الاثنين انتهاء حظر العمل تحت أشعة الشمس    تدشين برنامج الزمالة في قيادة الحوكمة    قطر تنفي إبلاغها مسبقا بالهجوم الإسرائيلي    رسالة من رونالدو إلى أوتافيو بعد رحيله عن النصر    نائب أمير تبوك يستقبل مساعد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للخدمات المشتركة    اكتمال وصول الوفد الكشفي السعودي للمشاركة في الجامبوري العالمي للكشاف المسلم بجاكرتا    أمانة الشرقية تتصدر أمانات المملكة في مؤشر تحسين المشهد الحضري    بي أيه إي سيستمز تستعرض أحدث ابتكاراتها في معرض DSEI 2025    حرس الحدود يحبط تهريب (5,580) قرص "إمفيتامين" في جازان    تعزيز الابتكار في خدمات الإعاشة لضيوف الرحمن    مجلس الوزراء: نتائج الاستثمار الأجنبي المباشر تخطت مستهدفات 4 سنوات متتالية    استشهاد رجل أمن قطري في الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    "حضوري" بين الانضباط الوظيفي والتحايل التقني.. حالات فردية تسيء للمنظومة التعليمية    اليوم العالمي للعلاج الطبيعي.. الشيخوخة الصحية في الواجهة    وزير الخارجية وزير الخارجية التونسي يترأسان اجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسي    بدء فعاليات مؤتمر القلب العالمي 2025 يوم الخميس بالرياض    HONOR تكشف عن جهاز HONOR MagicBook Art 14 2025 الفائق النحافة    ‏أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لأعمال الجوازات بالمنطقة    "البيئة والزراعة" تنفّذ ورشة عمل لتدوير المخلفات الزراعية في بقعاء    أمير المدينة يفتتح ملتقى "جسور التواصل"    نائب أمير تبوك يستقبل المواطن حمود الحويطي المتنازل عن قاتل شقيقه لوجه الله تعالى    المملكة تدين وتستنكر استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في سورية    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان وأعضاء فريق قافلة طب الاسنان التوعوية الخامسة    تعليم الطائف يدعو الطلبة للتسجيل في بطولة الأولمبياد العالمي للروبوت (WRO)    القيادة تهنئ رئيس جمهورية طاجيكستان بذكرى استقلال بلاده    مؤثرون ومشاهير    إعطاء أفضلية المرور يسهم في تحقيق السلامة المرورية    ولي العهد يلقي الخطاب الملكي في مجلس الشورى غدا    دراسة متخصصة: ثقة الجمهور بالإعلام الرقمي "متوسطة" وتطوير مهارات الصحافيين مطلب    فييرا: "السعودية مركز عالمي للرياضات القتالية"    وزارة الصناعة والثروة المعدنية و ( ندلب) تطلقان المنافسة العالمية للابتكار في المعادن    مقتل شخص في هجوم أوكراني بمسيرات على سوتشي في روسيا    الذهب يرتفع إلى 3651.38 دولار للأوقية    رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه يحضر أول مواجهة"Face Off" بين كانيلو وكروفورد    إثيوبيا تدشن اليوم سدا ضخما لتوليد الطاقة الكهرومائية    في ختام معسكره الإعدادي.. الأخضر يرفض الخسارة أمام التشيك    «السفارة بجورجيا» تدعو المواطنين لتحديث جوازاتهم    تجاوزو فان بيرسي.. ديباي هدافاً ل «الطواحين»    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الزامل    بدء استقبال طلبات تراخيص«الحراسة الأمنية»    الإطاحة بملوثي البيئة «بمواد خرسانية»    محامي الفنانة حياة الفهد ينفي دخولها في غيبوبة    أنغام تشدو من جديد في لندن ودبي    تفاهم بين «آسان» و«الدارة» لصون التراث السعودي    9 إجراءات إسبانية ضد إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية    تعزيز التعاون بين «النيابات» والادعاء العام بالخليج    الفرنسي «ماتيو باتويلت» يحمي عرين الهلال حتى 2027    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    140 ألف دولار مكافأة «للموظفين الرشيقين»    "الصحة" تستكمل التحقق من فحوص اللياقة والتطعيمات للطلبة المستجدين    عندما يكون الاعتدال تهمة    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    يوم الوطن للمواطن والمقيم    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان .. حلقة في مسلسل لتفكيك العالم العربي
نشر في المدينة يوم 08 - 01 - 2011

ُيجرى بعد عدة أيام و بالتحديد في العاشر من هذا الشهر يناير الأول من العام الميلادي الجديد 2011 م الذي يبدو أنه يحمل في طياته الكثير من المآسي للعالمين العربي و الإسلامي الاستفتاء المصيري على الانفصال شبه الحتمي لأكبر دول العالم العربي مساحة السودان الشقيق ، ليصبح بذلك سودانيين أحدهما عربي مسلم شمالي مسلوب الموارد و ثانيهما جنوبي إفريقي مسيحي يتمتع بمخزون نفطي كبير موالٍ جداً لإسرائيل و تطلعاتها في مد نفوذها و هيمنتها على المنطقة ككل ، و أمر هذا الاستفتاء الانفصالي بالرغم من إلقاء العديد من المحللين السياسيين باللائمة على الحكومة السودانية سواءً بحق أو بغير وجه حق أمر عجيب جداً و كأن السودان دولة تحت الاحتلال يجب على «المجتمع الدولي» أن يساندها على تقرير المصير ، و ليت شعري لم لا يطالب ذارفو دموع التماسيح على مصير الجنوب السوداني بمبدأ تقرير المصير في الأراضي الفلسطينية على الأقل المحتلة منها بعد حرب 1967 م.
