كثيراً ما نجد في بعض الجهات وجود بعض الأشخاص الذين يقومون بالعديد من المهام المختلفة في نفس الوقت وذلك إما لأن لديهم قدرات ومهارات مميزة تمكنهم من إنجاز أكثر من عمل في وقت واحد أو لأنهم تمكنوا من كسب ثقة مديريهم فأصبحوا يكلفونهم بأعمال مختلفة لقناعتهم بأن تلك الأعمال سيتم إنجازها في الوقت والشكل المطلوب. بعض هؤلاء وخصوصًا من هم في بداية حياتهم الوظيفية قد يفرح لتحمله العديد من المسؤوليات ولكسبه ثقة مديريه واعتمادهم عليه بدرجة كبيرة ولكنه في حقيقة الأمر قد لا يعلم بأنه بهذا الوضع قد يكون بدأ في مرحلة (الاحتراق الوظيفي) أو كما يعرفه علماء الإدارة بأنه حالة من الإنهاك الفكري والعاطفي والجسماني نتيجة الاستغراق في العمل والمبالغة في الاهتمام بمهامه والتشبع بمشكلاته وضغوطه، مما قد تجعله مستقبلاً يصل إلى مرحلة يفقد الرغبة من خلالها في مواصلة العمل علاوة على تدني مستوى الإنتاجية والتطوير ونوعية الأداء. الشعور بضغط العمل وكثرة الأعباء المناطة به قد يكون في بعض الأحيان محفزاً للإنجاز ولكنه في بعض الأحيان قد يكون محبطاً، إذ يجد الموظف نفسه غير متحمس للعمل وغير قادر على تحقيق الإنجازات التي كان يحققها في الماضي والسبب لأنه بدأ في عملية الاحتراق فبعد أن كان ينجز الأعمال على أكمل وجه أصبح القلق والتوتر من عبء العمل وضغوط المهام الوظيفية تسيطر على أدائه ولم يعد يطيق أي مهام جديدة تسند إليه خصوصًا وإن أحيط ببعض المنافسين. يحترق الإنسان وظيفيًا أيضًا عندما ينعدم التقدير والاحترام له في العمل وخصوصًا في ظل تراكم الأعباء عليه وقيامه بمهام أكثر من وظيفة وأكثر من شخص، كما يحترق عندما يلمس غياب العدالة في التعامل والأجور والرواتب والمساواة في تطبيق الأنظمة واللوائح بين من يضحي ويتفانى ويجتهد ويعمل ليل نهار ومن يهمل ولا يهتم، بل وفي بعض الأحيان يلمس تفضيل أولئك المقصرين، مما قد يؤدي لظهور بعض المشكلات الصحية، وكذلك سرعة الانفعال وعدم القدرة على ضبط النفس ونسيان الأشياء المهمة، كما تبرز الشخصية السلبية لدى الموظف فيكثر من نقد العمل والتشاؤم من المستقبل وعدم الرضا والانتقاد المتواصل. على الموظف أن يحرص على عدم الوصول إلى هذه المرحلة وأن يعمد إلى التوازن بين مسؤوليات العمل فلا يكلف نفسه فوق طاقتها فيحرق نفسه طمعاً في منصب أو دخل إضافي أو رضا أحد المديرين فصحة الإنسان أغلى وأهم من أي شيء آخر والأرزاق بيد الله وكل ما عليه أن يقوم به هو أن يؤدي عمله وفق ما تقتضيه أنظمة ولوائح العمل وأن لا يبالغ أو يسرف على نفسه فلو حدث لصحته أي شيء -لا سمح الله- فعندها سيتمنى أنه لم يكن موظف كل شيء.