"سيبرانيو المستقبل".. تجربة الأمان والحماية الرقمية    حارس العين: حاولت تهدئة اللعب بإضاعة الوقت    جيسوس: الحكم حرمنا من ركلة جزاء واضحة    «تأشير» ل «عكاظ»: 200 مركز لخدمات التأشيرات في 110 دول    محافظ الزلفي يطلق حملة الدين يسر    استمرار تأثير الرياح المثيرة للأتربة والغبار على الشرقية والرياض    «السياحة»: «الممكنات» يخلق استثمارات تتجاوز 42 مليار ريال و120 ألف وظيفة    «التعليم»: اعتماد حركة النقل الداخلي للمعلمين    فائدة جديدة لحقنة مونجارو    علامات ضعف الجهاز المناعي    رئيس الطيران المدني: إستراتيجيتنا تُركز على تمكين المنافسة والكفاءة    تكريم الفائزين بجائزة الإبداع في النقل و«اللوجستية»    المملكة تجدد مطالباتها بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيّين في غزة    عدوان الاحتلال.. جرائم إبادة جماعية    القوات الجوية تشارك في "علَم الصحراء"    المطبخ العالمي    إنسانية دولة    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان التعاون والتطورات    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    «خيسوس» يحدد عودة ميتروفيتش في «الدوري أو الكأس»    في انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة.. الأهلي والاتحاد يواجهان النصر والهلال    الهلال يستضيف الفيصلي .. والابتسام يواجه الأهلي .. في ممتاز الطائرة    يوفنتوس يبلغ نهائي كأس إيطاليا بتجاوزه لاتسيو    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان هاتفيا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    مجلس الوزراء: 200 ألف ريال لأهالي «طابة» المتضررة مزارعهم وبيوتهم التراثية    تفاهم لتعزيز التعاون العدلي بين السعودية وهونغ كونغ    مكافحة إدمان الطلاب للجوال بحصص إضافية    وزارة البيئة والمياه والزراعة وجولات غير مسبوقة    أضغاث أحلام    الدرعية تكشف تفاصيل مشروع الزلال    تأثير الحياة على الثقافة والأدب    مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    حضور قوي للصناعات السعودية في الأسواق العالمية    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    المجمع الفقهي والقضايا المعاصرة    دورة حياة جديدة    السعودية تستضيف الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي    معادلة سعودية    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل كرات الترافل بنكهة الليمون    طريقة عمل مهلبية الكريمة بالمستكه وماء الورد    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر حزمة مساعدات أوكرانيا    الشرطة تقتل رجلاً مسلحاً في جامعة ألمانية    عبدالعزيز بن سعد يناقش مستقبل التنمية والتطوير بحائل    الشورى يدعو «منشآت» لدراسة تمكين موظفي الجهات الحكومية من ريادة الأعمال    سورية.. الميدان الحقيقي للصراع الإيراني الإسرائيلي    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    أمانة المدينة تطرح فرصة استثمارية لإنشاء مدينة تشليح    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    مركز التواصل الحكومي.. ضرورة تحققت    أمير الرياض يستقبل عددًا من أصحاب السمو والفضيلة وأهالي المنطقة    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    الإعلام والنمطية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«دلّوع في بيتنا.. تحمّلوا نتاج تربيتكم»!
الاهتمام الزائد بالصغير يُحوله إلى «مُدلل» مع مرتبة «لا ترفضوا لي أمراً »..

"الأطفال".. أعظم نعم الله التي لا تقدر بثمن، حيث تجد الكثير لا تسعهم الأرض فرحاً بانجاب الصغار، ومن يتأخر في ذلك لأي ظرف فإن الفرحة تتضاعف في حال تحققت على أرض الواقع.
ويحرص الوالدان دائماً -لا شعورياً- بحماية أطفالهم والمحافظة عليهم وتربيتهم وتوفير سبل الراحة لهم، كذلك هناك من يُعوّض صغاره النقص الذي غمره حينما كان طفلاً، سواء حباً أو اهتماماً أو مالاً أو هدايا، ليتحول الطفل إلى "مدلل" مع مرتبة "لا ترفضون لي أمر".
وينقسم "دلال الأطفال" إلى قسمين؛ إيجابي وسلبي، فالأول هو فهم مشاعر الطفل والقرب منه وحل مشاكله ومساعدته على فهم الحياة بطريقة تربوية سليمة واكسابه الحوار البناء، شريطة أن لا تتعارض مع ميوله واهتماماته وتفكيره الذي قد يُشكّل شخصيته في المستقبل، أما الثاني فهو ما ينتشر بين الشباب من الآباء وكبار السن أيضاً، حيث يُقيّد الوالدان الطفل فتجده شديد الالتصاق بهما، بل ويخاف الابتعاد عنهما، مما ينعكس سلبياً على شخصيته مع مرور الوقت.
ويبقى من المهم أن يتحاور الآباء مع الابن حواراً بنّاء، عبر تطوير شخصيته من مدلل إلى وسطي ثم إلى إيجابي، كذلك لابد أن يشعر الصغير بالحرمان حتى ولو كان في شيء يسير، حتى يدرك قيمة الأشياء والأشخاص من حوله، ولكي يُفيده ذلك في المستقبل عبر مواجهة المواقف والتحديات الصعبة بكل هدوء وحكمة.
الآباء عليهم مسؤولية تطويرشخصية الطفل إيجاباً عبرالحوار البنّاء
تفريط وزيادة
وقالت "نجلاء سعد" -طالبة جامعية-: نحن سبعة أخوة وأخوات، والدي يكبر والدتي بعشرين عاماً، مشكلتنا تتلخص بأختي الصغيرة، والتي يُفرط والدي بتدليلها كثيراً، الأمر الذي جعلها تخرج عن السيطرة، فكثرة صراخها وعنادها المستديم سبب خلافنا مع والدي دئماً، حاولنا تعديل سلوكها بكرسي العقاب والحبس، حيث تستجيب في البداية، وما أن تسمع صوت أحدهما تنقلب مرةً أخرى ليقفوا في صفها، مضيفةً أن الغريب في الأمر أن والدتها قد أخبرتهم ذات مرة أن قلبها قد قسمته إلى ربع لهم، وربع لأحفادها، والنصف لأختها الصغيرة، مبينةً أنهم صُدمو من طريقة تقسميها وعدم عدلها، ذاكرةً أنه لم تكن تربية والدها سلبية يوماً ما، فجميعهم حكمتهم قوانين وضعوها معاً لكنها للأسف أُلغيت حينما أتت أختها الصغيرة، مؤكدةً على أنه كبر عمرهما والفارق بين أختها الصغيرة وأخيها الذي بلغ حوالي (14) عاماً جعلهما يتبنيان دور الأجداد بالنسبة لها، ويميلان كثيراً في التربية.
صراخ واحراج
وتأسفت "مي المبارك" -موظفة حكومية- على أنه يقع الكثير من الآباء والأمهات في خطأ التربية التدليلية، فتجد الأب يُقدّم كل شيء لإسكات الصغير حينما يبدأ بالصراخ، ليجد الطفل سلاحاً ضد والديه تجاه ما يريد، مضيفةً أنه كثيراً ما نرى ذلك الطفل المدلل الذي يفترش الأرض في الأسواق والمحلات ويصيح بأعلى صوته من أجل لعبة ما، وتجد والديه قد اعتلاهما الحرج ونظرات الناس الحادة ليضطروا إلى الانسحاب بسرعة أو تلبية طلبه، مبينةً أن الأطفال يحتاجون إلى التربية الصحيحة ولا مانع أن تكون أمام الناس، فبإمكانهما تجاهل بكائه حتى ينهكه التعب ليعرف أن ليس كل طلباته مجابة، وأن هناك قوانين تستوجب الاحترام.
