* الثقافية - علي بن سعد القحطاني: نوقشت مساء يوم الأربعاء الماضي الموافق 28 - 3 - 1427ه رسالة الماجستير التي تقدم بها الطالب حمود بن محمد النقاء وعنوانها (عبدالله الزامل: حياته وشعره) وذلك في قاعة المحاضرات بكلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد تكونت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من الدكتور إبراهيم بن فوزان الفوزان الأستاذ في قسم الأدب بالكلية، المشرف على الرسالة، والدكتور حسين علي محمد الأستاذ في قسم الأدب بالكلية والدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع الأستاذ المشارك في قسم الأدب بالكلية. بدأ الطالب حمود بن محمد النقاء بقراءة مقدمة رسالته وقال: يكاد يكون القول في شأن الشعر العربي وسيادته أمراً مسلّماً به في ثقافة الكتاب والذهنية؛ حتى بدا للبعض كما لو كان جزءاً من أجزاء جسد العربي وروحه، وعلى الرغم من مزاحمة الفنون الأخرى للشعر في هذا العصر إلا أنه لم يزل قوياً يطرب العربي ويثيره. من هذا المنطلق، وبكوني أحد أبناء الجزيرة العربية التي أرضعت الشعر؛ كان لقائي بالشعر لقاءً قديماً، وهذا اللقاء متأرجح بين الاستماع والقراءة، وحين دخلت أبواب هذا الصرح المعطاء لم يكن لفن من الفنون في عقلي ووجداني ما كان لفن الشعر؛ حيث دفعني هذا الميل إلى اختيار الشعر أولاً، وإلى تحديده بالشعر السعودي ثانياً، وإلى اختيار شاعر أسهم في الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية، وباجتماع أضلاع هذا المثلث كانت رسالتي التي أناقشها اليوم (عبدالله الزامل، حياته وشعره). والمملكة العربية السعودية الجزيرة التي أنجبت الشعر، والرحم الذي حمل الزامل، وإذاً فأضلاع هذا المثلث يشف بعضها عن بعض، وتترابط حد الاندماج. إنني في هذه الدراسة أتناول شاعراً لم يدرس من قبل بشكل أكاديمي، كما أن في شعره سماتٍ خاصة يتفرد بها الشاعر في الأداء والفن، ومن حقه علينا دراسته، وإبراز نتاجه للمكتبة العربية، إضافة إلى ذلك فإن الشاعر قد ولد في ظروف مغايرة للظروف التي مات فيها، وكأنه جماع عصرين؛ مما يجعل من هذا البحث وسيلة للكشف عن جانب من جوانب التطور في الشعر السعودي من خلال دراسة شعر شاعر تنقّل في أكثر من بيئة، وزار أكثر من بلد، ومر بظروف جمعت بين ثنائيات متعددة: التشتت والاجتماع، الفقر والغنى، وغيرها مما هو كفيل برصد نوع من التغير الإيجابي، أو السلبي في الشعر. وقد جاءت هذه الدراسة في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، ثم ملحق بفائت الديوان، وثبت بمصادر الدراسة ومراجعها ، وفهرس للأعلام، وأخيراً فهرس عام لمحتويات البحث. ففي المقدمة تناولت عدة أمور من أبرزها: أهمية الموضوع، وتقسيمات البحث، ثم أهم الصعوبات التي اعترضت مسيرة البحث والباحث. وفي التمهيد كان الحديث عن بيئة الشاعر بدءاً بالبيئة الاجتماعية، وما تشتمل عليه من : زراعة، وتجارة، وصناعة، وتربية للماشية والطيور، ثم البيئة الثقافية حيث: التعليم، وحلقات المساجد، والرحلات العلمية، والإجازات العلمية، وحركة التأليف والطباعة والنشر، والمكتبات، وأخيراً البيئة الأدبية بما فيها من: شعر، وخطابة، ورسائل، وقصة، ومسرحية، وسيرة ذاتية. وفي الفصل الأول جاء الحديث عن حياة الشاعر وآثاره، حيث خصص المبحث الأول لحياته، من حيث: اسمه ونسبه، ومولده ونشأته، وتعليمه وثقافته، ورحلاته، وصلاته برجال عصره، وأخلاقه، وأعماله، ووفاته، أما المبحث الثاني فقد خصص لآثاره سواء المطبوع منها، أو المخطوط. وفي