و على الرغم من الانتقادات اللاذعة للمشنعين على نظرية المؤامرة ، فالمؤامرة ضد السودان و العالمين العربي و الإسلامي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار و الشمس أغنى من أن تحتاج لدليل على وجودها ، فالسودان لم يصل إلى مسار الانفصال تلقائياً أو صدفةً أو حتى بسبب ترامي أطرافه و سعة و تنوع جغرافيته أو حتى اختلاف مكوناته السكانية و تباين نسيجه الإجتماعي عرقياً و دينياً و إن كان ذلك بمثابة الورقة الرابحة المستخدمة من قبل الدول الكبرى كأداة لاستحداث الخلاف و الفرقة ، و لا حتى بسبب سوء إدارة البلاد بشكل إستثنائي ، و ليس هذا من قبيل الدفاع العاطفي عن حكومة السيد عمر البشير فللحكومة السودانية مثلها مثل غيرها من الحكومات الإقليمية و العالمية إيجابياتها و سلبياتها ، بل وصل السودان لهذا المسار البئيس بسبب التآمر الذي تضافرت فيه جهود قوى عديدة إقليمية و عالمية ، و على رأسها إسرائيل التي لم تزل تخطط لإحاطة الدول العربية و على رأسها مصر من العمق الإفريقي عن طريق التلاعب بحصة مصر مثلاً من مياه نهر النيل بالتعاون مع دول حوض النيل ، و بمشاركة فاعلة من الولايات المتحدة الأمريكية التي رعت و دعمت منذ تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1983 م الحركة و أيدتها بكل أشكال و أنواع الدعم المادي و المعنوي و الإمداد بالسلاح حتى تم للحركة توقيع إتفاق ( نيفاشا ) «للسلام» عام 2005 م برعاية شخصية من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش الابن.
نشطت منذ اتفاق ( نيفاشا ) عدد من القوى السياسية الدولية و المحلية على الساحة السودانية ، على رأسها الأمم المتحدة ومؤسساتها ، و التدخلات السافرة للولايات المتحدة الأمريكية ، إضافة بالطبع إلى الاتحاد الأوروبي. و صدرت عن أحوال و مستقبل السودان عدد من التقارير الدولية تنضح بتآمر القوى الكبرى على السودان و مقدراته و موارده منها تقرير(سيناريوهات للسودان ) ، و منها تقرير معهد هولندي للدراسات: بعنوان ( السودان 2012: سيناريوهات للمستقبل ) ، وتقرير المعهد الملكي البريطاني: ( قرارات ومواعيد نهائية: عام حاسم للسودان ) ، وتقرير معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنيّة : ( سيناريوهات ما بعد عام 2011 في السودان: أيّ دور للاتحاد الأوروبي ) ، و تركز جميعها على السيناريوهات المتوقعة لمرحلة ما بعد الاستفتاء ، و المشكلات التي قد تنجم عن الإستفتاء. و
في الحين الذي تهدد فيه الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب المدمرة طويلة الأجل على لسان رئيسها باراك أوباما ما لم يتم الإنفصال و لم يجد حرجاً من التهديد ب ( إمكانية سقوط‎ ملايين القتلى ، في حال فشل الاستفتاء ، أو اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب ). ينشغل العرب بشتى أنواع المشاغل و بالصغائر عن عظائم الأمور و منها استمرارية مسلسل تمزيق الدول العربية إلى دويلات فالعراق على سبيل المثال قد أضحى في حكم المقسم عملياً إلى ثلاثة أجزاء البعض منها واضح الولاء لإسرائيل و وثيق الصلات بها ، و السودان ليس في طريقه للتقسيم للشمال و الجنوب فقط بل ثمة مشكلة دارفور و كذلك مشكلة أخرى شرق البلاد فعملية تقسيم السودان إلى أربع دويلات متناحرة جارٍ على قدم و ساق ، بينما عملية تقسيم مصر الشقيقة العربية الأكبر سكانياً آخذة في التبلور فمصر لديهم هي الجائزة الكبرى ، و يمكن فهم تأجيج أحداث العنف الطائفي في مصر بين الفينة و الفينة و التي كانت تفجيرات الكنيسة بالإسكندرية ليلة رأس السنة لعام 2011م أحد آخر مظاهرها ، و تجدد نعرات الإستقواء بالخارج بعض مكونات المجتمع المصري و ما تلاها من تصريحات بابا الفاتيكان بنديكيت السادس عشر عن «حماية مسيحيي الشرق» و الإجتماع المبهم بين السفيرة الأمريكية بمصر و البابا شنودة ، و عرض أوباما بمساعدة مصر في التعرف على الجناة ، و رد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب على البابا بالتدخل في الشئون الداخلية المصري ، أو قل إن شئت فتح الباب على مصراعيه للتدخل الخارجي السياسي و الديني في شؤون مصر ينم عن مخططات لتقسيمها باللعب على ورقة الطائفية تماماً كما أستخدمت ذات الأوراق في السودان ، و تماماً كما يتم استخدام الحوثيين باليمن لتقسيمها إلى كيان شيعي و أخر سني ، و الحبل على الجرار.
لا يمكن لأي ذي بصر و بصيرة أن ينظر لما يحدث في المشرق و المغرب العربي من حركات إنفصالية بما في ذلك حركات الانفصال الامازيغية بطريقة مجزأة و بمنأى عن بعضها البعض ، بل هي جزء من مؤامرة كبرى لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد التي ظننا أنها قد انحسرت عن المنطقة ، و لابد من إعادة الوعي بها و بأمثالها من المخططات ، و إلا لتم تمزيق الممزق من العالم العربي إلى دويلات صغرى متناحرة لصالح الأعداء ، و الوعي بالمشكلة دوماً هو نقطة البداية لحلها. و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.