تصحيح السلوك
ووافقتها الرأي "مضاوي المانع" -موظفة قطاع خاص- قائلةً: الأطفال ك"الصلصال"، متى ما تم صقلهم بنعومة أنتجت تحفة فنية، كل شيء يبدأ منذ الصغر، فلا حرمان ولا تدليل مبالغاً فيه حتى ينشأ قوي الشخصية بطريقة سليمة، مع ذلك كثير من الآباء والأمهات يظن أنه قد فات الأوان في تعديل سلوك أطفالهم، إلاّ أنني أرى أن الإنسان يتغير حسب الظروف المحيطة، فتكاتف جهودهم لتعديل أي سلوك سيلاقي النجاح حتى وإن كان أصعب بسبب كبر سن الطفل، مضيفةً: "أعرف قريبتي كانت تعاني مع طفلها الأول بشراسته وعنفه واضطهاده للكبير والصغير، والتي هي وزوجها سبب في ذلك السلوك، بتسخير الجوانب المادية والمعنوية له، فمن ناحية المادة تكافئه أسبوعياً بهدية، أمّا معنوياً فتسخر الجميع لخدمته وطاعته، الأمر الذي يوقعها بإحراج مع الجميع داخل وخارج نطاق الأسرة"، مبينةً أنها بدأت باقتناء الكتب حول تصحيح هذا السلوك وتكاتفت جهودها مع زوجها الذي خشى أن يدمر هذا السلوك ابنه في المستقبل، لتأتي النتائج بعد ذلك بابن بار بوالديه وزوج صالح لزوجته وأطفاله ومحبوب من الجميع، والذي كثيراً من أقاربهم يتساءل: "كيف تحول من مراهق غاضب إلى حمل وديع؟"، فكان جوابها: "لحقنا عليه".
حُب شديد
وقالت "أم أحمد" عن معاناتها وأخواتها الإناث: أصغرنا دخل الثلاثين عاماً، فوالدي -رحمه الله- كان من الجيل القديم الذي يبجل الذكور، فبعد خمس إناث رزق بولد سعد به الجميع ومن بينهم نحن أخواته، الأمر الذي تحول إلى جحيم كلما كبر هذا الصبي عاماً بعد عام، كنّا نخدمه كخادمات وليس كأخوات، وتُأخذ اللقمة من أفواهنا لإطعامه، بل ولو امتلكنا لعبة يبكي حتى تنتزعها والدتي من أجله، مضيفةً أن والدها لم يتعمد ذلك، فالحُب الشديد أوصله إلى شخصية طاغية عليهن، مبينةً أنه عندما كبر أخوهم وأصبح رجلاً التفت إليهم وقيّدهم بأفكاره ومبادئه، كل ذلك على الرغم من وجود والدها آنذاك، الذي لم يُحرك ساكناً، ذاكرةً أن والدتها كانت تغضب عليهن حينما نتصادم معه، وأحياناً كثيرة يصل الأمر بها إلى أن تقاطعنا ولا تتحدث إلينا بالأيام، الأمر الذي أجبرهم على مسايرته من أجلها، لافتةً إلى أنه عندما توفي والدها لم يعودوا مع أخيهم كالسابق، حيث ابتعدو عنه كثيراً، كل ذلك بسبب تربية والدها الضعيفة.
ضحية طلاق
وشرحت "نوف القحطاني" -معلمة رياض أطفال- مفهوم الدلال لدى الطفل بقولها: بحكم عملي برياض الأطفال أرى أنواع الدلال العنيف والمتسلط والاتكالي، مضيفةً أن العنيف والمتسلط هو أصعبها؛ لأنه دائماً ما يؤذي الآخرين، أمّا الاتكالي فيُتعب من هم حوله لكنه بدرجة أخف من الأول، حيث لا يستطيع أن يفعل شيئا إلاّ بمساعدة شخص آخر، مؤكدةً على أن هذه الاتكالية تتمثل في حل الواجبات حيث تحل والدته عنه للأسف، مبينةً أن هناك نوع ملاص لوالديه وهذا النوع لا يضر إلاّ نفسه، فتجد انخراطه مع البقية صعب وفراقه عن والديه في الصباح متعب بسبب بكائه وصراخه، كما أنه كثير الأمراض بسبب حرص والديه لتعقيم كل شيء حوله مما يجعله ضعيف المناعة والبنية بالنسبة لأقرانه.
وأوضحت "سحر" -طالبة ثانوي علمي- أنها وأختها ضحية طلاق، مما جعلهم في منتصف هذه العلاقة متضررين ومحتارين، كل منهما كان يصر على تدليلهم أكثر ليبقوا بصفه وإلى جانبه، مضيفةً أنه حينما يذهبون إلى والدها يأخذهم إلى بلدان جديدة في الإجازات الصيفية وغيرها، وإن عادوا إلى والدتهم تغدقهم بالهدايا والمال رغبة منهما في بقائهم معها، مبينةً أنها استغلت ذلك ومازالت أختها تفعل الشيء نفسه، لكنها اكتشفت أنه من الخطأ الوقوف بصف ضد آخر، الأمر الذي دائماً ما تُحاول أن تُفهمهما بأنها تُحبهما سوياً ولكن لا يوجد مستمع.
