أجمع محللون اقتصاديون نفطيون عالميون على النجاح الكبير الذي تحققه شركة أرامكو السعودية، في تحولها الاستراتيجي لإنتاج الوقود النظيف في كافة مصافيها بالمملكة، تتضمن إنشاء معامل جديدة حديثة التقنية توفر منتجات نفطية استهلاكية وأبرزها وقود السيارات والديزل بمواصفات عالية الجودة، معززة كفاءة الشركة في إنتاج النفط الخام منخفض الكثافة الكربونية. مشيرين إلى أن أرامكو السعودية بوصفها أكبر شركة متكاملة للنفط والغاز في العالم تواصل التزاماتها في استثمارات الطاقة النظيفة في منظومة متكاملة تشمل تنويع مزجي الطاقة المحلي ودعم قطاع البتروكيميائيات وإنجاز تقنيات مبتكرة في استثمارات منع الانبعاثات الكربونية الناجمة عن صناعة الطاقة إجمالاً. وقال محللون في مؤسسة "فيتش" للدراسات الاقتصادية في تقرير إن تحول تركيز شركة النفط العملاقة أرامكو من إقامة مشروعات تكرير جديدة صديقة للبيئة إلى مشروعات إنتاج الوقود النظيف وتحديث المصافي القائمة سيستمر لعدة سنوات على الصعيد المحلي. وبشكل عام، يحقق تصدير الوقود النفطي عائدات كبيرة نسبيا، وهي قضية تحتم التعامل مع مشكلة المعايير الجديدة للوقود في العالم. وبحسب تقرير "فيتش"، تنتهي أعمال تطوير مصفاة "ساتورب" التابعة لشركة أرامكو بحلول أغسطس المقبل لتزيد طاقتها الإنتاجية بمقدار 20 ألف برميل يوميا. كما أنه من المقرر الانتهاء من تنفيذ مشروع إنتاج الوقود النظيف في مصفاة "رأس تنورة" خلال الربع الأول من العام 2021، ومازال العمل جاريا في مشروع تحديث مصفاة الرياض، كما توجد خطط لتحديث مصفاة "بترو رابغ". وتتضمن استثمارات أرامكو الضخمة في الكربون الدائري بدءاً من جمعه من أجواء الصناعة وتخزينه وإعادة تدويره لعدة استخدامات مبتكرة صديقة للبيئة داعمة لتطور صناعة الطاقة في العالم، مع إمكانية تحويله إلى لقيم ما يستدعي إقامة مصانع رديفة لأي مصانع ينتج عن عملياتها انبعاث الكربون، فضلاً استخدام الشركة للمعدات وخطوط الأنابيب غير المعدنية في أعمالها، وكذلك تطوير تقنيات تسهم في تعزيز كفاءة استهلاك الوقود في قطاع النقل، وتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات ذات قيمة. وأنجزت أرامكو خطوات متقدمة في تشييد أكبر معمل في العالم لإنتاج الوقود النظيف في مصفاة رأس تنورة حيث أتمت أخيراً تركيب أضخم معدات المشروع لفصل النافثا يبلغ وزنها الإجمالي 544 طنًا، فيما يصل طولها إلى 65 مترًا، وتكمن أهمية الإنجاز في أن هذه المعدة تُعد المغذي الرئيس لأكبر وحدات التحويل بسعة معالجة إجمالية تبلغ 155 ألف برميل يوميًا، وتضطلع أيضاً بتقسيم النافثا المعالج بالهدم إلى نافثا خفيف وثقيل، وهي الوظيفة الرئيسة لوحدة معالجة النافثا الهيدروجينية، حيث تتحكم في خصائص البنزين. في حين أن ضخامة المعدة استدعت قيام فريق المشروع بالتنسيق المباشر مع الجهات المعنية لنقلها من الجبيل إلى موقع المشروع، حيث تطلب العمل إجراء فصل مؤقت لعديد من الكابلات الكهربائية الهوائية، بالتعاون مع شركة الكهرباء السعودية وأمن الطرق، كما احتاج النقل إلى تجنب الجسور المنخفضة لتأمين عبور آمن للناقلة إلى موقع المشروع. إلى جانب ذلك، تم النقل من الجبيل إلى موقع المشروع في مصفاة رأس تنورة خارج فترات الذروة خلال الفترة المسائية، لتجنب تعطيل الحركة المرورية والمحافظة على سلامة مستخدمي الطرق، واستغرقت الرحلة ما يقرب من ثلاثة أسابيع من الجهة المصنعة إلى الموقع. يشار إلى أن مُعدّة فصل النافثا تم تصنيعها في شركة محلية سعودية في الجبيل، وهو ما يُسهم في تحقيق أهداف برنامج اكتفاء الذي يسعى إلى رفع نسبة توطين الصناعات إلى 70 ٪ بحلول العام 2021م. وقد استغرق التصنيع الكامل للمعدة أكثر من 12 شهرًا بعدد ساعات إجمالية بلغت أكثر من 2500 ساعة. وتعتبر مصفاة رأس تنورة أولى مصافي شركة أرامكو السعودية بالمملكة والمملوكة 100 % وأضخمها بطاقة 550 ألف برميل في اليوم من النفط العربي الخام. ويمثل الميناء الرئيس لتصدير النفط من المملكة ومسؤول عن تصدير90 % من النفط السعودي للعالم بإجمالي طاقة معالجة تبلغ حوالي 6.5 ملايين برميل يوميا. وتعد محطة النفط في رأس تنورة الأكبر في الميناء بطاقة تخزينية يبلغ متوسطها 3.4 ملايين برميل يوميا، و33 مليون برميل من سعة التخزين، ويمكن للمحطة أن تستوعب ناقلات تصل حمولاتها إلى 500.000 طن، حيث يتم تحميل جميع درجات النفط الخام السعودي في محطة رأس تنورة، فيما يبلغ متوسط طاقة مناولة محطة رأس الجعيمة من النفط الخام حوالي 3.12 ملايين برميل يوميا.