جميل جدًا أن تتلاقح الروافد والفعاليات الثقافية وتنصهر في بوتقه واحدة، وفي ظروف مكانية وزمانية واحدة، كما حدث مؤخرًا في معرض بيروت الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين.. والأجمل أن يحدث كل ذلك وفق فضاءات ومناخات تنشد الجمال سواء في الكلمة أو الحرف أو اللون!! ففي مثل هذه البيئات (النخبوية) تشرئب (العيون) لمعانقة المنتج والتغلغل في كل جزئياته وتفاصيله، مما يستدعي كل الذوائق ذات الحس المرهف لمعانقة هذا الجمال والتعايش مع معطياته المختلفة!! حدث مثل ذلك عندما جاء التشكيلي (فهد الربيق) بكل أدواته وشواهده وبضاعته الجمالية ليفتح نافذة مضيئة مكنت المشاهد هناك من الاطلاع على نموذج (لحكاية الفن التشكيلي السعودي المعاصر) والعمق الذي وصل إليه!! طرح الربيق بعضًا من أعماله ذات النزعة الرومانسية الحالمة، والتي تجلت فيها مقدرة الربيق وقدراته على تطويع اللون والحرف معًا وتوظيفهما في صناعة اللحظة الجميلة. جاءت الألوان بشفافية الربيق المعهودة ووفق حروفه العنفوانية التي قدمت للمشاهد عصارة تجربته وخبراته الطويلة بكل صورها وأشكالها. زرع الربيق أعماله في ركن خاص في جناح المملكة العربية السعودية والذي جاء هذه المرة (باهتًا) على غير العادة!! واستطاع هذا الربيق أن يوظف ثقافته وقدراته الشخصية وروحه المرحة في الوصول إلى ذائقة المتلقي بكل أطيافها. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإن الفرصة أتيحت لي بحكم تواجدي هناك أن أحضر بعضًا من فعاليات (النشاط المنبري السعودي) والذي جاء هو الآخر ومن خلال انطباعي الشخصي وفق سرد تاريخي ربما لا يرتقي إلى جغرافية المكان ولحظة الزمان وحضور نخب ثقافية بارزة!! وكنت أتمنى أيضًا ما دامت الظروف أتيحت للفن التشكيلي أن يجاور الكتاب أن تتاح الفرصة لفنانين سعوديين آخرين حتى يتنوّع الطرح وتزداد شموليته، وحتى يتسنى إعطاء المشاهد إطلالة شاملة على الفن التشكيلي السعودي بكل شواهد حضوره وعطاءاته!! وحتى يرتقي ما يتم تقديمه إلى الوضعية المعاصرة الطموحة للفن التشكيلي السعودي والمراحل المتقدمة التي وصل إليها. تحية خاصة للتشكيلي فهد الربيق على حضوره وتألقه هناك.. والتحية لكم أنتم أحبتي، وإلى الملتقى بإذن الله!!