خلقنا الله من تراب .. وسوف يكون منتهانا كلّنا .... للتراب.. تكوَّرنا في بطون أُمّهاتنا تسعة أشهر .. تجمعنا نفس الرغبات ونفس المشاعر .. نفس الملامح.. تجمعنا نفس الصفات .. وإن اختلفت القشور .. والألوان.. فلِمَ التعالي .. ولِمَ الشموخ.. على المستضعفين .. الذين رمت بهم رياح الغربة في أوطاننا .. فتركوا أبناءهم .. وأهلهم بحثاً عن لقمة العيش.. وبحثاً عن الرزق... لِمَ النظرة الدونية لهؤلاء العمال .. الخادمات.. ومعاملتهم معاملة سيئة .. لم يوص الإسلام عليها .. ولا توصي عليها مكارم الأخلاق.. لا أزكِّيهم .. بشر فينا السيئ وفينا المخطئ .. هناك من يأتي منهم للقمة العيش وهناك من يأتي لأسباب ثانية.. لكن هم بريئون حتى تتم إدانتهم .. بجرم .. لكن أن نستقبلهم بأعمال تثقل كاهل الجبال .. ومعاملة .. سيئة.. وألفاظ واستهزاء .. على أشكالهم .. ألوانهم .. ضعفهم وحاجتهم .. هذا ما لا يرضي الرحمن.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}«11» سورة الحجرات. خلقنا الله أسوياء .. وسوف ندخل الجنة بأعمالنا .. ودرجات تقرُّبنا من الله وعباداتنا .. فلِمَ لوم أشخاص .. جرّدتهم الظروف .. من غطاء الدفء .. والأمان .. وألقت بهم في ديارنا .. نظراً للحاجة.. لِمَ العنصرية .. والتعصُّب .. وكلُّنا من آدم وحواء .. وكلُّنا إخوة في البشرية... أنا لا أقف بجانب .. جنس عن جنس .. ولا لون عن لون .. ولكن أقف بجانب الإنسانية .. والكرامة التي خلقنا عليها والعقل الذي كرَّمنا الله به عن كلِّ الخليقة .. ونعمة الإسلام التي هذّبت مشاعرنا .. ورفعت من أخلاقنا سموَّاً ورشاداً.. نقول عن بعض الأجانب إنّهم أعداء الإسلام ونتحدث عن كراهيتهم لنا!! لِمَ النظرة العنيفة للأجانب والمترصدة .. إن كان منهم من يكيد لنا في الخفاء .. فهناك من ينهش بنا من الداخل .. من أبناء جلدتنا .. نلوم الغرب على كرههم لنا .. لِمَ لا نلوم أنفسنا على تعالينا أمام المستضعفين .. إن كان هناك إصلاح .. فهو من الداخل وقوة المسلم تنبع من داخله .. ليس من عضلاته المفتولة .. أو شكله الجميل بل من قوة إيمانه التي تكون له حصناً رادعاً .. مانعاً لأيِّ سهم من سهوم الشيطان ومن سهوم كيد أعداء الدين .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (خير الأمور الوسط) لِمَ لا نتبع الوسطية في كلِّ شيء .. فلا نتشدَّد في معاملتنا لهم .. لا تكن ليِّنا فتُعصَر ولا تكن قاسياً فتُكسَر..