الفصل الثاني تناولت اتجاهات موضوعات شعره، حيث قسمتها وفق الكثرة، إلا أنني آثرت تقديم الاتجاه الإسلامي؛ لشرفه، ولما له من مكانة في نفوس الجميع، وبذلك كان المبحث الأول في هذا الفصل للاتجاه الإسلامي، وفيه عرضت لأبرز الموضوعات الإسلامية في شعر عبدالله الزامل، أما المبحث الثاني فقد خصصته للاتجاه الذاتي، وهو الاتجاه المسيطر على معظم أشعار الزامل - حيث عرضت فيه لأبرز المظاهر الذاتية في شعر الشاعر، والمبحث الثالث كان للاتجاه الاجتماعي، وفيه تم الوقوف على مجموعة من الجوانب الاجتماعية البارزة في شعر الزامل، وأما المبحث الرابع فقد خصص للاتجاه الوطني حيث جاء الحديث فيه عن أبرز المظاهر الوطنية في شعر عبدالله الزامل. وقد جاء الفصل الثالث خاصاً بالدراسة الفنية، حيث قُسِّم إلى مبحثين: المبحث الأول يتعلق بالمضمون، وفيه تمّ الوقوف على أفكار الشاعر ومعانيه، من حيث مصادرها، وجدتها، وصدقها، ووضوحها، إلى غير ذلك، كما وُقِف - أيضاً - عند عاطفة الشاعر من حيث صدقها، وقوتها، وثباتها، وتنوعها، أما المبحث الثاني فقد خُصّص لجانب الشكل بدءاً ببنية العنوان، ثم بناء القصيدة، ثم الألفاظ والتراكيب، ثم الصورة، ثم الموسيقا. ثم جاءت الخاتمة وفيها قمت بعرض أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، وأبرز التوصيات، ومن ذلك غلبة الاتجاه الذاتي على أشعار الزامل، واتصاف شعره بطابع المحافظة - في الأعم الأغلب -، وسلامة أشعاره من الفحش والتفحش، ونحوهما؛ وهو انعكاس طبيعي لحياته التي كانت قد تكونت في رحم المحافظة الاجتماعية، تلك المحافظة التي تستظل بظل الدين الإسلامي. بعد ذلك قمت بجمع أشعار الزامل المخطوطة التي لم يحوها ديوانه المطبوع، وقسمتها وفقاً للكثرة بدءاً بالشعر الذاتي، ثم الشعر الوطني، ثم الشعر الإسلامي، ثم الشعر الاجتماعي، ثم الشعر السياسي، كما ضبطت بالشكل ما يحتاج منها إلى ضبط، وشرحت - كذلك - بعض الكلمات التي اعتراها شيء من الغموض. ثم حصرت مصادر البحث ومراجعه في ثبت المصادر والمراجع، ورتبتها وفق الترتيب الهجائي، ثم وضعت فهرساً للأعلام الذين تمت الترجمة لهم أثناء إعداد البحث، وكان الترتيب وفق الحروف الهجائية، وفي الأخير وضعت فهرساً عاماً لمحتويات البحث. ولعل من المناسب الإشارة إلى صعوبة البحث في أشعار عبدالله الزامل المخطوطة، حيث إنها كانت في أوراق سائبة، وكان معظمها قد ورد في الديوان المطبوع، مما حدا بالباحث أن يقابل كل قصيدة، ومقطعة في الشعر المخطوط على قصائد الديوان، وقد كان في هذا الأمر ما كان من الصعوبة والمشقة. * المناقشة: بدأ الدكتور محمد الربيع بمناقشة الطالب، وكان أولى ملاحظته هو إسهاب الباحث في تمهيد رسالته عن بيئة الشاعر وما تشتمل عليه من زراعة وتجارة وصناعة وتربية للماشية والطيور، كما أنه خلط بين دراسة الأغراض والاتجاهات وقال: الأغراض فنون الشعر بينما الاتجاهات تعني المدارس الفكرية، كما أبدى الدكتور الربيع انزعاجه من تكرار الطالب لصيغة الدعاء بالرحمة للشاعر عبدالله الزامل وقال: لو اكتفي بواحدة لكفى.. كما أشار الربيع إلى أن الطالب أثقل رسالته بكثرة النقولات حيث إنه يأتي بالأبيات ثم ينثرها ويلخصها مرة أخرى بطريقة مكررة في موضع آخر إلا أن الطالب حمود بن محمد النقاء رد على مناقشه وقال: المشرف على رسالتي كان يقول لي لا تثقل رسالتك بالنقولات، وأنا لم ألجأ إلى تلك الطريقة إلا من باب التوثيق ودراسة تلك القصائد، كما لاحظ الدكتور الربيع في الرسالة كثرة ورود كلمة (عباءة) حتى