من أبرز سمات الشخصية الواثقة أن يكون الشخص مواجهاً للتحديات والظروف، وكذلك الاعتراف بالخطأ والفشل. ولم ولن يُصبحُ العظيمُ عظيماً ما لم يمرّ بالقاهرات من الظروف والمُعجِزات من المصاعب، وما لم يعترف بنقاط الضعف والامتثال لتشخيص الخطأ بالشكل الصحيح بعد المراجعة والمحاسبة. أعجب كثيراً ممن همّه الدائم وشغله الشاغل لوم الناس ومحاسبتهم ومتابعة أخطائهم وعثراتهم، والعجب الأكبر ممن يرمي عيوبه وتقصيره ونتاج ذلك على الناس، وكأن الخلق قد خُلقوا لإرضائه والسير حسب تدبيره، فإن قصّر في شؤون حياته أو بناء أسرته رمى باللائمة يمنةً ويسرة، وإن فشل في تربية أبنائه أو القيام بواجباته في تعليمهم وتقويمهم شنّ هجوماً على المدرسة، وإن أخفق في الوصول إلى غاياته بحث شرقاً وغرباً عن سببٍ يُسلّي به نفسه عن الاعتراف بالتقصير. الكون والحياة حسب نظرته مؤامرة، والبشر حسب رؤيته آلاتٌ في خدمته!! ومن حيث لا يعلم فإنه مع هذا السلوك يجعل نظرة الناس إليه نظرةً فيها كثيرٌ من عدم الاحترام، كيف لا وهو يتخلّى عن أحد مقومات عزّة النفس وصون الكرامة، فهو يبتذل في المجالس والملتقيات ووسائل التواصل بلوم كلّ أحدٍ إلا نفسه، ومحاولة إظهارها بالكمال والقوّة، وهو ما لا يستطيع جعله حقيقة عند من يسمعه، فمرّةً بعد مرّة ومجلساً إثر مجلس تتشكل شخصيته بالانهزامية والضعف، والمشكلة الأكبر أن يتشربها أبناؤه شيئاً فشيئاً، حتى يستلذوا بسهولة الاستسلام ويُمجّدوا راحة الانهزام. يا عزة النفسِ كوني في العُلا قمراً فالعيش دونك مثل الغصن إن مالا ما قيمة المرءِ إن ضاعت كرامته فضل الكرامة يعلو الجاهَ والمالا وقد يلازم هذه الشخصية حسد مُبطّن، وحقد دفين، فيُظهره على هيئة الحرص و النزاهة، وتقويم الأفراد والمؤسسات، فيزيد فشله همّاً وإثماً. يقول وليم شكسبير: أجمل ما في عزة النفس أن تكون مكتفيًا بذاتك، لا تنظر لما في أيدي الآخرين، ولا تقارن نفسك بأحد، لأنك تؤمن بأن لكل إنسان طريقه وظروفه، فالقوة أن تعرف قيمتك دون أن تحتاج لتبرير أو مقارنة، وأن تفتخر بنفسك كما أنت.