تباينت ردود الأفعال لدى الكثيرين من قطاعات مختلفة حول قبول العمل تحت قيادة امرأة، ونظرا لأن القطاع الصحي هو أكثر القطاعات التي حفلت بعمل المرأة إلى جوار الرجل، وتشارك فيه الجنسان من أجل تقديم خدمة راقية للمواطن والمقيم، فقد آثرنا أن نستطلع رأي بعض العاملين في هذا القطاع حول تلك القضية؛ هل يمكنهم أن يعملوا تحت قيادة امرأة؟ جاءت آراء العديد من الأطباء والاخصائيين من العاملين في وزارة الصحة من الجنسين متباينة بل ومدهشة بهذا الشأن، ففي الوقت الذي تقبل فيه الكثير من الرجال الأمر وأثنوا على قيادة المرأة للعمل، رفضت بعض الموظفات أن تكون رئيستهم في العمل امرأة باعتبار أن المرأة لا تمتلك القوة الكافية لشغل الكثير من المناصب. وتمثل المرأة السعودية 50 في المائة من السكان السعوديين الذي يبلغ تعدادهم 16.8 مليون نسمة (حسب تعداد العام 2000)، ويبلغ عدد النساء السعوديات العاملات 494 ألفا من أصل 5 ملايين تمثل قوة العمل المحلية، أي بما يمثل نسبة 9 في المائة فقط من هذه القوة. المرأة أجدر تقول هناء الزهير المدير التنفيذي لصندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم مشاريع السيدات ل”المدينة” أن هناك الكثير من النساء السعوديات اللاتي يدرن مشاريع صغيرة ومتوسطة يوجد بها رجال، مشيرة إلى أن تقبل الرجال يعتمد على اقتناع الرجل بكفاءة المديرة وامتلاكها للفكر الإداري اللازم، فالإدارة في حدّ ذاتها فن لا ينتقص من قدر أحد، وأكدت على أن الأمر متقبل بشكل كبير في المنطقة الشرقية. وأضافت أن المرأة أصبحت تتسنم مناصب إدارية عليا كما في شركة أرامكو السعودية التي يشغل فيها منصب مدير التطوير والتدريب امرأة ترأس ما يزيد على خمسين رجلاً. وأكدت على أن المرأة أجدر بالإدارة من الرجل لأنها المديرة الفعلية في المنزل فهي تدير راتب زوجها واحتياجات المنزل وتربية الأولاد والخدم والسائقين فكل هذه الأمور لا يقوم الرجل بمباشرتها. وقالت رئيسة المختبر المرجعي في مركز اللياقة في الدمام الأخصائية سحر أبو طالب أنّها لاحظت من خلال تجربتها في الإدارة أن أغلب الرجال يتقبّلون إدارتها باستثناء نسبة قليلة، معتبرة ذلك دليلاً على انفتاح المجتمع السعودي وتغيّره. وأضافت أن المرأة تناسب أكثر لشغل منصب الإدارة في العمل المختلط بسبب طبيعتها العاطفية التي تدفعها إلى التعاطف وتقدير مشاكل الرجل أكثر مما يقدرها رجل مثله. وأكدت أن المرأة أكثر قرباً من أختها المرأة ويمكنها أن تتفهم احتياجاتها لكونها أم مثلها، ويمكن أن تتعامل مع مشكلات المرأة الخاصة أفضل من الرجل الذي يصعب عليه تحسس وتفهم بعض مشاكل المرأة دون أن يعرضها للإحراج. ونوّهت آل طالب على ضرورة مراعاة المديرة للتوازن ما بين التعاطف وتطبيق النظام مؤكدة في الوقت ذاته على تفوّق المرأة على الرجل في دقتها في تطبيق الأنظمة بحذافيرها بحسب تعبيرها. أعراف محلية ويقول الدكتور شوقي آل مشرف رئيس قسم فحص ما قبل الزواج في مركز اللياقة الطبية بالدّمام أنّ الأعراف المحلية لا تساعد على تقبل رئاسة المرأة بالرغم من بروز أمثلة قيادية تؤكد إمكانية قيادتها للدول، إلا أنه أضاف أنّ الحاضر يشهد تغيراً كبيراً في المفاهيم بسبب انفتاح المملكة على العالم مؤكداً تفضيله وحثه على قيادة المرأة للأعمال لاتسامها بالجدية في العمل كما هو ملاحظ في الواقع العملي. إلا أنه لم ينف وجود نساء متسلطات معتبراً أنها أمثلة سيئة موجودة في الجنسين مضيفاً أن الحكم على قيادة المرأة يجب أن يتم بعد إعطائها الفرصة الكاملة. وقال أخصائي المختبر راضي البراهيم أنه لا يرى فرقاً في أن يكون رئيسه رجلاً أو امرأة، إلا أنه يلاحظ أن غالبية المجتمع لا يعطون المرأة أبسط حقوقها ناهيك عن أن يتقبلوا أن تصبح رئيستهم، موضحاً أن الكثير ممن يبدون ارتياحهم لرئاسة المرأة هم مجرد مجاملين. وأكد الممرض سامي البريدي على أنه لم يجد أي حرج في أن تكون رئيسته في العمل امرأة إلا أنه لم ينف وجود السلبيات فبالرغم تميّز المرأة بالانضباط إلا أنها أقل جودة من الرجل، وختم بالتأكيد على أنه يفضل قيادة المرأة على قيادة الرجل. وقال فني المختبر مرتضى آل طه أنه يرفض نفسياً أن تكون رئيسته امرأة إضافة إلى اقتناعه بأن المرأة تغلب على قراراتها العاطفة. ويعرض الدكتور محمد الغانم الذي يعمل في أحد المستشفيات تجربته مع رئاسة المرأة معتبراً أنها تجربة صعبة بالرغم من اعترافه بجدارة رئيسته في القيادة إلا أنه ينتقد تضخم الالتزام بالنظام إلى درجة التسلّط، مرجعاً الأمر إلى قلة تجارب المرأة ومعرفتها بأمور الحياة واحتياجاتها لانحصار حياتها بين المنزل والعمل ما يقلل من قدرتها على تفهم ظروف الموظفين. وأضاف أن من الصعب على الرجل في مجتمنا أن يتقبل توبيخ المرأة له كما أن من الأصعب عليه أن يقوم بالرّد عليها بنفس أسلوبها. وختم الغانم بالتأكيد على غلبة العواطف على المرأة حتى في اتخاذها للقرارات. تحديات العمل وقال الأخصائي مهدي الحسين رئيس قسم الفيروسات في المختبر المرجعي بالدمام أنه يفضل أن يكون رئيسه رجل لأن قدرته على مواجهة تحديات العمل أكبر، مضيفاً بأن المرأة تخضع لبعض القيود الاجتماعية التي تحد من تواصلها مع الموظفين الرجال، ما يخلق صعوبة في الاتصال بها في أي وقت بعكس الرجل، كما أنها غير قادرة بسبب عدم قيادتها للسيارة من التنقل بحرية ما يقلل من إنتاجيتها في الوظائف التي تحتاج إلى السهولة في التنقل كما في بعض المناصب القيادية الموجودة في وزارة الصحة. وختم الحسين بالقول أن الأوضاع الصحية قد ترجح رئاسة الرجل لأن المرأة كثيراً ما تحتاج إلى إجازات طويلة كإجازة الأمومة. وقال فني المختبر بدر الدليلي أن المرأة قد تصبح أكثر تسلطاً من الرجل عند استلامها للقيادة، إلا أنّ الرجل معتاد على تجاوز القوانين حسب قوله. وأكد فني المختبر ناصر النجدي على أن أغلب الرفض الموجود لدى الرجال لتولي المرأة للإدارة يعود إلى أسباب نفسية واجتماعية غير موضوعية، موضحاً أنّ الرجل لديه "اعتداد كاذب" برجولته، إلا أنه أكّد أيضاً على تفوّق الرجل وجدارته بالإدارة دون أن ينفي إمكانية وجود مدير سيء ومديرة جيدة. مقارنات نسائية من جهة أخرى رفضت بعض النساء إدارة المرأة لهن مؤكدات على غلبة العاطفة عليها، ورأت أخصائية المختبر شادية آل قويسم أن الإدارة قد تصلح للمرأة في بعض المجالات البسيطة أما الأعمال الثقيلة والمناصب الكبيرة فلا تناسبها لانشغالها بالأولاد والمنزل. وأكدت على أن المرأة قد توتر جوّ العمل إن أصبحت مديرة لأنها كثيراً ما تعقد المقارنات بينها وبين مرؤوساتها وقد يحدث العكس حين تقارن الموظفات بين المديرة وبينهن. وأكدت أخصائية المختبر مروى المختار على أن الرجل أكثر قدرة على التفاهم مع المرأة حين يصبح رئيساً من أختها المرأة. وقالت فنية المختبر زهراء الناصر أن الرجل أكثر قدرة على الإدارة والصبر وتحمل المسؤولية. وقالت فنية المختبر زينب الراهب أن الأمر يعود إلى الكفاءة أكثر من جنس المدير فالقيادة ليست حكراً على الرجال، وأكدت على أن المرأة السعودية لا ينقصها سوى الثقة والإيمان بنفسها ومنحها الفرصة لكي تكوّن خبرتها في الإدارة. من جهته رأى الممرض حسن المهنا أن من المناسب أن يكون الرئيس على النساء رجل وأن يكون رئيس الرجال امرأة، مبرراً الأمر بقدرة الجنس المغاير على التأثير والإقناع في الطرف الآخر بشكل أكبر.