مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يعقد اجتماعًا عبر الاتصال المرئي    اتفاق صيني - أميركي على تمديد الهدنة التجارية    رئيس هيئة حقوق الإنسان: المملكة عززت منظومة متكاملة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    «سلمان للإغاثة» يوزّع 600 سلة غذائية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    سلسلة من الكلمات الدعوية ضمن الدورة العلمية الصيفية الثالثة تنفذها دعوة المسارحة والحرث    فهد بن نافل يعلن عدم ترشّحه لرئاسة الهلال    رسمياً.. النصر يضم البرتغالي "جواو فيليكس"حتى 2027    فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية العراق    القيادة تتلقى رسالتين من رئيس أذربيجان    فرنسا تدعو للضغط على إسرائيل ودفع ديون السلطة الفلسطينية    مجلس الوزراء يقر نظام الإحصاء    مؤتمر حل الدولتين يعتمد الوثيقة الختامية وبريطانيا تعتزم الاعتراف بفلسطين    1.3 مليار لمشروعات بلدية في صبيا    إنجاز 80% من مسار التخصصي بالمدينة    برنامج الأغذية العالمي: الفلسطينيون يموتون جماعيا من الجوع    Team Vitality يتصدر المونديال الإلكتروني    تعاون قضائي بين التحكيم والرابطة    أخضر الشابات يواصل معسكره الخارجي استعداداً لتصفيات كأس آسيا في بوتان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المدير العام للتعليم بالمنطقة    5 فرص عقارية استثنائية في مزاد جوار مكة    محافظ الطائف يلتقي الرئيس التنفيذي لمركز دعم هيئات التطوير    أمير تبوك يستعرض المشاريع والمبادرات لشركة الاتصالات السعودية بالمنطقة    "الأدب والنشر والترجمة" تطلق النسخة الرابعة من "كتاب المدينة"    نائب أمير مكة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    السعودية تواجه تحديات المياه والزراعة والبيئة بأكثر من 300 تقنية    أبشر رسالة مشحونة بالتفاؤل    الكرملين يقول بعد مهلة ترامب إنه لا يزال "ملتزما" تسوية النزاع في أوكرانيا    عبدالعزيز بن سعود يزور مركز العمليات الأمنية لشرطة باريس    محافظ الجبيل "الداود" يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية بالمحافظة    ( لا يوجد عنوان )    منصة قبول : 339 ألف طالب وطالبة أكدوا قبولهم في الجامعات والكليات    ذروة شهب دلتا الدلويات تضيء سماء السعودية فجر الأربعاء    الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تطلق مبادرة هاكاثون مكة الذكية    قضايا تمس حياة الناس وممتلكاتهم .. القحطاني: تحذيرات الطقس مسؤولية حصرية للأرصاد    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فهد بن ثنيان    يصل إلى طهران خلال أسبوعين.. منع وفد «الطاقة الذرية» من زيارة المواقع النووية    نجوم عالميون في حفلات صيف" مدل بيست"    تامر حسني ينتقد عمرو دياب على "منصات التواصل"    طالبت السوداني بالتحرك.. واشنطن تتهم حزب الله بتنفيذ هجوم بغداد    "حساب المواطن" يصدر نتائج الأهلية لدورة أغسطس    سمو وزير الخارجية يصل نيويورك للمشاركة في ترؤس الاجتماع الوزاري لمؤتمر حل الدولتين    الخلايا الجذعية تعالج "السكري من النوع الأول"    وزير الداخلية يلتقي مجموعة من منسوبي الوزارة المبتعثين للدراسة في فرنسا    موقف سعودي داعم لسورية    «المصمك».. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة    مجلة الفيصل.. نصف قرن من العطاء    وداع وطني لزياد الرحباني    فهم جديد للمعنى كيف تشكل الأزمات طريقة عيشنا    تقدم الدول وتخلفها    الدوران.. جوهر الظواهر وأسرار الحياة    ثقافة القطيع    قبلة على جبين أرض السعودية    الرياض تحتفي بانطلاق العد التنازلي ل"دورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025″    أمراض تشير إليها الأقدام الباردة    إنزيم جديد يفتح باب علاجات    التلوث الهوائي يزيد الإصابة بالخرف    أكثر من 1000 جولة رقابية وفنية على الجوامع والمساجد نفذتها إدارة مساجد العيدابي خلال شهر محرم    عقدت اجتماعها الدوري برئاسة المفتي.. هيئة كبار العلماء تستدعي خبراء لتقديم رؤى متخصصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم
حوار الأديان: نعم للتعايش والتعاون..لا للخلاف والصراع
نشر في الجزيرة يوم 02 - 08 - 2008

انعقاد مؤتمر حوار الأديان في العاصمة الإسبانية مدريد حدث مصيري لا سابقة له في تاريخ الأمم وعلاقاتها ببعضها البعض، لأنه إنجاز تاريخي غير مسبوق تحقق في هذا العصر، عصر الفتنة الكبرى يضاف إلى منجزات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. إنه إنجاز الملك الإنسان الذي نذر نفسه للقضاء على مصادر العنف والشر والفساد والصراع بين البشر. إنه نتاج لأمانة وحرص الملك المخلص الذي كرس جهوده وسياسته لبناء جسور من التقارب بين المجتمعات الإنسانية لتبتعد عن مصادر الخلاف والصراع والعنف ولتلتفت إلى مصالحها وأهدافها وتنمية مصادر أمنها واستقرارها ورفاهيتها.