ألفاظ جارحة
واشتكت "سحر الشلاش" -طالبة جامعية- من طريقة تربية أختها وزوجها لطفلتهما بقولها: رُزقت أختي وزوجها طفلة، الجميع سعد بها، فهي الحفيدة الأولى، ولا أخفيك الدلال الذي أحاط بها من والديها وأجدادها، ونحن خالاتها لكن باعتدال، مضيفةً: "الموضوع الذي كنا دائماً ما نتشاجر مع أختي بسببه هي طريقة كلامها مع ابنتها ظناً منها أنه تدليع، الأمر الذي أوصلها حتى بلغت أربع سنوات لا تستطيع التحدث بلغة سليمة واضحة، وحينما تنطق الكلمة بشكل سليم تعود أختي إلى نهيها وزجرها وإعادة التأتأة ومخارج الحروف الضعيفة ظناً منها أنها تصبح أجمل بذلك، ولا أخفيك الأمر لا تعرف الطفلة الفرق بين كبير وصغير، فدائماً ما تنادي والدها دودي" وأمها نانا، غير الألفاظ الجارحة وغير المؤدبة تجاه أجدادها، وكلما حاولنا تعديل سلوكها تظهر أُختي لحمايتها وتخبرنا بأنها هي أمها وهي أعلم بتربيتها".
تقليد المُدلل
واتفقت معها "سارة الحمود" -طالبة جامعية- قائلةً: نعاني مع ابن اختي مشكلة مشابهة، لكن حالته الصحية هي التي جعلت والديه يصلون به إلى مرحلة مستعصية من الدلال الزائد، حيث يعاني من "الصرع" وكهرباء زائدة في دماغه، الأمر الذي كلما دخل في مرحلة البكاء الهستيري ليحصل على شيء يغمى عليه، فتجد والديه يحاولون قدر الإمكان عدم مناقشته وتلبية مطالبه بأسرع وقت ممكن قبل أن يحصل له شيء، مضيفةً أنه من هذا المبدأ عرف الصغير كيف يحقق مطالبه باستغلاله نقطة ضعف والديه وهو الخوف عليه، ليرغمهم على تلبية كل شيء يشتهيه ويرغب به، مبينةً أنه كان بإمكانهم معالجة الأمر مع تربوي متخصص ووضع جلسات يدار فيها حل هذه المشكلة معه، لكنهم اكتفوا بعاطفتهم الجياشة وشعورهم بالخوف غير المبرر لحمايته.
وذكرت "أنفال عبد العزيز" -طالبة ثانوي- أن أخاها الأكبر عاش سبع سنوات بمفرده قبل إنجابهم، فكان قد تشرّب الدلال الذي أفسد سلوكه لاحقاً، مضيفةً أن الكثير ينظر إليهم في الأماكن العامة نظرات استحقار حينما ينادين أمهن باسمها الحقيقي "نورة" من غير أمي أو والدتي أو "يمه"، وحتى والدها يُنادينه باسمه "عبدالعزيز" صريحاً من غير أي شيء، ليس خللاً فيهن لكنه تقليد أخيهن، لذا نشأن مثلما نشأ، مؤكدةً على أن الكثير يذكرونهن بعقوبة عقوق الوالدين بالرغم من سماح والديهن بذلك.
