علق في ذهن بعض الناس أن هناك مراكز تعمل على تصغير الأعمار وتنقص من سنين الحياة، وجاءتني رسائل بهذا الخصوص تسأل عن ذلك، وهذا غير صحيح لأن هناك من يربط هذا بموضوع علمي نعرفه جيداً ونؤمن به بل وكتبنا فيه مقالات ويمكن العودة في ذلك لمقالة قبل عام بعنوان «إطالة العمر بيولوجياً»، وكتبت فيها عن العمر البيولوجي، كما كتبت موضوعاً مبسطاً عن «الوراثة وما قبل الوراثة» يمكن أن يوضحه بطريقة علمية، ثم مقال «العمر البيولوجي وتطويل العمر» وضَّحت فيه ماهو صحيح وما هو خطأ وأخيراً مقال «عدِّل حياتك تتعدَّل جيناتك» . إن مكافحة الشيخوخة أمر مطلوب لكنه ليس من خلال تغيير الجينات أبداً وإن كان نظرياً يمكن أن يكون مستقبلاً وليس هناك باحث أو عالم يقول لك الآن: أنا آخذ جلدك وأعيده لك شباباً أو دماغك أو قلبك أو رئتك أو كليتك وأصنفرها وألعب بجيناتها وأعيدها لك شباباً، هذا غير صحيح لكن هناك طريقة أن تجد من يتبرع لك بعضو أو نسيج أو جزء من عضو ويزرعه بدلاً عن التالف أو تزرع خلايا جذعية من الشخص نفسه أو متبرع وتُعامل في المعمل لتحويلها الى نوع خلوي معين وتُستخدم في العلاج، بل هناك اليوم التوجه بالعلاج من خلال مكونات الخلايا مثل الإكسوزومات وقد كتبت عن ذلك مقالة بعنوان «الإكسوزومات أمل جديد للعلاج»،أما أن تُعدّل جينات الشخص نفسه وتعيد شيخوخته الى شباب ويصبح عمره بدل الثمانين ثلاثين فهذا من الخيال العلمي وليس علمياً حتى تثبته الأبحاث. أما الطريق الصحيح للصحة وسلامة الجسم خلاياه وأعضائه فهي ما عرف ب(فوق الوراثة) Epigenatic والمقصود بها التحكم بالصحة والخلايا والجسم من خلال ما يؤثر على الجينات وهي التغذية والرياضة والحالة النفسية والروحية والاجتماعية والنوم والعوامل المشابهة.. (انظر مقالتي عدِّل حياتك تتعدل جيناتك)، فكلما كان الإنسان في قمة هذه الأمور كلما سنحت له الفرصة أن تحتفظ خلاياه بالعمر الأطول صحياً من خلال بقاء القطعة التليوميرية أطول وهذا يمنحه بإذن الله حياة طيبة صحياً وبالتالي بقاء أكثر في الحياة، ولذلك فإن الأفراد والمجتمعات التي فيها هذه المكونات متوفرة يعني غذاء ورياضة ونوم وحالة روحية ونفسية واجتماعية ومراجعة طبية وعلاج دائم لا تشيخ خلاياهم، بدهية من البدهيات أنه سيعيش أكثر بإذن الله، ولكن خلاياه مصيرها أن تشيخ في عمر متقدم لكن بدل السبعين تصبح خمسة وثمانين والعكس بالعكس.. من لا غذاء صحي يتناوله وكسول ولا يلعب رياضة وسهران طول الليل وحالته مع زوجته زي البلاء ولا صلاة ولا اتصال بربه فمن أين مثل هذا يصل حتى للستين من عمره؟. إن المهم في حياة الإنسان أياً كان هو جودة الحياة، وجودة الحياة صحتها لا إطالتها وماذا ينفع إنساناً اذا طال عمره حتى الى مائة عام دون عافية؟.. صحيح هناك شعوب تتمتع بأعمار طويلة وصحة مديدة ولعل ذلك يعود الى العاملين الأساسيين: الوراثة وما فوق الوراثة.