في الإجازات تكثر الدعوات للمناسبات الاجتماعية وخاصة حفلات الزفاف والخطوبة وعقد القِران، فيحرص البعض على تلبية الدعوة امتثالًا للحديث الشريف (إذا دعي أحدُكم فليجب..) بينما يتردد آخرون أوينفرون من تلبية الدعوة إما بسبب عدم دعوتهم سابقًا أودعوتهم دون بناتهم وأولادهم أودعوتهم قبلها بأيام قليلة فلم يتسن لهم الاستعداد.. وغيرها من الأسباب والأعذار التي تجلب الحقد والضغينة والكراهية بين الأقارب. ففي السابق كانت الدعوة مفتوحة للجميع ولسان حالهم يقول «الله يحييكم أنتم وأولادكم ومن يعز عليكم» أما الآن فإن الدعوة الشفهية لا تكفي، فلابد من إرسال بطاقة الدعوة يصاحبها كرت الدخول، فاختصرت الدعوات لتشمل المقربون فقط من الإخوة والأخوات دون أبنائهم، وأحيانًا يُدعى من كل عائلة فردًا واحدًا أوهووأحد أبنائه وأحيانًا كبار العائلة هم من يحضرون. فلماذا أصبح الاختصار واجبًا في الدعوة؟ ومن الذي فرض على المجتمع تحديد الدعوات؟ هل هي سياسة الفنادق المرتبطة بتحديد عدد المقاعد؟ وهل أصبحن بنات الإخوة والأخوات من الغرباء حتى يتم استبعادهن من الدعوة؟ وكيف تشعر العروس بالفرح إن لم يشاركنها تلك الفرحة أقاربها وصديقاتها ومن هم في مثل سنها؟ ومنذ متى أصبحت حفلات الخطوبة وعقد القِران لكبار السن من الأقارب؟. إن ما يحدث الآن في حفلات الزفاف من مبالغة زائدة في التكاليف والتي قد تصل إلى حد الإسراف والتبذير أحيانًا يجعل العائلات تحت خيارين، إما أن تكون حفلة عقد القِران مختصرة جدًا على الأقارب المقربين ويكون حفل الزفاف كبيرًا يشمل الجميع أويكون الحفلان كبيرين ويتم دعوة الجميع، فأيهما أفضل أن تقيم العائلة حفلًا كبيرًا واحدًا باهظ الثمن فتُرضي ذاتها وتخسر بعض أقاربها؟ أم تقيم حفلين متوسطي التكلفة فترضي نفسها وأقاربها؟. إن جميع الخيارات متوفرة بداية من حفلة متواضعة في المنزل إلى أفخم فندق، ويبقى السؤال من الأهم كي أرضيه؟ الرغبات والنزوات في مجاراة الناس من تكلف زائد؟ أم تقدير الأقارب بدعوتهم ومشاركتهم فرحتهم وبها تتم صلة الأرحام؟ فلماذا لا تعود الأفراح بسيطة دون تكلف؟ وتعود أيام «الوسع في القلوب والجود من الموجود»؟ أيام «إن لم يسعكم منزلنا فقلوبنا تتسع للجميع». قد لا يُلام البعض إن حرموا طعم الفرح لأنهم لم يتمكنوا من مشاركة أقاربهم فرحتهم الأولى، فالفرح يأتي أولًا وليس متأخرًا لقد ضاعت الفرحة وسط العادات الاجتماعية الدخيلة، ضاعت وسط التكلف والمبالغة الزائدة، ضاعت مع تلك الأيام التي تم استبدال قوة الترابط العائلي بالتفاخر وحب الظهور.. فماتت الفرحة واختفى المرح والسرور.. فالواقع يحكي عن أناس تخلوا عن الوفاء للأهل بالغرور.. وذلك من أجل التباهي فقط وسط الحضور. نور بكر بالحمر - جدة