جميلة هي المبادرات الشخصية عندما تأتي في سياق الصالح العام، والأجمل أيضًا عندما تأتي مثل هذه المبادرات وهي معطرة بنبض الوطن ودفء المشاعر نحوه.. كيف لا والوطن هو الحياة، وهو الأمان والوفاء وهو العيش بسلام وهو العطاء والإنتاجية وروح المحبة والألفة والسلام.. تزاحمت هذه المسلمات الجميلة في ذاكرتي، وأنا أطلع على مشروع تشكيلي جميل جاء من خلال هذا التوجه، وهذا الحس الوطني الكبير.. وهو برنامج «جدة زمان»؛ والذي جاء بمبادرة شخصية من التشكيلية «الديناميكية» فاطمة باعظيم، وزميلتها الأخت دعاء بنت ثابت.. صحيح أن الوطن هو نبض القلوب، وهو الوفاء، وهو العطاء، وهو العشق.. وصحيح أن حب الوطن، وحب الانتماء للتراب هو من المسلّمات والثوابت التي دونها خطوط حمراء.. جميلة مثل هذه الاجتهادات في مجال الفن التشكيلي، والذي كما نعلم جميعًا بأنه سجل زمني أمين لكل المعطيات الحضارية والتاريخية والتراثية والتنموية للأمم والشعوب.. ومن هنا فإن (إنعاش) الساحة التشكيلية بمثل هذه البرامج النابضة بحب الوطن هو حراك محبب.. يأتي «نبض الوطن» ليشعل الحراك في (ذاكرة) التشكيليين لاستدعاء المختزلات والمشاهد الراسخة في الذاكرة عن (جدة)، هذه المدينة التي لها مع الماضي حكايات وحكايات بما يحتويه شريط أمسها من صور جميلة لأنماط الحياة وبساطة العيش والطيبة والمحبة، وبما يتم استدعاؤه مشاهد (لناس جدة) الطيبين بما فيهم أصحاب الحرف والصيادين والبحارة وغيرهم.. مثل هذه المعارض والورش الفنية تساهم في ربط الأجيال الحاضرة بماضي وتراث وحضارة (الوطن الأم) من خلال إتاحة الفرصة للناشئة للاطلاع على شواهد الحياة، وجمالية العيش، وكفاح الأجداد ومثابرتهم حتى وصل (الوطن) بفضل الله، أولاً ثم بفضل قيادتنا الحكيمة إلى ما وصل إليه من نهضة تنموية هائلة في كثافة القطاعات.. بقي أن أشير إلى أن الفن التشكيلي بكل شواهده وأطيافه ومدارسه هو سجل وثائقي للمراحل والإرهاصات المختلفة التي تعيشها (الأمم) عبر تاريخها.. ولأنه الفن التشكيلي أيضًا وهو الرافد الثقافي الكبير فإنه بلا شك مجال كبير للتنفس باسم الوطن من خلال تسليط الضوء على كل المنجزات الوطنية وفق قوالب فنية تتوخى الروعة والجمال.. والفنان التشكيلي ومن خلال معطياته قادر على أن يكون في خضم الحدث وجمالية المشهد.. تحية لك فاطمة باعظيم، وتحية أخرى لك دعاء بنت ثابت.. فكلنا للوطن فداء.. دمتم بخير !!