عندما تتحدث جبال السروات

بلاغةَ الجبالِ ردِّدِي..
حديثَكِ البهِيِّ والمُهاب
قولي لسمعِ البيدِ عن سجعِ الرواسي الشامخات
والناشِراتِ القمحَ تُبدي سحرَها كي يستفيقَ الرعدُ في بحرِ العطاء
والساقياتِ الماءَ تسقي طلعَها حتى يلوحَ البرقُ في خدِّ السَّماء
تعويذةٌ محفوظةٌ ما بينَ هذا السَّفحِ أو ذاك (الرَّكِيبْ)
عن عَرْعَرٍ يزهو على متنِ السَّحاب
وعنْ غصونِ اللَّوزِ فوق (عارِضٍ) تحيطُهُ (مَجَرَّةٌ وبِئر)..
يا نوَّةَ السَّراةِ حدِّثي
عن ساكنٍ توارثتْ جيناتهُ صلابةَ الجبالْ
وعِزَّةَ الشموخِ والإباءْ..
عن شامِخٍ توارثتْ أجيالُهُ شهامةَ الرفيقِ والطريقِ والحصون..
عن سابقٍ لحكمةِ الكرم:
حيَّاكمُ السحابُ والمطرْ
يا حكمةَ الجبالِ حدِّثي
عن ناسكٍ صلَّى صلاةَ الفجرِ حاضرًا
ويمَّمَ الطريقَ نحوَ حقلِهِ
يسابقُ الطيورَ.. في بكورها
ويُكرِمُ البذورَ حينَ تقتفيهِ نفحةُ البُكور
(ولُومَةٌ) تطيعُهُ وتنتشي
إنْ جادَتِ الأنواءُ بالقطرِ المُغيث
ولمعةُ الحِنَّاءِ غاصتْ في الثرى
(لتَدْمِسَ الحَرِيثَ) بهجةُ الحقولِ والرضا
ذاتُ الرِّداءِ كم تصدَّت (للقِرَب)
وكمُ أراحَ صوتُها بسحرهِ مواجعَ التَّعب
وثوبُها معطَّرٌ برشحِ خدٍّ منْ بهاء
وحين مَلَّ الدربُ من حملِ الخطى
صبَّت لروحِ الصبرِ فنجانَ الرؤى
والخبزُ كالشمسِ التي حلَّت على مدِّ الأصيلْ..
شهيَّةً حمراءَ من جمرٍ تَلاشى فوقَهُ بردُ الشتاء
يا حكمةَ الجبالِ ردِّدي لحنًا يقالُ أنَّهُ (طَرْقُ الجبلْ)
ليطرُقَ القلوبَ قبلَ أنْ يَصُبَّ في الوديانِ سِحرَهُ
وعلمينا رقصَةَ الأغصانِ في وقتِ الشُّروق
وذكرينا فرحةَ الإنسانِ والقطعانِ والشجر..
إذا توالى الغيمُ واشتدَّ المطر.