كتب المستشرق قسطنطين دوداريف في صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» مقالًا شاملًا عن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى موسكو باعتبارها الأولى في تاريخ البلدين.. وجاء في المقال: بعد تتويج سلمان بن عبدالعزيز ملكًا للمملكة عام 2015 وزيارة ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا ولقائه الرئيس بوتين في سان بطرسبورغ في شهر يونيو/حزيران 2015، بدأت العلاقات تتحسن تدريجيًا. وقد نُظر إلى الاتفاقات، التي تم التوصل بشأنها، كاستجابة إيجابية من جانب المملكة لدعوات روسيا المتكررة إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارات مع المملكة بغض النظر عن الخلافات في السياسة الخارجية. وقد حمل محمد بن سلمان إلى الملك سلمان رسالة من الرئيس بوتين يدعوه فيها إلى زيارة روسيا. وقد أشار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال زيارة نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى المملكة في 10-11 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن مواقف المملكة تتطابق ومواقف روسيا ليس فقط في سوريا، بل وفي العراق واليمن وليبيا، وأيضًا في محاربة الإرهاب عمومًا. وحينها أعلن لافروف عن عدم وجود «خلافات لا يمكن حلها» بين البلدين. لقد ساعدت مساهمة روسيا الجدية في محاربة الإرهاب في إعلاء هيبتها في المنطقة، والمملكة أيضًا. فقد أظهرت نتائج استطلاع للرأي عام 2016 أن الشباب السعوديين يرون في روسيا حليفًا رئيسًا للمملكة في المحافل الدولية. كما أن التقارب مع روسيا يعزز موقف المملكة نفسها في المنطقة، ويهيئ فرصًا جديدة للتعاون من أجل استقرار الشرق الأوسط، حيث إن القوة العسكرية لروسيا وعلاقاتها الطيبة مع معظم بلدان المنطقة ستساعد في حفز المسارات الإيجابية. إن العامل الاقتصادي يعد أحد العوامل المهمة في تقارب البلدين، اللذين تجاوزا الخلافات، وتوصلا إلى اتفاق في ديسمبر/كانون الأول 2016 بشأن تقليص حجم الإنتاج النفطي من أجل دعم أسعاره في السوق العالمية. وقد كان هذا الاتفاق عاملًا مهمًا في تنظيم اتصالات مباشرة بين وزيري الطاقة في البلدين، والعمل معًا من أجل استقرار أسعار النفط. ويراقب الخبراء باهتمام تطور التعاون الروسي - السعودي، حيث لا يستبعدون دعوة الشركات الروسية إلى تنفيذ مشروعات كبيرة في المملكة، وكذلك مشاركة شركة أرامكو السعودية في مشروعات بروسيا. فقد وصف الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو الحوار الروسي - السعودي بأنه «بداية فصل جديد في تاريخ النفط»، حتى إن بعض ساسة دول الخليج وصفوه بأنه «محور حب» بين موسكووالرياض. إن تقارب المملكة مع روسيا، لا يعني أبدًا تخلي الرياض عن التعاون مع واشنطن. لذلك لم يكن مصادفة الإعلان عن زيارة الملك سلمان إلى روسيا في آن واحد مع الإعلان عن زيارته إلى الولاياتالمتحدة في مطلع السنة المقبلة وتبني المملكة سياستها بصورة مستقلة انطلاقًا من مصالحها الوطنية. وروسيا في هذه الحالة بإمكاناتها العلمية والتقنية والعسكرية والتكنولوجية والفضائية وغيرها هي شريك يجذب الرياض. فقد أعلن وزير الثقافة والإعلام في المملكة عواد بن صالح العواد أن المملكة أعدت خطة شاملة لتطوير العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، مؤكدًا أنهم في المملكة يعدون زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا «حدثًا تاريخيًا يهدف إلى «تتويج» التطور الديناميكي لعلاقاتنا».