حوار بناء
وتحدثت "هدى الصقيه" -استشارية أُسرية- قائلةً: لا يفسد الطفل إلاّ أهله، فالبيئة الأولى هي المنزل متى ما تم ضبطها بقوانين وأخلاقيات واضحة نشأ الطفل صحيحاً مستقيماً، مضيفةً أنه قد يضطر الكثير من الآباء والأمهات إلى إفساد أطفالهم من غير وعي إمّا لحرمانهم من نعمة الأطفال لفترة طويلة، أو لتعويض نقص حاد في طفولتهم، أو لقلة الخبرة بأساليب التربية السليمة، مبينةً أن الطفل يحتاج إلى جرعة معقولة من الدلال لتحفيزه وتشجيعه وإشباع عاطفيته، لكن متى ما زادت عن ذلك قد يؤذيه مستقبلاً، مبينةً أنه على سبيل المثال التشجيع المكثف من غير أسباب حقيقية قد يخلق شخصية نرجسية تعتليها الأنا العليا، ليعيش في عالم غير حقيقي يطفو به حتى يهوي فينكسر، أو يفعل تصرفات خاطئة لا يوجد من يوجه لتصحيحها ليتطور ويصل لإيذاء نفسه أولاً ثم الآخرين، مبينةً أن تشكيل شخصية الطفل في عمر صغير يعتبر أفضل من أن يكون مراهقاً، ذاكرةً أن الدلال المادي يُعد الهاوية التي يدفع بها الآباء أبنائهم نحوها، وهو المنتشر تقريباً في مجتمعنا، حيث يغرق الآباء الأطفال مادياً ليصل الأمر لأن تكون واجب تنفيذ متطلباتهم من غير تفكير، مشيرةً إلى أنه من هنا تتحول شخصية الطفل إلى اتكالي لا يقدر القيمة المالية وصعوبة الحصول عليها.
وأضافت: كثير من هؤلاء الأولاد كبروا وتزوجوا وواجهوا مشاكل مستعصية بسبب سوء إدارة المال منذ الصغر، كذلك نما لديهم حس الغيرة من امتلاك أي شخص لأي مادة أرادوها لأنفسهم أول ليمرضوا بداء الغيرة، ذاكرةً أن الحوار البناء وتطوير شخصية الطفل من مدلل إلى وسطي يأتي بالنتائج الإيجابية حتى وإن كانت بسيطة، مُشددةً على أهمية معرفة الأطفال الإحساس بالحرمان حتى ولو كان "لوح شوكولا"، حتى يدركوا قيمة الأشياء والأشخاص وأن الحياة صعبة، ناصحةً الآباء بترك الأطفال يتذوقون طعم مرارة الحياة ولو قليلاً ليعرفوا القيمة الحقيقية للوالدين.
يقع الآباء والأمهات في خطأ التربية «التدليلية» مما ينعكس سلباً على شخصية الطفل
بعض الأطفال يعرف جيداً أن بكاءه وسيلة لتلبية طلباته
العلاقة الجيدة بين الآباء والأبناء تؤسس لشخصيات معتدلة مستقبلاً
التوازن والاعتدال يهذبان النفوس
أكدت "هدى السيلان" - أخصائية نفسية - أن التربية الاسلامية ترتكز على التوازن والاعتدال في تهذيب النفوس وبناء المجتمع، قال الله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً".
وقالت: إن التنشئة الاجتماعية السليمة مخرجاتها أشخاص أصحاء نفسياً لديهم القدرة على تحمل مسؤولية أنفسهم، ومسؤولية مجتمعهم، حيث تهدف إلى تشكيل سلوك الطفل اجتماعياً حسب المعايير والقيم الاجتماعية ومقومات ثقافة المجتمع، مبينةً أن الأسرة هي المصدر الأهم والأساسي لكونها المنفردة في تشكيل شخصية الطفل في السنوات الأولى من حياته، ثم تشاركها المدرسة والمسجد والأصدقاء وكثير من المؤسسات الأخرى.
وأضافت: هناك نوعان من الأنماط المتبعة في التربية والتنشئة الاجتماعية؛ الأول هو ما يراعي إشباع حاجات الطفل وإشعاره بالأمان، ويتناسب مع المواقف والمراحل العمرية التي يمر بها الطفل أو المراهق والتي نحتاج إلى تلقينهم من خلالها الأسس والمبادئ بحُب، والثاني أسلوب الحماية الزائدة والتفرقة بين الأبناء والقدوة السلبية والتحقير والإهانة، وكذلك القسوة الزائدة والتسلط والتدليل الزائد.
وأشارت إلى أن التدليل هو الإفراط في تحقيق معظم رغبات الأبناء والإذعان لمطالبهم مهما كان نوعها، وعدم توجيههم إلى تحمل المسؤولية أو أداء أدوارهم، مبينةً أن الطفل المدلل الذي يحميه الكبار يعيش في محضن لا يخرج منه، ما يؤدي إلى أضرار بالغة عليه والأسرة والمجتمع، التي منها ضعف الاعتماد على النفس وانعدام شعوره بالمسؤولية تجاه الآخرين، وضعف أداء الأدوار المتوقعة منه، وكذلك ضعف القدرة على مواجهة المشكلات الحياتية حتى وإن كانت بسيطة، وظهور شخصية مترددة لا تستطيع اتخاذ قراراتها باستقلالية وبتفرد، إضافةً إلى الأنانية والحقد واللامبالاة، إلى جانب سهولة الانقياد والتأثر بالمحيط الاجتماعي المضطرب أخلاقياً.
