في عصر التغيير الإستراتيجي الذي نعيشه ونتعايش معه بكل الطموح، جاء قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع برئاسة الدكتور عواد بن صالح العواد، وزير الثقافة والإعلام، بالموافقة على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في المملكة.. ليشكل منعطفاً محورياً يعيد لأحد مكامن القوة الناعمة تأثيراتها المرتقبة إيجابياً في التعبير عن الجذور الفكرية والثقافية والفنية لمجتمعنا السعودي، تشكل إلى جانب عمقها الثقافي مرادفاً اقتصادياً يمكنه شد أزر اقتصادنا الوطني الباحث عن تأمين مصادر جديدة تأهباً لعصر ما بعد النفط. وربما كان مصدر التفاؤل، هو ما أعلنه معالي وزير الثقافة والإعلام، من أن الدخل المتوقع لصناعة السينما في المملكة، قد يتجاوز 80 ملياراً خلال 10 سنوات فقط، وبمعنى آخر، قد يصل إلى 90 مليار ريال بحلول عام 2030، تعادل 45 % من الإيرادات غير النفطية للدولة تمثل أيضاً نحو 17 % من الإيرادات الإجمالية المتحققة خلال العام الماضي 2016، وتعادل أيضاً قرابة 4 % من الناتج المحلي السعودي.. حسبما كشفت بعض التقارير الإعلامية المحلية. وعدا أن صناعة السينما ستوفر الآلاف من الفرص الوظيفية، والتي تقدر بحوالي 30 ألف وظيفة دائمة، وأكثر من 130 ألف وظيفة مؤقتة بحلول العام 2030، إلا أننا سنكون أمام منحى جديد ومؤثر يضفي على المشهد الثقافي السعودي بُعداً شديد الأهمية، يعزز عملية الاستثمار وتشجيعها وترسيخها عبر فتح واستحداث مجالات جديدة ومتنوعة، وأيضاً وهو الأهم يعيد إنتاج وصياغة منظومة التأثير في العقول والوجدان بشكل أقوى عما قبل، ويسجل للمملكة حضوراً مؤثراً على الساحة الخليجية والعربية بما يتواكب مع مكانتها وريادتها في شتى الفروع والمحاور. ليس هذا فقط، بل سنكون أمام إعادة تدوير وتوجيه الإنفاق الأسري بمنظور وطني خاصة في مجال صناعة الترفيه، كجزء من أحد أهم ملامح رؤية 2030 الإستراتيجية، ويزيد من مساهمتها في الاقتصاد الوطني للضعف، لترتفع من قرابة 3 % إلى 6 % بحلول 2030. المثير في الموضوع أننا أمام نمط جديد ومتفائل للغاية من الفكر والعقلية التي تحاول استثمار كل الإمكانيات وترسيخها لصناعة غدٍ أفضل، ينطلق من إيمان شديد بأن قوة الأمم لم تعد اقتصادية أو سياسية فقط، ولكنها ترتبط أكثر بما تملكه من قوى ناعمة تكون أشد تأثيراً في ترسيخ مبادئها واستيعاب عقولها وتوطين هويتها، وقبل هذا وبعده، تكون وسيلتها للانتشار بين الأمم.. وهذا مناخ للتنافس المؤثر والتعريف الحقيقي بجوهر التعايش والتسامح والتنوع الثقافي والتعدد الفكري المأمول.. فهل من مزيد؟