انعقاد المؤتمر والحضور الكبير وما تمخض عنه من مقررات على مستوى العالم كله، بما فيه من اختلافات كبيرة بين البشر في العرق والعقيدة والمعتقدات والقيم، يمثل نقطة تحول إستراتيجية في تاريخ علاقات المجتمعات الإنسانية التي كادت أن تتحطم مدنيتها ووجودها على صخور التزمت والغلو والتعصب الأعمى الذي وضع الجميع في مواجهات دامية وصراعات عقيمة لا يمكن أن يستفيد منها أي طرف مهما كان مجيشاً وقوياً وممتنعاً. فلا غالب ولا مغلوب، ولا منتصر ولا مهزوم في ميادين الصراع والمواجهات والاقتتال، وإنما هزيمة نسبية لجميع الأطراف يدفع ثمنها الجميع دون استثناء.
رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لكافة المجتمعات الإنسانية تتلخص في أهمية وضرورة اللجوء إلى منطق الحوار والنقاش عوضاً عن منطق الخلاف والصدام، وهو أمر لا يتأتي تحقيقه إلا بالعودة الصادقة إلى التعاليم السماوية التي لا تختلف فيما بينها حيال أساليب وأدوات وطرائق القضاء على مصادر العنف والشر والفساد التي اكتسحت العالم كله بعد أن تعمق في مستنقع التطرف الذي ابتلي به بعض أتباع كل دين سماوي وكل عقدية سياسية، كما أشار الملك عبدالله في مستهل كلمته التي افتتح بها مؤتمر مدريد.
الملك عبدالله حضر إلى مؤتمر مدريد قادماً من بلاد الحرمين الشريفين حاملاً رسالة من الأمة الإسلامية تعلن (أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح). انطلاقاً من هذه الرسالة الإنسانية الخالدة طالب الملك عبدالله المشاركين في المؤتمر ضرورة الإعلان للعالم كله أن الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي إلى الاختلاف والصراع وإنما إلى تلاقح الأفكار والآراء والتصورات وتغذيتها لبعضها البعض بكل ما فيه منفعة للإنسان وللإنسانية. وهذا بالفعل يتطلب التركيز على القواسم والعوامل والمفاهيم والقيم الإنسانية المشتركة التي تجمع بين الإنسان أياً كانت عقيدته أو خلفيته أو جذوره أو توجهاته.
وليس بأدل ولا أنجب من تذكير الملك عبدالله للحضور والمشاركين في المؤتمر بأن الإنسان قادر على أن يهزم الكراهية بالمحبة، والتعصب بالتسامح.. وهذا لعمري ديدن الدين الإسلامي الحنيف وقاعدة واحدة من قواعد شريعته الإسلامية السمحاء. الحوار البناء الهادف بين أتباع الديانات السماوية وحده يعد بل ويمثل المخرج الوحيد لمشاكل ومعاناة الإنسانية، وهي رسالة إنسانية حملها الملك عبدالله ليبشر الإنسانية بفتح صفحة جديدة من العلاقات والتعاملات يحل فيها الوئام محل الصراع، مذكراً الجميع بالأوضاع السلبية السائدة في العالم بعد أن تفشى فيها ضياع القيم والتباس المفاهيم وغموضها. إنها أوضاع إنسانية حرجة وخطيرة ومؤلمة في ذات الوقت يشهدها العالم كله رغماً عن التقدم العلمي والتقني بعد أن انتشرت الجرائم وتنامت قوى المجرمين وارتفعت بيادق العنف والاقتتال وتنامت حدة التطرف والإرهاب فتباعدت المجتمعات وتهدد أمنها واستقرارها وتفككت الأسر وتحطمت كما وانتهكت المخدرات عقول الشباب فأضعفت أجسادهم وأمرضت أرواحهم فاستنفذت قدراتهم وهددت حياتهم وأضاعت مستقبلهم. إن مواجهة المشاكل والتحديات لا يمكن أن تتم إلا بالحوار الصريح والمنطق العقلاني لا بمنطق الغلو والتطرف والعنف فللمنطق الأول نهاية إيجابية لجميع الأطراف فيما أن نهاية المنطق الثاني هي الخراب والدمار والضياع للجميع.
عالم الماضي، حتى مؤتمر مدريد، شهد استغلال الأقوياء للضعفاء والفقراء فاتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء وتعاظمت حدة الفجوة بين الأقوياء والضعفاء فارتفعت بموجبها حمم النزاعات العنصرية البغيضة التي فتحت أبواب الحقد والكراهية والعنف. في المقابل فإن عالم الحاضر، فيما بعد مؤتمر مدريد، من المتوقع أن يشهد بمشيئة الله انفراجاً كبيراً في العلاقات المتوترة وراحة عظيمة للقلوب الحاقدة ومخرجاً مريحاً للنفوس الكارهة. فصوت السلام ينطلق دائماً من صوت الموضوعية والمنطق الواقعي والاعتدال المنصف في العقيدة والمعتقدات وفي الآراء والتوجهات، وفي القيم والتصورات. فقاعدة الأمن والاستقرار لا يمكن أن تتحقق إلا ببناء قاعدة عريضة للتفاهم والحوار، ومجتمع الرفاهية يستحيل أن يتحقق بدون خطاب السلام ومنطق السلام ومبادئه وقيمه السلمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.