العلاقات بين الدول تقوم على أسس عدة من قواعد الاحترام المتبادل في ظل السيادة الكاملة والمصالح المشتركة، قد يشوب تلك العلاقات أمور تعكر صفوها وتغير اتجاهها حسب ظروف ومعطيات ومواقف متعددة، ولكن تظل العلاقات في إطارها الطبيعي طالما لم يفسد الاختلاف للود قضية. العلاقات السعودية الإيرانية كانت ضمن العلاقات التي سعت المملكة ومعها دول مجلس التعاون أن تضعها في إطارها الطبيعي بحكم الدين والجغرافيا والمصالح المشتركة، والشواهد كثيرة على المرات التي تمت المحاولات الجادة فيها أن تكون علاقات حسن جوار ضمن الأطر المتعارف عليها دولياً التي تحكم علاقات الدول كما هو متعارف عليه في العلاقات الدولية. النظام الإيراني له مخططات أخرى، حسن الجوار ليس منها بل العكس هو الصحيح تماما.. أهداف النظام الإيراني التوسعية جعلته يعتقد أنه من الممكن وعبر التدخل في شؤون دول مجلس التعاون وزعزعة الأمن فيها أن يفرض هيمنته على الإقليم وأن يصبح (شرطي المنطقة) يفرض أجندته على دولها، وهذه حقيقة شواهدها تتحدث عنها من خلال الوقائع، وأيضاً تصريحات المسؤولين الايرانيين وتشدقهم بسقوط أربعة عواصم عربية في أيديهم وكان أمجاد الإمبراطورية الفارسية البائدة قد بعثت من جديد، وبالتأكيد تلك أضغاث أحلام. عندما نفذت المملكة حكم القضاء بعد محاكمات شفافة بكل أركانها في سبعة وأربعين إرهابيا عاثوا في الأرض فساداً قامت قيامة النظام الإيراني ولم تقعد لأن بعض من أولئك الإرهابيين كانوا من الطائفة الشيعية في المملكة التي لها كل حقوق المواطنة وعليها واجباتها التي لم يلتزموا أولئك الإرهابيين بها بل باعوا أنفسهم لدولة لا تريد الخير لبلدهم وعملوا على محاولة زعزعة الأمن والاستقرارا فيها تنفيذا لأوامر جاءت من طهران مباشرة، وخرج النظام الإيراني عن بكرة أبيه عن طوره مستخدما عبارات لا تستخدم بين الأفراد فكيف بنا بين الدول مهددا ومتوعدا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، ضاربا بكل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط عندما أمر عناصره بمهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران والتعدي عليها، وإن كان ذلك ليس بغريب على نظام تعود على عدم احترام القانون الدولي وصنف كنظام مارق. في الجانب الآخر نرى تعامل المملكة ومن خلال التزامها الدائم بالقانون الدولي ومبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى بما فيها إيران، تعاملت مع إعدام إيران لأكثر من عشرين كردياً سنياً لفقت لهم تهم في محاكمات صورية لم يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم فيها رغم نفيهم القاطع بزيف ما وجه لهم من افتراءات، تعامل ينم عن رصانة واتزان في الالتزام، لم يحاول أحد أن يتعدى على البعثات الدبلوماسية الإيرانية في المملكة، ولم يتحدث مسؤول منتقدا النظام الإيراني في تنفيذ أحكام الإعدام تلك، بل تعاملت معه كشأن إيراني داخلي، رغم أن العلاقات تمر بمرحلة من أسوأ مراحلها عطفا على السياسات الإيرانية العدوانية تجاه الدول العربية، ومحاولاتها الدائمة لاختراق الأمن القومي العربي بكل الوسائل من أجل بلوغ أهداف لن تبلغاها. ذلك هو الفرق بين المملكة وإيران.. الفرق بين رصانة الموقف وسفاهة الأحلام.