أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    2.3 % معدل التضخم    محافظ "ساما": نركز على الابتكار والفرص للمستثمرين    حظر دعوة الركاب أو النداء عليهم.. 20 ألف ريال عقوبة النقل دون ترخيص    «قمة الدوحة» ترفض محاولات تبرير العدوان الإسرائيلي تحت أي ذريعة.. تضامن عربي – إسلامي مطلق مع قطر    الحوثي يستهدف مطار رامون والنقب ب 4 مسيرات    صراع المناصب يهدد الاتفاق الأمني في ليبيا    الوحدة يصعق الاتحاد في الوقت القاتل    ولي العهد في برقية لأمير قطر: الجميع يقف مع الدوحة لمواجهة الاعتداء الغاشم    القيادة تهنئ رؤساء السلفادور ونيكاراغوا وكوستاريكا ب«ذكرى الاستقلال»    أكد أن تشريف ولي العهد يجسد الدعم الكبير.. «الشورى»: توجيهات القيادة تمكننا من أداء مهامنا التشريعية    سوريا.. ضبط شحنة أسلحة معدة للتهريب للخارج    السلوك العام.. صورة المجتمع    يستعيد محفظته المفقودة بعد 51 سنة    «قدم مكسورة» تدخل تامر حسني المستشفى    ظل الماضي    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    الخرف الرقمي وأطفالنا    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    الفيصل رئيساً للاتحاد العربي    إنزاغي: سنواجه خصماً قوياً ومنظماً    بلماضي: استعددنا جيداً لملاقاة الزعيم    ولي العهد يرأس وفد المملكة المشارك في القمتين «الخليجية» و«العربية الإسلامية» في الدوحة    الخرطوم تنتقد العقوبات الأميركية على مواطنين وكيانات سودانية    دبلوماسي أميركي سابق: عدم قيام دولة فلسطينية يعني عيش (إسرائيل) حالة حرب للأبد    معنى الفقد.. حين يرحل الطيبون    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    شركة تطوير مطار الملك سلمان الدولي توقِّع مذكرة تفاهم مع مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    جازان تستيقظ على فاجعة.. وفاة 4 معلمات وسائقهن بالداير    التضخم الأمريكي أعلى من مستهدفات الفيدرالي    تضامن عربي إسلامي مع قطر.. دول الخليج تعزز آليات الدفاع والردع    دوري أبطال آسيا للنخبة : الأهلي يتغلب على ناساف الأوزبكي برباعية    تقنيات روبوتية لتعزيز كفاءة التصنيع البحري برأس الخير    الخطاب الملكي.. لأول مرة في تاريخنا    "سلطان الخيرية" تدعم "العربية" في قيرغيزستان    الجدعان : سوق المال السعودي يتصدر عالميًا بنمو تجاوز 2.4 تريليون دولار    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    الكشافة السعوديون يزورون الحديقة النباتية في بوجور    أخطاء وأعطال حضوري بلا حلول    عزنا بطبعنا    ولي العهد: جميع الدول أكدت دعمها لقطر في مواجهة الاعتداء الغاشم    أمير القصيم يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف    رئيس الوزراء السوداني يغادر المدينة المنورة    «الشؤون الإسلامية» توقّع عقودًا لصيانة وتشغيل 1,392 مسجدًا وجامعًا خلال الربع الثالث لعام 2025م    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    مانجا للإنتاج تفوز بجائزة المؤسسات الثقافية الربحية ضمن الجوائز الثقافية الوطنية لعام 2025    جدة تستضيف مؤتمر ومعرض المكتبات المتخصصة 2025 غدًا    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة تزور الملحقية العسكرية السعودية في واشنطن    مؤتمر حائل لأمراض القلب : منصة علمية لتعزيز التقدم الطبي في أمراض القلب .    الزميل سعود العتيبي في ذمة الله    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    جهود متواصلة لتعزيز الرعاية العاجلة.. تدريب 434 ألفاً على الإسعافات الأولية    «الغذاء»: 24 ألف بلاغ عن أعراض«الأدوية»    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفكير المعياري للسلوك بين الافتراض والواقع
د. علي شويل القرني ( * )
نشر في الجزيرة يوم 29 - 01 - 2005

دفعتني كتابات عدد من الأشخاص للرد على مقالات تفاعلت مع مقال سابق لي عن (السينما في الخارج حزمة من سلوكيات المحاذير.. الشاب هادي يسأل.. لماذا تغيب السينما في مجتمعنا؟..) ولم تدفعني كتابات من شارك مشكوراً في الرد على صفحات الجزيرة، ولكن الذي دفعني هم أشخاص آخرون عبروا لي عن رغبتهم الشديدة والمتطرفة للرد على المقالات التي تسلسلت على صفحات الجزيرة.. وبالمناسبة فإن هؤلاء الذين يريدون مني الرد هم أصوات معادية للسينما.. وقد رأت هذه الأصوات أن من التقدير لكل من رد علي أن أعود إلى الموضوع لأعبر عن وجهة نظري في تلك الطروحات...
