ظلت الشكوى من تواضع خدمات أكثر المستشفيات الحكومية قائمة دائماً.. وأبداً وبالتالي ظل هروب الناس بمرضاهم إلى المستشفيات الأهلية رغم ضخامة التكاليف مستمراً ، وفضل معظم الناس ولم يزالوا المستشفيات الأهلية للفارق الكبير بين خدمات المستشفيات الحكومية وخدمات المستشفيات الأهلية. ورغم أن المستشفيات الأهلية تفتح أبوابها لزيارة المرضى على مدار ساعات طويلة فان المستشفيات الحكومية تقفل أبوابها أمام من يقصدها لزيارة مرضاهم ولا تفتح لهم إلا ساعة أو ساعتين وفي وقت غير مناسب مثل مستشفى الملك عبدالعزيز بالزاهر التي جعلت الزيارة من الواحدة ظهراً وحتى الثانية!! . أي قبل خروج الموظفين والموظفات وطلاب وطالبات المدارس !! ولكن ما علينا فإن الذي يهمنا في الدرجة الأولى هو الخدمة المقدمة للمرضى ..والعناية بهم ..وهو للأسف ما يتدنى في معظم المستشفيات الحكومية والتي نسمع عنها قصصاً وروايات كلها تؤكد الإهمال الذي يلاقيه المرضى ..وعدم العناية بهم ..حتى وإن كانت حالاتهم خطرة جداً. لقد شاءت الأقدار أن تتعرض شقيقتي لحالة غيبوبة بعد معاناتها المرضية الطويلة..وقد أشار الأطباء الذين يشرفون على حالتها بضرورة نقلها سريعاً إلى أقرب مستشفى ..وكان مستشفى الملك عبدالعزيز بالزاهر بمكة المكرمة هو الأقرب فتم نقلها فوراً وأدخلت العناية المركزة مباشرة عن طريق قسم الطوارىء..وقضت ليلتها الأولى هناك وفي اليوم التالي عند الواحدة ظهراً موعد الزيارة قمت وعدد من أفراد الأسرة بزيارتها وفوجئت خلال وجودنا لمدة ساعة بأن لا أحد سأل عنها..ولا طبيب اطمأن على حالتها..ولم نجد أصلاً من نسأله وقلنا ربما عند نقلها إلى غرف العناية المتكاملة في المستشفى ستلقى العناية المطلوبة ..وبالفعل تم نقلها وهناك أعطونا رقم الهاتف الذي يمكن لنا أن نطمئن عليها من خلاله ..وأخذوا رقم هاتفي ..ورقم هاتف ابني للاتصال بنا عند الحاجة. وظللنا طوال الليل ..وهي الليلة الثانية نحاول الاتصال بالهاتف للاطمئنان دون جدوى حتى رد علينا (أحدهم) وقال بالعربي المكسر: رفيق ما في أحد ..فلا تتصلوا مرة ثانية !! وامتثلنا للأمر وفوجئنا عند موعد الزيارة في الواحدة ظهراً أن مريضتنا في ثلاجة الموتى بعد أن فارقت الحياة في العاشرة صباحاً كما أفادونا!!. وذهبنا للمسؤول وطلبنا منه أن يفيدنا كيف لم يتم اخبارنا عن وفاة مريضتنا لحظة موتها..فقال: لابد أنهم اتصلوا ولم يجيبهم أي أحد .ولما أخبرناه بأننا لم ننم وأن الهواتف بجانبنا ..هز رأسه قائلاً: معليش حصل خير!!. ولأن الموقف لا يحتمل آنذاك إلا الصمت والصبر فقد انصرفنا إلى اجراءات استلام الجثة وتجهيزها للدفن..وفي الحلوق غصة من الاهمال الذي لاقته مريضتنا ..ومن التجاهل في ابلاغنا عن وفاتها..ومن الصمت المطبق للهاتف الذي أعطتنا المستشفى رقمه للسؤال عنها والاطمئنان عليها. والسؤال: إذا كان المريض وهو في حالة خطرة في غرفة العناية المركزة يلاقي هذا الاهمال وهذا التجاهل ..فما الذي يلقاه المرضى أصحاب المعاناة الأقل على أسرتهم؟!. والسؤال الأخير: أما لأحوال بعض المستشفيات الحكومية من آخر؟!!. آخر المشوار: قال الشاعر: كل ابن انثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول