عاد الانقسام السياسي في ليبيا ليطفو على السطح مجدداً، بعد نشوب خلاف جديد بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، حول تسمية رئيس جهاز الشرطة القضائية، الجهاز المسؤول عن إدارة السجون وتنفيذ الأحكام القضائية. وبحسب الاتفاق الأمني الموقع مؤخراً بين حكومة الدبيبة و"جهاز الردع ومكافحة الجريمة والإرهاب"، كان من المفترض اختيار شخصية توافقية لتولي المنصب خلفاً لأسامة نجيم، المطلوب من محكمة الجنايات الدولية، إلا أن كلا الطرفين اتخذ خطوات منفردة ومتعارضة؛ حيث عيّن الدبيبة اللواء عبد الفتاح دبوب، فيما كلّف المنفي اللواء عطية الفاخري بقيادة الجهاز. هذا التضارب في القرارات يعكس استمرار التنافس على المناصب الحساسة داخل المؤسسات الأمنية، ويبرز غياب التنسيق بين رأسي السلطة التنفيذية، رغم المساعي الهادفة لتثبيت الاستقرار ومنع تجدد التوترات في العاصمة طرابلس. كما يلقي بظلاله على مستقبل الاتفاق الأمني ومدى إمكانية تطبيقه على الأرض. ويرى مراقبون أن الاتفاق الأخير ساهم فعلياً في"تجنيب العاصمة حرباً جديدة وإزالة المظاهر العسكرية"، لكنه أوضح أن أولى مراحل تنفيذه كشفت غياب الالتزام من قبل الأطراف الرئيسية، وتعمق الهوة بين الدبيبة والمنفي. وأضاف أن"كل طرف يسعى للهيمنة على الأجهزة الرسمية وتوظيفها لصالحه وصالح القوى الداعمة له، مما يهدد بانهيار التفاهمات الأمنية".