في وقت تتواصل فيه المواجهات العسكرية بين روسياوأوكرانيا على الأرض وفي الأجواء، صعّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهجته ضد الغرب، متهماً إياه بالمسؤولية المباشرة عن الأزمة الأوكرانية، وذلك خلال مشاركته في قمة منظمة شنغهاي للتعاون المنعقدة في مدينة تيانجين شمال الصين. وقال بوتين في كلمة ألقاها أمام نحو 20 من قادة أوراسيا: إن جذور الأزمة تعود إلى "الانقلاب في أوكرانيا عام 2014، الذي دعمته القوى الغربية"، مشيراً إلى أن المحاولات المستمرة لجر كييف إلى حلف شمال الأطلسي كانت عاملاً أساسياً في اندلاع الحرب. وأضاف أن "التسوية المستدامة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر معالجة الأسباب الجذرية وإعادة التوازن العادل في المجال الأمني". الرئيس الروسي لفت أيضاً إلى التفاهمات، التي جرى التوصل إليها في قمته الأخيرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في ألاسكا منتصف أغسطس الماضي، مؤكداً أنها تفتح الطريق أمام حل سياسي للأزمة، مشيداً في الوقت ذاته بجهود الصين والهند وشركاء آخرين لدفع عملية السلام. من جانبه، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، في كلمته الافتتاحية، إلى معارضة ما وصفه بعقلية الحرب الباردة وسياسة الترهيب في العلاقات الدولية، مؤكداً على دور منظمة شنغهاي للتعاون في تعزيز الاستقرار العالمي. ميدانياً، شهدت الساعات الماضية تصعيداً جديداً في حرب الطائرات المسيّرة بين موسكو وكييف. فقد أعلن سلاح الجو الأوكراني أنه أسقط 76 من أصل 86 مسيّرة روسية، استهدفت مناطق في شمال وجنوب وشرق ووسط البلاد خلال الليل، معظمها من طراز"شاهد" الإيراني الصنع. في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية: إن دفاعاتها الجوية اعترضت ودمرت 50 مسيّرة أوكرانية فوق مناطق متفرقة، من بينها بيلغورود وساراتوف وتترستان، إضافة إلى البحر الأسود وبحر آزوف. وبالتوازي مع التصعيد العسكري، تواصل أوروبا مساعيها الدبلوماسية، إذ كشف مصدر سياسي أوروبي أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيلتقي قادة أوروبيين في باريس يوم الخميس المقبل لبحث الضمانات الأمنية لبلاده في أي تسوية محتملة. وأوضح المصدر أن "اللقاء يهدف إلى الدفع بالدبلوماسية قدماً، في وقت تواصل فيه روسيا المماطلة"، مستبعداً مشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الاجتماع. وبينما يتمسك بوتين بموقفه الذي يحمّل الغرب المسؤولية ويطالب بإعادة صياغة"نظام عالمي جديد"، تسعى كييف وحلفاؤها الأوروبيون إلى تعزيز دفاعاتها العسكرية وفتح مسار تفاوضي يضمن أمنها. وبذلك يبقى المشهد الأوكراني مفتوحاً على مسارين متوازيين: تصعيد عسكري متواصل عبر المسيّرات والهجمات الجوية، يقابله حراك دبلوماسي دولي يحاول كبح جماح الحرب وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.