الإرهاب كما وصفه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني - في كلمته التي افتتح بها المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بالرياض، (إنه لا ينتمي إلى حضارة ولا ينتسب إلى دين ولا يعرف ولاءً لنظام) بل هو سلوك منحرف يصدر عن فكر ضال، ولا يمُت للإنسانية ولا للمعاني الخيرية بصلة. إنما هو سلوك ترفضه جميع الحضارات والثقافات وتعارضه القيم والمبادئ الصحيحة. إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، كما أمرنا بالرفق واللين في القول والعمل. وقال: (ما كان اللين في شيء إلا زانه وما نُزع اللين من شيء إلا شانه). إن بلادنا المباركة واحة أمن وأمان منذ نشأت على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - فقد قامت على أسس إسلامية ومنطلقات إيمانية راسخة وثابتة أكدتها أنظمتها وتعاليمها وكانت مضرب المثل في الأمن والأمان وهي النعمة الكبيرة التي يفتقدها الكثير من البلدان في منطقتنا العربية الإسلامية بل وفي منطقة الشرق الأوسط، غير أن ما طرأ عليها في السنوات الأخيرة من أعمال غير مسؤولة وجرائم في حق الوطن والمواطن والمقيم لم يكن إلا نزعة غريبة شاذة الفكر ومنحرفة الدين. ومن عظم حرمة المؤمن أن حرمته أعظم عند الله تعالى من حرمة البيت الحرام، يقول ابن عمر رضي الله عنهما وهو ينظر إلى الكعبة المشرفة: (ما أعظمك وما أعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك). فزوال الدنيا وما فيها منذ أن خلق الله آدم عليه السلام إلى قيام الساعة - أهون عند الله من الإقدام على قتل معصوم، يقول صلى الله عليه وسلم كما في سُنن النسائي والترمذي بسند صحيح (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم (قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا) رواه النسائي. إن تعاليم الإسلام السمحة جعلت أعظم الذنوب بعد الشرك بالله قتل النفس، وسفك الدم، فلننظر إلى نصوص الكتاب الحكيم، كيف غلظت هذه الجريمة البشعة وتكرر النهي عنها في أكثر من موضع وبمختلف الأساليب، فتارة يُنهى عن القتل {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 151 سورة الانعام، إن الأعمال الإرهابية لا تنضبط فهي كالألغام المزروعة لا يدري الإنسان مكانها حتى تنفجر، وهذا يجعل المجتمع كله هدفاً للإرهاب ويحتم عليه الإسهام في معالجة الإرهاب عن طريق دفع العلماء والمفكرين والجامعات والمدارس والأكاديميين إلى التعاون لمعالجة الفكر المنحرف من خلال صيغ عملية ذات ضوابط وذلك لإيقاف الخطر الداهم على الأمة. ومع كل هذا فإن الأمة مطمئنة إلى أهلها ورجالها وصغارها وكبارها، شبابها وعلمائها وساستها وأهل الرأي فيها، كلهم على منهج وسط، ولله الحمد والمنة تلكم حقيقة راسخة ثابتة لا يمكن تغييرها أوالخروج عليها بإذن الله، إن الذين أضلوا هؤلاء الشباب مسؤولون أمام الله عن هذه الأفعال ومتحملون لأوزارهم ولآثامهم، كما قال سبحانه: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ}. إنني أدعو هؤلاء الشباب وسواهم ممن يحملون هذا الفكر الضال والمنحرف إلى أن يعودوا إلى جادة الحق والصواب، وأن ينبذوا أعمال العنف والتطرف والإرهاب التي تسفك دماء الأبرياء وتهتك الحرمات، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (آل عمران 8 - 9 ).