وبداية، أشكر كل من شارك في التفاعل مع الموضوع، وهم - في نظري - نخبة مميزة من المشايخ والأساتذة الذين أشعر فعلا بغيرتهم على مجتمعنا وعاداتنا تقاليدنا.. ولهذا فإني أجدد الشكر لهم فرداً فرداً.. وأعتز بكل الملاحظات والأفكار التي طرحوها عبر صحيفتنا - الجزيرة - .. ولن أرد هنا أو أشير إلى الرسائل التي أبدت تعاطفا مع الموضوع.. وسأكتفي بتناول بعض الملاحظات التي أبداها أصحابها عن الموضوع، والتي انطلقت فحواها من ثلاثية معروفة هي.. التشكيك، والمؤامرة، وسوء النية..
1 - البعض شكك في قصة هادي.. واعتبروها قصة ملفقة ومختلقة من أساسها.. فيتساءل زميل ما إذا كان هادي هو قصة حقيقية أم أنه قصة خيالية... (..هل هادي هذا حقيقة أم خيال..) والحقيقة أن هادي هو شخص حقيقي، وما ذكرته نقلا عنه هو كلام حقيقي كذلك.. ولم أدع هذه القصة أو ألفقها، بل ما قلته هو أقل مما ذكره هادي وغيره عن هذا الموضوع.. وهي محاولة مني لأن أعكس وجهة النظر التي تراها هذه الفئة من الناس، وخاصة الشباب..
2 - البعض رأى أن مقالي عن السينما وراءه مخطط صهيوني، وأحد الإخوة - سامحه الله - يقول عبر رسالة في الانترنت (..هناك من يقول أنكم تنفذون خطة صهيونية لاختراق المجتمع وتدمير مناعته من الداخل، فتقل مقاومته للتغريب، ويسهل تسييره نحو الوجهة التي تريدها الصهيونية العالمية..)، وقد صعقت لهذا التحليل، وربطي شخصياً من خلال ما طرحته في ذلك المقال بالصهيونية العالمية.. وكأنني أحد المروجين والمؤيدين لها.. وهذا الشخص قد شطح شطحات كبيرة.. وقد ساوى بيني وبين اليهود الصهاينة الذين هم ألد أعداء الأمة الإسلامية.. سامحه الله..
3 - الافتراض دائماً ينطلق من سوء نية، ولم يحاول البعض افتراض حسن النية لدى الكاتب في طرح الموضوع.. فهذا زميل آخر يقول.. (لقد كتبت موضوعك عن السينما، ووليت هارباً.. وكأن أحداً قد طلب منك كتابته.. فجاء الموضوع غير مقنع البتة..).
وهنا أود توضيح بعض الأفكار العامة لهذا الموضوع..
* السينما هي أداة محايدة، يمكن أن تكون ضد قيمنا، ويمكن أن تكون مع هذه القيم.. وهي إحدى وسائل الإعلام.. ومعروف أن وسيلة الإعلام وتقنية الاتصال هي أداة محايدة.. وهي اختراع إنساني، يمكن لهذا الإنسان أن يطوعه لكل ما يريد.. فالصحيفة مثلا، يمكن أن تكون الجزيرة أو الرياض أو عكاظ، والمجلة يمكن أن تكون الدعوة أو اليمامة.. كما بنفس المنطق يمكن أن تكون الصحيفة (الصن) اللندنية، أو البلي بوي الأمريكية.. وشتان بين هذه وتلك.. فالأداة واحدة، ولكن المضامين مختلفة.. ونحن مع المضامين التي تتناسب مع خصوصية ثوابت مجتمعنا العربي المسلم.. ثم جاءت الاذاعة، ونفس الشيء قيل: إنها ستكون شرا على مجتمعنا، ولكن- والحمد لله-، فهذه إذاعة القرآن الكريم تدوي في كل أنحاء الدنيا، فكلها خير -والحمدلله-.. وصحيح أن بعض الإذاعات هي غير ذلك.. ولكن نحن - كمجتمع- نحاول دائماً أن نستثمر الايجابيات ونبتعد عن السلبيات.. والتلفزيون هو حالة أخرى.. والانترنت أيضاً هو حالة أخرى كذلك.. ففي هذه الوسائل إيجابيات، وفيها سلبيات.. ولكن مهمتنا دائماً هو أن نعزز الدور المثمر والايجابي لهذه الوسائل.. ونقلص الكثير من السلبيات التي قد تحتويها هذه الوسائل.
