لا شك أن الزواج نعمة عظيمة، وسكينة ورحمة كتبها الله لعباده، لكن في زمننا الحاضر أصبح الوصول إلى هذه النعمة محفوفًا بعقبات كثيرة؛ أبرزها غلاء المهور وما تبعه من تكاليف باهظة أرهقت الشباب، وأثقلت كاهل الأسر. لقد تحوّل المهر من وسيلة تكريم للمرأة إلى حاجز مادي يحول بين كثير من الشباب وبين الاستقرار، فبدلًا من أن يكون الزواج ميسّرًا كما أمر به الإسلام، صار مشروعًا يحتاج إلى قروض وديون، وربما إلى سنوات طويلة من الادخار. إن هذه الظاهرة لا تضر الشاب وحده، بل تنعكس آثارها على المجتمع كله؛ فتأخر سن الزواج، وارتفاع نسبة العزوبية، وربما اللجوء إلى طرق غير صحيحة لإشباع الغرائز، كل ذلك نتيجة مباشرة لثقافة المغالاة في المهور والتكاليف. ديننا الحنيف جاء باليسر والسهولة، ورسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم قال:" أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة". فالمباركة في الزواج ليست بكثرة المهر ولا بفخامة القاعات، وإنما بالمعاشرة بالمعروف، وبناء بيت يقوم على المودة والرحمة. المجتمع اليوم بحاجة إلى وقفة صادقة من الأسر والعائلات، وإلى نشر الوعي بأن التباهي بالمهور لا يزيد من قيمة البنت، بل ربما يحرمها من فرصة زوج صالح. كما أن على الشباب أن يوازنوا بين الطموح والواقعية، فيطلبوا ما يستطيعونه دون إفراط أو تفريط. إذا أردنا مجتمعًا متماسكًا وأسراً مستقرة، فعلينا أن نعيد الاعتبار إلى الزواج الميسر، وأن يكون المهر رمزًا للمودة لا عبئًا ماليًا. فبتيسير الزواج، نحمي شبابنا، ونبني أجيالاً قوية، ونحقق مقصدًا عظيمًا من مقاصد الشريعة