انعقاد القمة العربية بالمنامة غدًا بحضور ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    "زين" تستثمر 1.6 مليار ريال لتوسيع انتشار ال"5G"    ارتفاع النفط واستقرار الذهب    ضبط 264 طن مأكولات بحرية منتهية الصلاحية    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر قبالة سواحل نيوزيلندا    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    أمير حائل يكرم عددًا من الطلاب الحاصلين على الجائزة الوطنية بمبادرة "منافس" بتعليم المنطقة .    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    «الصحة» تدعو الراغبين في الحج إلى أخذ واستكمال جرعات التطعيمات    "ميتا" تدعم سماعات أذن بالذكاء الاصطناعي    فيغا يعود للتدريبات الجماعية للأهلي    من أعلام جازان .. الشيخ عيسى بن رديف بن منصور شماخي    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    "الحج" تختبر خطط التفويج بفرضية ثانية    الصمعاني يشارك في قمة رؤساء المحاكم في دول G20    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    بمشاركة 11 دولة.. ورشة لتحسين نظم بيانات المرور على الطرق    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    26 % ارتفاع أعداد الركاب في المطارات لعام 2023    جناح طائرة ترامب يصطدم بطائرة خاصة في مطار بفلوريدا    سعود بن نايف: رؤية المملكة أسهمت في تحسين جودة الحياة    خادم الحرمين يرحب بضيوف الرحمن ويوجه بتقديم أجود الخدمات    أمير القصيم: تطوير القدرات البشرية يحظى بعناية كبيرة من القيادة    سفيرة المملكة في واشنطن تلتقي الطلبة المشاركين في آيسف    سعود بن بندر يثمّن جهود هيئة النقل    «الداخلية» و«سدايا» تطلقان جهازاً متنقلاً لإنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة «طريق مكة»    إطلاق مبادرة «دور الفتوى في حفظ الضرورات الخمس»    أمير تبوك ينوه بجهود القيادة في خدمة ضيوف الرحمن    كأس إيطاليا بين خبرة اليوفي وطموح أتالانتا    لجلب صفقات من العيار الثقيل.. النصر يعتزم الاستغناء عن 3 أجانب    نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    إعفاءات.. جمركية بالأسوق الحرة    وزارة لتشجيع زيادة المواليد بكوريا الجنوبية    واتساب تطلق تصميماً جديداً    الوجه الآخر لحرب غزة    المجون في دعم كيان صهيون    أهمية الاختبارات الوطنية «نافس» !    حالة مطرية في معظم المناطق حتى السبت    طموحنا عنان السماء    الأمن والاستقرار    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    الاحتراف تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري روشن و"يلو"    المان سيتي يكسر عقدة ملعب توتنهام الجديد وينفرد بصدارة الدوري الإنجليزي    الهلال والنصر.. والممر الشرفي    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    تفقد محطة القطار ودشن «حج بلياقة».. أمير المدينة المنورة يطلع على سير الأعمال بالمطار    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في شباك ديبورتيفو ألافيس.. وفينيسيوس يُسجل هاتريك    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تحسنت صور كل الشعوب البدائية إلا نحن ؟!
لا نجد جوابا مختصرا لسؤالنا المختصر ..
نشر في اليوم يوم 08 - 01 - 2003

تعد السينما أخطر وسائل الاتصال الجماهيري وتلعب دورا خطيرا خاصة السينما الأمريكية في تشكيل الصورة الذهنية والوجدانية لدى المواطن الغربي عن العرب والمسلمين ولقد كثفت هذا التشويه بعد أحداث سبتمبر.
لقد تغيرت بل وتحسنت في هوليوود عاصمة الصناعة الثقيلة للسينما صور الزنوج والهنود الحمر والجنود النازيين والروس الحمر والشعوب البدائية ولكن صورة العربي والمسلم لم يطرأ عليها أي تغير فهي مشوهة مسبقا في الأفلام التى تنتجها هوليوود أو بعض مراكز الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في أمريكا وأوروبا وقد لا نجد جوابا مختصرا لسؤالنا المختصر لماذا ؟
أصل الحكاية
الحكاية قديمة تمتد بجذورها إلى بدايات السينما الصامتة واستمرت مع استمرار إنتاج الأفلام التى طرحت موضوعات أساسية لها علاقة بالعرب والمسلمين أو طرحت شخصيات ثانوية في هذا المجال.
وفى البحث عن الأسباب الحقيقية لتشويه تلك الصورة يبرز أمامنا سببان رئيسيان يتمثل الأول في نزعة التعصب الأعمى الذي تمتد جذوره إلى الحروب الصليبية والخوف من مواجهة إسلامية مسيحية تشكل خطرا على الحضارة الغربية.
أما السبب الثاني فيمثله التعصب الأعمى الآخر في الصراع العربي الإسرائيلي والانحياز المسبق ضد العرب في السينما في موازاة الإنجاز المسبق ضد العرب في السياسة وغيرها.
