قال الضَمِير المُتَكَلّم : اليوم الثلاثاء وقد يكون فيه العِيْد بحسب ( الرؤيَا ) ، أو ربما ( العِيْد ) غداً الأربعاء بحسب ( عِلم الفلك ومَرَاصِده ) ؛ المهم كل عام وأنتم بخير !! ثم لو أنكم تفضلتم بالبحث في الصحف ومواقع الإنترنت عن أكثر الأبيات الشعرية ، والعبارات النثرية التي يتم تداولها خلال هذه الأيام أعني ( أيام العِيْد ) ؛ فأعتقد سوف يبرز ( شِعْرَاً ) قَول المتنبي : عِيدٌ بأية حَالٍ عِدتَ يا عِيدُ ... بِمَا مَضَى أَم بأَمْرٍ فِيكَ تَجْدِيدُ أما نثراً : فلا كلمات إلا ترديد أن ( العِيْد ) في الماضي القريب كان ( أحلى ) وطقوسه أجمل ، وطفولة مَن كانوا فيه ، وهم ( الكهول الذين يكتبون اليوم ) كانت أكثر براءة ! أما اليوم وجيله فهم الأسوأ ، وقد أضاعوا العادات والتقاليد ، وتصرفاتهم وسلوك أطفالهم قَتَلت ( بهجة العِيد ) ؛ فالمحصلة هناك شعور عام ومتواصل بالإحباط من الحاضر ، والتصفيق الدائم للماضي !! وهنا أذكر أني قرأت قبل سنوات عن اكتشاف أثري في مصر ، وكان منه كتابات باللغة الفرعونية ، كُتِبَت قبل الميلاد ب ( 2000 سنة ) ، وبعد ترجمتها من المختصين كان من نصوصها ( عبارات يتحسر فيها أحد كبار السّن على الماضي وفضائله ، ويشتم الحاضر ورذائله !! فيبدو أن هذه الممارسة عادة إنسانية قديمة قِدَم الإنسان ومتأصلة فيه ؛ ف ( ابن آدم ) إذا هَرِم وتجاوزه قطار الحياة ، وعجزت أدواته عن اللحاق به ، والركوب فيه ؛ ليس له إلا أن يتوقف في زمنه عند حدود شبابه وسنين بهجته ؛ ولذا كُلّ جِيْلٍ يَلْعْن أخاه الذي يأتي بعده !! ولكن واقعنا العربي اليوم نقض هذه الفرضية ، وشبابه خلال هذا العام تحديداً عَرّى الماضي الذي لم تسجل صفحاته إلا الإحباطات ، والنكسات من 1948م ، مروراً 1967م وحتى اليوم ؛ ماض فَرّط بالقدس ، وترك القضية الفلسطينية !! ماض بخوفه وركوعه زرع في الكثير من الدول العربية ( زُعَمَاء ) حوّلوا دولهم إلى إقطاعيات ، وشعوبها إلى عَبِيد ؛ ( زُعَمَاء ) سَحقوا الهوية ، وسرقوا الحرية والعدالة الاجتماعية !! ولكن شباب اليوم وبأدواتهم ( الإنترنتية ) البسيطة ، وبصدورهم العارية ، ودمائهم الزكية غيروا وجه التاريخ ، وأسقطوا تلك الزعامات المستبدة في ( تونس ، ومصر ، وليبيا ، وقريباً سوريا ، ثم غيرها من الأنظمة الظالمة ) ، والأَمَل فيهم أن يرفعوا راية الأمة العربية !! فالعِيد هذا العام عَاد ، ولكن بالجَديد ؛ عِيْدٌ أشرقت لياليه بالحَرية ، والعَدالة الاجتماعية ، عِيْدٌ استردت فيه الشعوب أوطانها المسلوبة . فَيَا شَبَاب اليوم أنتم مَن صَنَع لأمتكم العِيد ، ولكن احذروا أن تُصَادَرَ ثوراتكم ، أو تُخْطَف حرياتكم من جديد باسم ( الدّين أو القومية ، أو الوطنية ) ؛ فوَطَن الإنسان هو ( الحرية والإنسانية ) !! هَمْسَة : بمناسبة العيد ، كل عام والخَير لكم وفيكم يزيد ، كل عام وأنتم العِيد ؛ ودعوة لي ولكم أن لا تنسينا بهجة هذه الأيام ، الفقراء ، والمَرْضى والأيتام ؛ بهَدايا بسيطة ، وزياراتٍ قصيرة . ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .