لا يمكن أن نغفل دور وجهود وزارة العمل في تعزيز وتهيئة سوق العمل بالشكل الذي يحمي حقوق العامل وخلق فرص وظيفية جديدة وتمكين السعوديين والسعوديات من ذوي المؤهلات المناسبة من إيجاد فرص عمل حقيقة من خلال العديد من القرارات التي صدرت سابقاً وحالياً خصوصاً في ظل ازدياد أعداد الخريجين المؤهلين سنوياً سواء من داخل أو خارج المملكة. ولقد تابع الجميع قرار وزارة العمل بسعودة الوظائف داخل الأسواق التجارية المغلقة "المولات"، مما سيعزز إيجاد فرصة عمل مناسبة للمواطنين والمواطنات في قطاع التجزئة، سواء كان بنظام الدوام الكامل أو الجزئي. ثم أتى لاحقاً قرار وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة العمل من أجل وقف الاستقدام لأطباء الأسنان من أجل إيجاد فرص عمل مناسبة للخريجين من هذا التخصص للسعوديين والسعوديات في المملكة. ولازلنا ننتظر المزيد من القرارات الأخرى من الوزارات والجهات المعنية ذات العلاقة بالعديد من المهن والوظائف التي يمكن أن تكون مناسبة لأبنائنا وبناتنا. إلا أنني لازلت أتساءل وأتعجب، لماذا لم تقم وزارة العمل حتى الآن بالتنسيق مع الوزارات والجهات ذات العلاقة بخطوات أكثر حزماً وصرامة للسعودة الكامله أو الجزئية في بعض المهن وهي"الاستشارات الإدارية والتخطيطية، المحاماة والاستشارات القانونية، المحاسبون القانونيون، الهندسة المدنية وغيرها"، والتي من السهل جداً أن تصدر قرارات بسعودتها خصوصاً وأن هناك تشريعات تساعد على ذلك؟ فلو أخذنا مثلاً مهنة المحاماة والاستشارات القانونية، نجد أنه لم يصدر حتى الآن أي نظام أو إجراء من أجل سعودتها أو حتى رفع نسب السعوديين في الإدارات القانونية لدى الشركات أو مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية! ومع العلم أننا نرى سنوياً خريجين وخريجات من داخل وخارج المملكة في مجال العمل القانوني والكثير منهم على كفاءة عالية، يبحثون عن عمل ولكن دون جدوى. فلو نظرنا سابقاً قبل عدة سنوات نجد أن أعداد الخريجين القانونيين قليل جداً نظراً لأن التخصص كان مقتصراً على جامعات محددة بالمملكة، إلا أن أعداد القانونيين الخريجين والخريجيات يتجاوز سنوياً الآلاف، سواء من الجامعات السعودية الحكومية أوالأهلية أو من خارج المملكة، مما يحتم على الجهات المعنية بالمملكة اتخاذ قرارات سريعه وعاجلة من أجل منح الفرص الوظيفية المناسبة لهؤلاء الخريجين للعمل داخل المملكة. ولعلي أكاد أجزم أن أعداد الوظائف في مجال العمل القانوني المتاحة سنوياً لا تستوعب إلا نسبة ضئيلة جداً من أعداد الخريجين والخريجات الهائل سنوياً. فنجد أن العديد من شركات القطاع الخاص ومكاتب المحاماة وبعض القطاعات الحكومية تستعين بمستشاريين قانونيين من الخارج، مع العلم أن الكثير منهم ليس لديهم إلمام وخبرة في كيفية التعامل مع النظام القانوني والقضائي بالمملكة، والتي من السهل جداً شغلها من قبل خريجين وخريجات سعوديين. ومن باب القياس، لو نظرنا إلى نظام المحاماة، نجد أنه نص على ضرورة أن يحصل المحامي السعودي على التدريب لفترة زمنية محددة تصل في حدها الأقصى إلى ثلاث سنوات للحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة والاستشارات القانونية، مما يؤكد على ضرورة اكتساب الخبرة العملية المناسبة من أجل فهم وإلمام وإدراك الجوانب القانونية الكاملة لممارسة العمل المهني القانوني داخل المملكة. إلا أنه في المقابل يمكن من السهل استقدام شخص من خارج المملكة ليس لديه أي إلمام أو خبرة بالأنظمة السعودية وقد يكون من حديثي التخرج لكي يعطي استشارات قانونية لقطاع الأعمال السعودي دون وجود أي خبرات قانونية سابقة وبالتالي نجد أنه لا يوجد أي إضافة أو خبرة جديدة مكتسبة تذكر ممن يتم استقدامهم من الخارج للعمل في المجال المهني القانوني بالمملكة مما يتوجب التدخل السريع والعاجل من قبل وزارتي العدل والعمل لاتخاذ القرار المناسب حيال ذلك. لعل مثل هذا القرار سيكون له الكثير من الفوائد الجمة، منها أن يتم فتح الفرص الوظيفية الكبيرة والمناسبة للسعوديين والسعوديات للعمل في مكاتب المحاماة وشركات القطاع الخاص وكذلك بعض جهات القطاع العام، خصوصاً وأن العائد المادي منها مناسب جداً. كما أنه سيساهم في توسيع أعداد مكاتب المحاماة في المملكة مما سيكون له أثر إيجابي على العمل المهني القانوني ونقل الخبرات المناسبة والتي يحتاجها قطاع الأعمال والجهات التشريعية. إلا أنه لابد أن يتم الأخذ في الاعتبار أن تكون نسبة السعودة 100% في مكاتب المحاماة والإدارات القانونية بشركات القطاع الخاص وبعض جهات القطاع العام حتى يؤدي هذا القرار نتائج إيجابية لصالح السعوديين والسعوديات مع ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية النظامية لمنع التحايل على مثل هذا القرار. * أكاديمي ومستشار قانوني