عندما بدأ السعوديون يتلمسون طريقهم نحو المجد ويصعدون ذرى النجاح وأرادوا أن يكون لهم طيف مميز ولون نادر يميزهم عن الشعوب والأمم المستسلمة للواقع، الراضخة للقوى العظمى، وعندما بدأوا يصنعون لأنفسهم كياناً مغايراً عن السائد والمألوف، ويضعون لهم موضع قدم راسخة بين الصفوف الأمامية بسواعدهم القوية وعقولهم النيرة وقلوبهم المخلصة، تحقيقاً لمراد دينهم العظيم وتاريخهم المجيد الذي توارثوه عن مصدر النور وقائد الخير وصاحب السيرة العطرة النبي العظيم عليه الصلاة والسلام، وعندما حرصوا أن تكون للإسلام كلمته ورايته في المنابر العالمية والمواقف الدولية نشراً للسلام وحرباً على الارهاب وبدأت بشائر الخير ترفرف وبوادر النور تسطع، بدأت أيادي الشر وعناكب الظلام تبني خيوطها النتنة وشراكها القذرة، وبادرت بسهامها المسمومة وعيونها المتربصة ونواياها الحاقدة تبحث عن المثالب والكبوات وتتصيد الأخطاء والهفوات، يساندها أذناب حاقدون وأراذل حاسدون، لا يريدون لبلادنا خيراً ولا يتمنون لها نجاحاً، فهم على استعداد تام للتحالف مع الشيطان ضدها، لكن الشيء الذي لم يتأكدوا منه قبل شن هجماتهم وتسميم سهامهم أن السعوديين شعب نادر الوجود، لا يخون ولا يغدر، حاضرٌ في الشدائد، واضح في المقاصد، أولى أولوياته دينه ووطنه وقادته يتعبد الله بطاعة ولي الأمر في غير معصية، ويهب نفسه لدينه دون تردد، ويحمي بلاده من كل متربص ومتوعد، حاول الأعداء قديماً أن يركعوه فأركعهم واجتهدوا حديثاً ليذلوه فأذلهم. نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، من سالمنا سالمناه ومن حاربنا فنحن سم زعاف في أحشائه، إذا دقت طبول الحرب فنحن لها والتاريخ يشهد لنا ولأجدادنا وأمجادنا، وستمضي هذه السحابة السوداء باذن الله، وستنقشع لتستحيل غيثاً مغيثاً هنيئاً على بلادنا، وسيندم المتنصلون عنا وسيعض أولئك الذين وقفنا معهم في أحلك الظروف وأشد المواقف أناملهم على ما أظهروه من حقد دفين ونكران مشين لمملكتنا ذات الأيادي البيضاء والعطاءات والسخاء، راعية الأمم وحاضنة الدول وقبلة المسلمين ومهوى الأفئدة. لا ندعي العصمة ولا نعتقد الرهبانية، نحن بشر طبيعيون نصيب ونخطئ ونجتهد ونعمل، ولكننا نمتلك الشجاعة للوقوف في صف الحق والاعتراف بالخطأ، ولا نشنع على الأشقاء ولا نغدر بالحلفاء، لسنا كغيرنا من الصغار المتسلقين سلالم السياسة دون هدى، ولا المتمسحين بالحكمة دون رشد، السعوديون قباطنة البحار العميقة وساسة الخطوب المدلهمة، أمجادنا سابقة وحاضرة وقادمة، فلا يزايد علينا أحد.