* ما قيل من سلبيات عن السينما قد قاله غير هؤلاء عن الإذاعة والتلفزيون.. وقالوه كذلك حتى عن بعض تقنيات الحياة العصرية التي يعيشها العالم.. السيارات، البرقيات.. الهاتف.. والجوالات.. وصحيح أن الأساس يكون في الشك في هذه الرسائل لجهلنا بها.. ولكن الحياة تفرضها على مجتمعنا.. وأذكر في إحدى المرات أن الدكتور عبد القادر طاش - رحمه الله - قد جمعني مع بعض الإعلاميين، وأحدنا كان متخصصا في الهندسة متخرجاً من أرقى الجامعات الأمريكية لنتحادث في ندوة صحافية عن (البث المباشر).. وفي بداية الحديث، برز هذا الزميل ليقول لنا: إن البث المباشر غير ممكن، وهناك تقنيات يمكن توظيفها لحجب (السماء) عن الناس، ويقصد البث المباشر الذي يأتينا من الخارج.. وقلنا له: إنك تتكلم ضد تيار الحتمية التكنولوجية.. فلن تكون إلا سنوات، وسنكون جميعنا في هذه البلاد معرضين لهذا الغزو الفضائي.. ولا نقصد أننا مع هذا الغزو، ولكننا نرى أنه آت لا محالة.. ورفض هذا الصديق مثل هذه التوقعات.. ولكن حاولت وغيري - من الزملاء في تلك الندوة - ان نتدارس كيفية التعامل المجتمعي مع هذا الغزو.. وهذا ما نحاوله اليوم مع الجوال، والانترنت، والسينما.. وغيرها..
* يمكن أن تكون السينما شرا مستطيرا، ويمكن أن تكون خيرا كثيراً، ويمكن أن تكون بين هذه وتلك.. فالسينما الهادفة مطلوبة في كل مجتمع.. ونحن نعرف أن صناعة السينما هي صناعة معقدة، وقد نكون معرضين لغزو ثقافي كبير، ولكن يمكن كذلك أن تنشأ في مجتمعاتنا الإسلامية سينما هادفة.. ونحن نعرف أن هناك دور سينما في كثير من المجتمعات الغربية تتوجه إلى السينما الكلاسيكية، والسينما البديلة، وهي صناعة سينمائية من خارج استديوهات هوليوود.. وبعيدة عن الفكر التجاري لتلك الصناعات.. فالجوانب الإيجابية ممكنة داخل مفهوم صناعة سينما إسلامية..
* الأفلام السينمائية التي تدخل المجتمعات العربية، ومنها المملكة، هي أفلام يتم عرضها على شاشات التلفزة الرسمية، ويتم مراقبتها، وحذف المشاهد غير المناسبة فيها، بما يتناسب مع خصوصية مجتمعنا.. ولن يطالب أحد بتمرير مشاهد لا أخلاقية، ولكن سيكتفي المشاهد بمتابعة الفكرة الأساسية والأحداث الكبرى في مثل هذه الأفلام العالمية.. وهناك أفلام عالمية لا يوجد بها أي مشهد خادش للحياة العامة من أولها إلى آخرها.. مثل السنيما في بعض المجتمعات الآسيوية على سبيل المثال.
* حديثنا عن السينما أخرجنا عن الموضوع الأساسي وهو كيف يمكن أن نوفر لشبابنا مؤسسات ترفيه مناسبة، تثبته على أرض الوطن، وقرب الأهل وأصدقاء الخير.. كان هذا هو المحور الأساسي للمقال المذكور سابقاً.. والسينما هي استشهاد الشاب هادي، وليست فكرة مبتدعة من صاحب المقال.. فقد أكد أن السينما هي مطلب أساسي لخروجهم إلى الدول المجاورة.. ولو كانت لدينا سينما بمواصفاتنا الاجتماعية لقللنا من الخروج والسفر إلى البعيد، وما قد يجره ذلك من ويلات وشرور..
وختاماً، أود توضيح أن إحدى المشاكل التي تواجه تفكيرنا المجتمعي هي أننا نتعامل بطريقة معيارية في التفكير، أي أننا نريد أن نكون هكذا، ويجب أن يسير الجميع على نفس الطريق.. وهذا ما أتمناه ويتمناه غيري كثير في هذا المجتمع، إلا أننا نعيش في مجتمع متعدد الرغبات، والأطياف، والاتجاهات.. أي أن بيننا من هو متطرف ومغال في كل مناحي الحياة، ولكن معظمنا وسطيون والحمدلله في كل أبعاد وقيم المجتمع.. ويجب أن ننمي الفكر والسلوك الوسطي.. ونحن نتوق إلى استدراج هذه الشرائح التي تقترب من حالات الابتعاد والتطرف بتوظيف منافع الوسطية المؤسسية لاجتذابهم إلى محاور الاعتدال والرشد والوسطية.. ونحاول بخطوات جريئة أن نتفاعل معهم بدلا من أن نفقدهم إلى الأبد.. نحن نتمنى أن يكون السعوديون شخصا واحدا بقيم واحدة، وبشخصية واحدة، وبمشاعر واحدة.. ولكن سنة الحياة تفرض أن تتدرج القيم بيننا، وتتعدد الرؤى، وتتنوع المستويات.. ولهذا ينبغي أن نتعامل مع هذه الحالة بوعي كامل، وبمسؤولية وطنية، وبمستوى إيماني عميق بمدخلات ومخرجات الحياة العصرية.. يجب أن نفكر أننا مختلفون، حتى يمكن أن نصل إلى مستوى التوافق والتقارب.. الذي ننشده ديناً، ووطناً، وفكرا، وسلوكاً..
هذا هو محور النقاش، وجوهر الموضوع.. ولكم تحياتي وتقديري..
( * ) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال/أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.