ظن أن له محلا تجاريا يبيع العباءات وكان الأولى أن يكتفي بواحدة، كما كانت من ملاحظته أيضاً أن أهمل شرح بعض الأبيات التي استعصت على الافهام ورأى الدكتور الربيع أن الطالب كرر في خاتمة بحثه ما ذكره في المقدمة وأعاد تلخيص الرسالة، كما أن الطالب بالغ في مقدار الصعوبة التي وجدها، وهنا رد الطالب محمود النقاء على المناقش وقال: لم أكن مبالغاً، حيث كنت أجد الصعوبة لاسيما وأن ديوان الشاعر عبدالله الزامل مكونٌ من ثلاثمائة وتسع صفحات بالإضافة إلى المخطوطات التي كان يمدّني بها ابنه المهندس علي بن عبدالله الزامل، كما أن الشاعر عبدالله الزامل كان يعيد كتابة قصائده أكثر من مرة، وقد تصل في بعض الأحايين إلى ست مرات، فعلق الدكتور محمد الربيع على تلك النقطة وقال: إن إعادة الشاعر كتابة قصائده وما فيها من تجويد أو تشطيب فيه مغزى للدارس، وقد يستفيد منها في معرفة الجوانب الاجتماعية والنفسية للشاعر من خلال الوقوف على مخطوطاته، وختم المناقش الدكتور محمد الربيع كلمته قائلاً: هذه رسالة جيدة وأجاد الطالب حمود بن محمد النقاء في التعليل ونقلنا إلى هذا الديوان وزاد بمعرفتنا بشخصية معروفة التي للأسف لم تأخذ حقها من الشهرة، وتظهر شخصية الطالب حمود النقاء في المناقشة والردود مع المناقش الأول الدكتور محمد الربيع بينما تخفت شخصيته أمام المناقش الثاني الدكتور حسين علي محمد حيث طالبه بالاستماع إلى الملاحظات وعدم الرد في كل نقطة يبديها، وكان الدكتور حسين علي محمد قد أثنى على هذه الرسالة وقال: إن الرسالة في عمومها جيدة وقد بذل الباحث جهداً وذلك من خلال رجوعه إلى المصادر، وقد أوجز المناقش الدكتور حسين علي محمد ملاحظاته على الطالب في النقاط التالية: 1- وجود أخطاء في تحرير الرسالة ولغتها. 2- عدم الإضاءة من بعض المراجع الإفادة المرجوة. 3- استخدام المراجع الوسيطة بدلا من الرجوع إلى المصادر الأساسية. 4- عدم فهم بعض المصطلحات ومن ثم كان الخلل في التطبيق مثل (استدعاء الشخصيات التراثية)، وأكد المناقش في هذه النقطة على وجوب حذف كلمة (استدعاء) من الرسالة والاستعاضة عنها بكلمة (ذكر) والشاعر عبدالله الزامل لا يستدعي شخصيات تراثية في قصائده بل يذكرها، كما كان من ملاحظة المناقش الدكتور حسين على الطالب أن جمع كلمة (فلكلور) وقال (فلكلورات) والحقيقة أنها لا تجمع بل يكتفي بكلمة (فلكلور) أو ما يقابلها في اللغة العربية (الأدب الشعبي) وتمنى المناقش من الطالب أن يسهب الحديث عن مدى إفادة الشاعر عبدالله الزامل من الكاريكاتير، وهل استفاد منه في شعره كما لاحظ الدكتور حسين أن الطالب حمود النقاء لم يوفق في اختياره لعبارة (قواه العقلية) وكان الأولى استخدام (قواه الإبداعية). * الهامش - كان من بين الحضور الدكتور عبدالرحمن الشبيلي والمهندس علي بن عبدالله الزامل. - المشرف على الرسالة الدكتور ابراهيم الفوزان أشار إلى أنه يشدد على طلابه في الدراسات العليا على مسألة توثيق المعلومات من المصادر والمراجع والإشارة إليها بكتابة الصفحات حتى إذا ما سألوا من قبل لجنة المناقشين أجابوا عنها بكل سلاسة. - الدكتور حسين علي محمد داعب المشرف على الرسالة وقال: الود الذي بيني وبينك لا يمنعني من نقد طالبك. - أشار الطالب حمود النقاء إلى أن بعض مخطوطات الشاعر عبدالله الزامل وكتبه قد اختفت من السوق، وربما وصل قيمتها إلى 400 ريال مثل الكتاب التاريخي (أصدق البنود). - حصل الطالب حمود النقاء على رسالته الأكاديمية المقدمة لنيل درجة الماجستير على تقدير امتياز.