السينما صناعة ثقافية واجتماعية وتاريخية ولها ارتباط وثيق بالاقتصاد، والمملكة بدخولها هذا المجال بعد السماح بصالات السينما تضع نفسها في بداية طريق هذه الصناعة المهمة، فالسينما ليست مصدراً ترفيهياً فقط بل صناعة كبيرة تهدف إلى إثراء الاقتصاد الوطني ونشر رسالة المملكة وثقافتها إلى العالم أجمع. وهذا ما أكده د. عبدالله المغلوث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد والذي أشاد بالقرار الرسمي بالموافقة على فتح دور للسينما "الذي يشكل نقطة تحول مهمة ستفتح آفاقاً واسعة، وتحرك معها مختلف القطاعات ذات العلاقة لتنعكس على الجوانب الاقتصادية والثقافية والوظيفية والمجتمعية والترفيهية في المملكة"، متوقعاً أن يحدث القرار أثراً اقتصادياً كبيراً يؤدي إلى زيادة حجم السوق الإعلامي، إضافة إلى تحفيز النمو والتنوّع الاقتصادي من خلال المساهمة في الناتج المحلي، مع توفير آلاف فرص العمل لشباب وشابات الوطن، إلى جانب الانعكاسات المهمة الأخرى التي سيوفرها هذا النشاط مستقبلاً، والحراك الإيجابي الذي بدت ملامحه تظهر فور إعلان القرار. وأضاف المغلوث أن العوائد المتوقعة من السماح بالسينما في المملكة سوف تبلغ 90 مليار ريال بحلول العام 2030 "وهذا سوف يحقق أهداف التنوع الاقتصادي الموازي للنفط"، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد فتح المزيد من دور السينما في بعض مناطق ومدن المملكة "وهذا ما يزيد رغبة المواطنين والمقيمين بالذهاب لدور السينما ومشاهدة الأفلام التي تمنحهم تنوعاً معرفياً وثقافياً، ولا ننسى أن المملكة من حيث حجم السكان وعددهم يبلغ 32 مليون نسمة تعتبر أكبر سوق محتمل في المنطقة". مضيفاً: "وحتى نزيد في الإيرادات السنوية لابد من تنويع بالفئات العمرية فمثلاً الأفلام المسموحة للجميع وأفلام الأطفال وأفلام لمتوسطي العمر وهذا يعزز رغبتهم بالحضور كون كل فئة عمرية تحب أن ترى الأفلام التي تناسبها". وأكد المغلوث أن "فتح دور السينما بلا شك نقلة كبيرة تساعد على الدخول في المنافسة في عرض الأفلام والبحث عمّا يلبي أذواق المشاهدين وهنا سوف تسارع شركات الإنتاج لأن يكون لديها مساحة لعرض أفلامها داخل السوق السعودي وهذا يعطي ثقة أكبر بأهمية قرار افتتاح دور السينما بالمملكة". وأضاف أن "رجال الأعمال يتطلعون للمشاركة في الاستثمار في تأسيس دور السينما في المجمعات التجارية وغيرها لكي يستفيدوا من الحصة الاستثمارية والإيراد الكبير لأن بيئة الاستثمار في هذا المجال قد رخصت ووضعت الضوابط والآليات والإجراءات التي تمكن رجال الأعمال السعوديين وغيرهم بالاستثمار في دور السينما حيث إن هناك استثمارات ب 10 مليارات ريال في مشروعات ترفيهية بحلول 2030 ومن ضمنها قطاع السينما، وهذا يعزز كما أشرت الناتج المحلي ويصنع حراكاً اقتصادياً ويسهم في فتح مجالات أخرى". فيما يعتقد المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن إيرادات السينما يصعب تقديرها في الوقت الحاضر "لأن دور السينما لم تكتمل حتى الآن، ونحتاج معرفة عدد الدور التي تباشر العمل حتى نستطيع أن نخرج بتقديرات". ويرى الجعفري أن التقديرات الأولية التي تم طرحها الآن مبالغ فيها "ولكن القطاع كبداية نرى أنه مهم وسيحقق إيرادات متنامية خلال الخمس سنوات المقبلة حسب عدد الدور المفتوحة وحسب عدد الشاشات الموجودة فيها وحسب حداثة الأفلام المعروضة فيها"، وأضاف أنه "خلال الفترة المقبلة سيكون هناك تزايد في الدور، ولكن لا نعتقد أنها ستصل إلى الأرقام الموجودة التي يتم تداولها بشكل مبالغ فيه نوعاً ما سواءً من إيرادات القطاع أو من عدد الوظائف التي سيتم توفيرها، وبلا شك أنه قطاع مهم منذ بداية العرض الأول، وهذا يؤكد لنا أن جميع التذاكر ستكون مباعة في السنة الأولى وهذا أمر منطقي تماماً وستكون هناك أرباح بالتأكيد ولكن يصعب تقديرها الآن". وأوضح الجعفري أن من أهم عوامل نسبة نجاح صناعة السينما في المملكة هي النسبة العالية للفئة العمرية الشابة وخاصة ما دون الثلاثين عاماً، مضيفاً أن الصناعة تشمل الاستثمار في العرض عبر الصالات التجارية، وأيضاً الاستثمار في الإنتاج السينمائي المحلي "وحتى نصل إلى صناعة السينما في المملكة لابد أن يكون لدينا عدد محترف من العاملين سواء في مجال كتابة السيناريو وفي التنفيذ وديكورات المواقع ونطمح أن يكون إنتاج السينما إنتاجاً سعودياً خالصاً". ويرى الجعفري أن الاستثمار في صناعة الأفلام السعودية سيكون صعباً لدى المستثمرين ولن تكون المغامرة سهلة في بدايتها "لأنها تحتاج تكاليف عالية جداً والوقت مبكر لذلك رغم أن مجال السينما واعد جداً". من جهته ذكر المحلل الاقتصادي سليمان العساف أن افتتاح السينما في المملكة سيكون له فوائد اجتماعية وثقافية قبل أن تكون اقتصادية "لأن دور السينما في سوق ناشئة مثل المملكة لن تحقق إيرادات فورية ولكن هناك عدة صناعات مرتبطة بها وفوائد غير مباشرة مثل توظيف السعوديين وخلق وظائف وخلق مشروعات صغيرة مثل المطاعم والمقاهي ومبيعات وخدمات أخرى مرتبطة بصناعة السينما"، مضيفاً أنها ذات فائدة للمستثمر وللآخرين ولأصحاب السينما أنفسهم، متوقعاً أن تكون الإيرادات بمعدل 4 - 5 مليارات ريال ولكن فوائدها الاجتماعية تتجاوز هذا كله". وأضاف العساف أن صناعة السينما السعودية ستكون مختلفة تماماً عن هوليود "لأن في دول العالم الثالث لا يتجاوز إنتاج الفيلم عشرة ملايين دولار بينما في أميركا على سبيل المثال قد يصل إلى مئات الملايين، لذلك لا يمكن أن نضمن النجاح العالمي للفيلم السعودي، وهو ما يقلل من فرص خوض المستثمرين في مجال إنتاج السينما السعودية، لأن هناك مجالات أخرى يستطيع المستثمر السعودي طرقها أسهل وأسرع". علي الجعفري: الشباب هم رهان نجاح السوق السينمائية الوليدة سليمان العساف: للسينما فوائد اجتماعية وثقافية أكبر من الاقتصادية د. عبدالله المغلوث: 90 مليار ريال العوائد المتوقعة للسينما بحلول العام 2030 Your browser does not support the video tag.