما يميز الوعي الاجتماعي لديه.. وقد تم تعريف الوعي الاجتماعي بأنه "ليس إدراكًا فقط للواقع وليس تصورًا له فقط، بل هو نتاج لحركة تبادلية يندمج فيها الفردي في الاجتماعي". وبذلك يكون الوعي الفردي والاجتماعي مكمل كل منهما الآخر وداعم له وهذا ما نحن بحاجة اليه في وقتنا الحالي وفي ظروفنا الراهنة.. بمعنى أنه لابد للشعب أن يزيد من وعيه الفردي لمواجهه تبعات قرار رفع الحظر وذلك بالالتزام وأخذ الحيطة والحذر ولكن في نفس الوقت يجب عليه بأن يربط وعيه الفردي بالوعي الجماعي حيث يدرك أن المطلوب لمواجهه خطر الوباء هو نتاج لحركة تبادلية مترابطة يندمج فيها الفردي في الاجتماعي ويكون كل منهما مكمل للآخر وداعم له بحيث يستشعر الفرد أهمية حصيلة ادراكه ويميز دوره في المجتمع ويقيم ردود أفعاله ويتخذ الإجراءات الاحترازية المناسبة للظرف الراهن، فالوعي الفردي وإن كان ينبع من الفرد إلا أنه ظاهرة اجتماعية ذات محتوي اجتماعي ويتضمن ذلك وجود الشخص في مجتمع بالإضافة الى الإدراك الواعي لمفهوم اننا جزء من مجتمع واحد متعاون مع أفراده ومتكاتف مع بعضه البعض ومترابط مع الآخرين. وبالتالي يكون قرار رفع حظر التجول الجزئي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الوعي الفردي والاجتماعي ومتزامن معه فالوعي هو انعكاس لدرجة التزام الشعب ومقياس لمدى استشعارهم بالمسؤولية. عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة