عزيزي الوحداوي.. لم يعد الحديث عن الأخطاء أو الهفوات كافيًا، فما حدث في مباراة الوحدة الأخيرة أمام نادي العلا، التي انتهت بخسارة قاسية بخماسية موجعة، كشف المستور، وأكد أن النادي يعيش حالة انهيار شامل. لم تكن المباراة مجرد لقاء في دوري يلو، بل كانت جرس إنذار مدوٍ بأن الفرسان يسيرون نحو طريق مظلم، وأن الوضع بات يستدعي وقفة عاجلة قبل أن تتفاقم المأساة. المؤسف أن هذه الهزيمة لم يسبقها أي مؤشر على جدية، أو استعداد حقيقي. المركز الإعلامي غاب عن دوره الأساسي، لم يُعلن بطاقة المباراة، لم يروّج للتذاكر، ولم يُشعل الحماس في نفوس الجماهير. كيف لجمهور يعشق ناديه أن يتفاعل مع فريقه، وهو لا يجد حتى المعلومة البسيطة عن موعد المباراة أو كيفية الحضور؟ هذا الغياب لم يكن مجرد تقصير إعلامي، بل انعكاس لفوضى إدارية تعيشها أروقة النادي. الوحدة.. النادي العريق الذي نافس الكبار، وكان على وشك خطف النقاط من النصر في نهاية الموسم المنصرم على خلفية تأخر الضيوف بزمن يفوق الوقت المحدد. فرسان مكة يقفون اليوم على حافة الانهيار. خسارة بخمسة أهداف من فريق أقل قيمة وإمكانات، والتعثر ليس مجرد إخفاق عابر، بل مؤشر خطير على أن المنظومة بأكملها متهالكة. إدارة بلا خطة، جهاز فني مرتبك، وصفقات أجنبية غامضة لم يلمس الجمهور أثرها حتى الآن، وجراح هذا الفريق العتيد لم تبقَ حبيسة المدرجات فقط، بل استقبلها بعاطفة ووجع عاشق أصيل مثل الدكتور سليمان السحيمي، الذي عرف الوحدة منذ نعومة أظفاره، وارتبط بالكيان عشقًا وولاءً. الدكتور السحيمي، الذي يطرب حين يرى الفريق في عافيته، لا يخفي اليوم تحسره وألمه على ما يحدث، وهو انعكاس صادق لما يشعر به كل محب وحداوي يرى الكيان يتداعى أمام عينيه. الجماهير الوحداوية اليوم لا تعرف تشكيلتها الأساسية، ولا هوية أجانبها، ولا مستقبل فريقها، كل ما تعرفه أنهم خسروا بخماسية أمام العلا، وأن الفريق يترنح منذ هبوطه من دوري روشن، هل يُعقل أن يصل حال الوحدة، الذي يُفترض أنه أحد أركان الكرة السعودية، إلى هذه الدرجة من الغموض والارتباك؟ المسؤولية هنا لا يمكن تحميلها لطرف واحد. الإدارة تتحمل النصيب الأكبر؛ لأنها لم تُحسن إدارة ملفاتها، والجهاز الفني يتحمل فشله التكتيكي والفني، والمركز الإعلامي غاب عن أبسط أدواره. لكن وسط هذا كله، يبقى الجمهور الوحداوي، جمهور العشق والوفاء، هو الحلقة الأصعب، هؤلاء الذين يملأون المدرجات بالحب والأهازيج، يجدون أنفسهم أمام فريق يخذلهم مرة تلو الأخرى بلا تفسير ولا مصارحة. المشهد اليوم مؤلم، فرسان مكة الذين عُرفوا بشجاعتهم وصلابتهم، خسروا بخمسة أهداف، والجماهير لا ترى أي مؤشرات على أن القادم سيكون أفضل، ومع ذلك يظل الأمل قائمًا إن وُجدت إرادة حقيقية للتغيير. الوحدة يحتاج إلى إدارة جادة، وإعلام واعٍ وجهاز فني قادر على إعادة الانضباط، ولاعبين يقاتلون بشعار النادي قبل أي شيء، من يتحمل العبث الحاصل؟ من يوقف هذا الانحدار؟ الأسئلة تتكاثر، والإجابات غائبة، لكن الحقيقة الثابتة أن الوضع لم يعد يحتمل الانتظار؛ فإما أن يتحرك صُنّاع القرار سريعًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو أن يتواصل مسلسل الانهيار حتى تصبح"عودة الفرسان" مجرد ذكرى بعيدة يتداولها المحبون بحسرة.