يميل البعض للركض خلف الأوهام والخرافات وبما يوافق أهواءهم في تكذيب الصدق وتصديق الكذب وكل ما يردهم من معلومات وأخبار مباشرة دون فرز وتدقيق خصوصا وقت الشدائد والأزمات وفي مختلف الظروف المثيرة للقلق بعيدا عن العقلانية والواقعية، ويزيفون الحقائق أيضا -بقصد أو دون قصد- والأدهى من ذلك حين يساهمون في نشرها في عصر التقنية والتي من المفترض أن تكبح جماح هذا التسابق في نقل هذا التدفق المعلوماتي والإخباري لتوفر المصادر الموثوقة، وتستغرب أن من بين هؤلاء مثقفين ومن يحملون الشهادات العليا! والحقيقة أنهم ضحايا لقيود فكرية محكمة تسير أفكارهم سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو غيرها ولا ينجو منها إلا القليل. يصنف هذا النوع من البشر بأنهم (قلقون) ويغلب عليهم التوتر والتشاؤم والنظر للأمور بسوداوية وتضخيمها وتهويلها لأن طريقة تفكيرهم قد تشكلت على الرؤية السلبية، وأصحاب الشخصية القلقة كذلك يتسمون بتبني الاستجابة الفكرية والسلوكية السلبية للأحداث قبل وقوعها واكتمالها وتجاه الأشخاص وأبسط المواقف، وردود أفعالهم لاتعرف التفاؤل بل ميالة لكل ماهو سيء وغالبا ماتكون عاطفية ومندفعة ويحركها الحماس. اعتناق بعض الأفكار والتعصب لها أو مايسمى في علم النفس ب(التحيز الفكري/ الانحياز التأكيدي) هو من أسباب تصديق الشائعات المغلوطة ونشرها حيث يصدق الشخص مايريد تصديقه أو ماكان يتوقعه، ومن الأسباب كذلك هو (عدم الوضوح المعرفي) وغياب المعلومة المكتملة مما يزيد من فرص القلق لدى هؤلاء الأشخاص وهنا يأتي سبب آخر وهو الشعور بالحاجة لإدراك الأشياء ومحاولة كشفها للابتعاد عن التوتر والحيرة فأهمية الموضوع وغموضه تزيد من فرص انتشاره منقوصا ومحرفا، والرغبة بمعرفة المزيد عن كل مجهول لإشباع الرغبات هي أيضا من ضمن هذه الأسباب. في الحقيقة أننا عندما نهتم بالتركيبة النفسية لشخصية الفرد ونسعى للاهتمام بتعليم وتثقيف النشء وتربيتهم على التفكير النقدي العقلاني الذي يمحص الأمور قبل قبولها وتصديقها أو رفضها، وعندما نشيع فضيلة الصدق في مجتمعاتنا فإننا سنقطع شوطا كبيرا وسنسيطر ونقضي على كل مايخل بالأمن ويؤدي للفوضى وعدم الاستقرار، ولذلك ولصحتك النفسية والعقلية أمسك عليك عقلك وكن إيجابيا متفائلا وباعثا للبهجة والسرور لكل من حولك، وتذكر ما نقلته وسائل الإعلام عن احتفال سيدة إيطالية معمرة بعيد ميلادها 102 سنة وبمناسبة شفائها من (فيروس كورونا) وخروجها من المستشفى وهي ممن عاصروا وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 حيث أصيبت به وهي صغيرة ونجت منه.