الهروب من المسؤولية أصبح حالة سائدة بين كثير من الناس، فتراهم يلقون الأخطاء على من حولهم دون تحمّل نصيبهم من الخطأ، يرغبون في ميزات الشيء دون تحمل واجباته، يسعون للوظيفة رغبة في الوجاهة دون الالتزام بمتطلباتها، يتملّصون من واجبهم تجاه المجتمع ومن تأدية دورهم التطوعي، يرغبون في النجاة بأنفسهم فقط، وبعضهم يهرب حتى من إعالة أسرته. نرى هذه الظاهرة أكثر انتشاراً في المجتمعات الأقل تقدماً، فالدول المتقدمة يراعي فيها المواطن مسؤولياته، ويعرف قيمة ما له وما عليه، ليس في تأدية مهام وظيفته فقط، بل في حق مجتمعه عليه، ومساعدة من هم بحاجة إليه. من أسباب عدم تحمل المسؤولية شعور الإنسان بالضغط، وعدم قدرته على المقاومة، وعدم معرفته بطبيعته النفسية، ما يضعه في أزمات متعددة، فالإنسان المتوازن لا يتشوق للهروب من المسؤولية، بل يجدها جزءاً من تحقيق ذاته.. وأيضاً اكتساب هذه الصفة السيئة منذ الصغر، حيث يلاقي الطفل نوعاً من أنواع التدليل من والديه والاعتماد على كل من حوله ليقوموا بكافة المهام، وبذلك تزداد رغبته في التهرب من المسؤولية كلما كبر. بعض الأسر أصبحت تشهد صراعات كثيرة، والسبب في ذلك هو تقسيم المسؤوليات، حيث يتخيل كل من الزوج والزوجة في بداية حياتهما أن الحياة ستكون وردية، خاصة لو تعودت الفتاة على عدم تحمل المسؤولية، والاعتماد على والدتها في كل شيء، وتفاجأ بأنها مسؤولة عن أسرة وعن أطفال، وتنتظر من زوجها أن يحل محل والديها، ولكنها تكتشف أنه أيضاً كان يعتمد على ذويه في كل شيء، فتشب حالات من النزاع، تنتهي بالطلاق والتفكك الأسري. ونلحظ عدم تحمل المسؤولية أيضاً في العمل حيث تجد المدير يلقي بالحمل كله على موظفيه ويظهر فقط عند النجاح، وعند الإخفاق يتملص من مسؤولياته ويلقي الحمل والخطأ على من هم تحت يده، بل ربما يصل به الأمر إلى معاقبتهم. الشخص غير المسؤول يجنح دائماً للتهرب من أخطائه ولا يعترف بها، لأنه لا يريد تحمّل تبعاتها، ويبحث عن فرصة للهروب، شخص يكون مهزوماً نفسياً، لدرجة أنه لا يسعى لتحقيق ذاته، ويريد أن تمضي الأيام جميعها دون تعلّم أو تعب، حتى عثراته لا يرغب في إعادة النظر فيها ومعرفة أسبابها، فهو يتمتع بحالة تامة من اللامبالاة، ويساهم في بث طاقة سلبية في الأشخاص الذين يقومون بدورهم، حيث يحثهم على «تكبير الدماغ»، كما يقولون. Your browser does not support the video tag.