ونصحت الآباء بأن تدليل الأبناء لا يستمر طويلاً، ففي حالة الوفاة - لا سمح الله - أو الانشغال لأي سبب من الأسباب الأسرية أو الاجتماعية سينعكس ذلك سلباً على سلوك الطفل وشخصيته.
رسائل إلى الأب
يعلم كثير من الآباء والأمهات صعوبة التربية ومشقتها، لكنها أكثر صعوبة حينما يكون الطفل "مدللاً" أو بالأصح "استفحل" دلاله، ليكون غير راضياً عما يقام له، منتظراً تلبية رغباته متى أراد فتجد السؤال يتردد كيف أعيد تربيته؟.
عزيزي الأب:
* كن جاداً في رغبتك على السيطرة وحازماً، فحينما تأمره بأن ينظف غرفته ولم يفعل لا ترضخ فهو يريد أن يختبر صبرك، وإن رتّب فراشه وملابسه ومازالت أوراقه وأقلام مبعثرة على الأرض فلا تتخاذل فهو أيضاً يختبر مدى التزامك بفرض السيطرة.
* لا تهدد، فالتهديد لا يجدي نفعاً، وإن نفع فهو يخلف شخصية مهزوزة، استعمل التعليمات وأعدها ما استطعت، فهو يحاول أن يجعلك تمل حتى لا تكمل مشروع سيطرتك، فطفلك ذكي ويختبر جديتك أيضاً.
* لا تساوم، فكثيراً من الأطفال يوقعون أهاليهم في فخ المساومة؛ لأنه يعلم أنك كبير ولا طاقة لك في مجاراته بالحركة والحديث، فتجده يخبر والدته أنه لن يأكل طعامه إلاّ بعدما يأخذ جهاز "الأيباد"، أو يحصل على قطعة حلوى ليجد الموافقة الفورية من أم تحاول إطعامه طعاماً صحياً.
* تجنب دائماً حماية الطفل والمسارعة في إنقاذه؛ لأنك تخلف شخصية اتكالية لا تستطيع إنجاز أي شيء في المستقبل، دعه يقع ضحية أخطائه ليتعلم ويفكر بالحلول.
*لا تغرقه مادياً، ولا تكثر الهدايا، وفرتهما تحرم الطفل من تعلم أن المال صعب اقتنائه، لابد من الحكمة في تصرفه، كما لابد أن يتعلم بأن ليس كل ما تشتهيه نفسه يستطيع الحصول عليه، حتى لا يصاب بخيبة أمل حينما يكبر ويفشل.
* قد تعتريك مشاعر الأنانية أو حب أن يحصل أطفالك ما لم تحصل عليه في الماضي، لكن لا بد ان تعرف أن تربية والديك هي التي جعلتك عصامياً ناجحاً، فلا تبخل بمثل هذه التربية لأطفالك.
من هو الطفل المُدلّل؟
* الطفل العنيد الذي لا يقبل بكلمة "لا"، فتجده دائماً لا يشبع وكثير الطلبات، وحينما يقابل بالرفض يحاول إيذاء من حوله جسديا ولفظياً حتى يتمم رأيه.
* الطفل الضعيف الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه بسبب حماية والديه له، والهجوم على كل من يهدد كيانه من غير مبرر.
* الطفل كثير البكاء لأمر حقيقي كان أو تافه، فتجد صوته يسبقه قبل أن يحدث أي مكروه، وحينما لا يلبى له شيء يفترش الأرض ويبدأ بضرب نفسه بأي شيء كان حتى يلبي الأهل متطلباته.
* الطفل العنيف الذي يتلذذ بضرب الآخرين، وأحياناً كثيرة تعذيبهم، تجده يؤذي أقرانه بالضرب وحتى الحيوانات يضطهدها، أمّا الكبار فتجده يلجأ لشتمهم واستفزازهم؛ لأن لا قانون يحكمه ويهذب سلوكه، ولا سلطة والديه تقيّد تصرفاته.
# هشتقة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.