شرور متعمدة
ارتبطت حكايات ألف ليلة وليلة بسحر خاص للحياة العربية وهو مزيج من سحر الصحراء والعشق والمغامرات الخيالية الجريئة والابتكار والبطولة والكرم والوفاء والحكمة ولكن أكثر السينمائيين الغربيين الذين جذبتهم هذه الحكايات أضافوا إليها عمدا شرورا ألصقوها بشخصية العربي , ومن هذه الشرور الغدر والكذب والاحتيال واللصوصية والتخلف والتآمر والتخريب أما الذين يحاولون الاقتراب من الحقيقة أو إنصاف صورة العربي أو المسلم في السينما فإن أبواب الشركات الكبرى للإنتاج ستغلق في وجوههم بشكل آلي.
فالنتينو
لمع اسم نجم السينما الصامتة رودولف فالنتينو في فيلمين صامتين من أفلام المغامرات الصحراوية هما الشيخ 1923 وابن الشيخ 1926 وقد تم إعداد الفيلم الأول عن رواية للكاتبة الإنجليزية أديث مود وأنتجه المنتج اليهودي جسي لاسكي واكتسبت الشخصية الرئيسية في الفيلم شخصية الشيخ جاذبية خاصة بأداء النجم رودولف فالنتينو الدور الذي حقق له خلودا لم يحققه أي نجم سينمائي أنجبته هوليوود وأصبح من بعد يحمل لقب شيخ الشاشة الفضية فمن الشيخ الذي أثار اهتمام الرأي العام الأوروبي والأمريكي ؟!
إنه الفيلم الذي يعد من أفضل أفلام العشرينات في مجال تجسيد الشخصية العربية وأصبحت صورة الشيخ فالنتينو والفتاة الإنجليزية بين ذراعيه بينما عينيه تشتعل بالرغبة من أكثر الصور انتشارا في العالم بل إن الأديب عبد الحميد جودة السحار كتب يقول : أصبحنا نعيش نجاح الفيلم بالمواقف العاطفية وظهر فالنتينو ساحر النساء فأصبح من أحب النجوم إلى قلوبنا .ولكن شهر العسل لم يدم طويلا حيث كان البوليس يقبض على مئات الفتيات الأوروبيات وهن يحاولن الذهاب إلى الصحراء العربية ثم اندلعت محاولات أخرى لمهاجمة العرب من خلال شخصية فالنتينو لإثبات أن العربي الذي يعده العالم نموذجا للجاذبية والشجاعة ليس أهلا للإعجاب وتأتى أفلام مثل أعظم عاشق في العالم 1977 للمخرج جين وايلدر وفيلم آخر إعادة إخراج ليوجست 1977 للمخرج ماتى فيلدمان لتوحي بأن فالنتينو مجرد وهم وأن شخصية الشيخ التى جسدها هي زيف من صنع هوليوود لأن شخصية العربي شئ آخر فماذا حدث ؟.
الشيخ الأحمر
تدفقت الأفلام الغربية التى أدلت بدلوها في حملات الدعاية المضادة للعرب بشكل سافر ووصلت هذه الأفلام إلى ذروتها ما بين عامي 1962 و 1967 حين أنتجت الشركات الإيطالية والفرنسية والإسبانية بالمشاركة - أحيانا - مع الشركة المصرية كوبر وفيلم أكثر من ثلاثين فيلما عن شخصية الشيخ العربي ومنها أفلام الشيخ الأحمر وكريم ابن الشيخ والسهم الذهبي والصقر , أما الشيخ الأحمر فهو في هذه المرة مهندس إسباني يساند الثوار في مراكش ضد السلطان الذي يدبر المذابح ضد المسيحيين.
ولقد حرصت هذه الأفلام على تصوير طبيعة المجتمع العربي على أنه مجتمع يقوم بإحباط أي فكرة عملية وجادة لأنه عبارة عن قبائل وعشائر وحيث لا ينهض هذا المجتمع إلا عن طريق ثقافة أوروبية وأموال أجنبية وقد استمرت الأفلام تكدس لهذه الأبعاد فتشعبت أفلام رومانسيات الصحراء خلال السبعينات بهذه الأفكار وكان التربص بالشخصية العربية هو الهدف الأساسي وازدادت حدة انتشار هذه الأفلام بعد حرب 1973 كوسيلة من بين الوسائل العديدة للهجوم على الشخصية العربية ومن هذه الأفلام.
الرياح والأسد 1975 الذي أنتجه اليهودى هيرب جيف وكتبه وأخرجه اليهودى جون ميليوسى وصحارى 1983 من إنتاج عالمي للمخرج السينمائي والمنتج الإسرائيلي مناحم جولان حيث تجري الأحداث في الصحراء والتي يتم فيها الغدر والتعصب والبدائية كما تصورها هذه الأفلام ممتزجة برومانسيات الشيخ العربي الشاب.
المسلم العربي الإرهابي
وإذا كانت فترة السبعينات قد صورت فى الأفلام السينمائية الغربية ما يسمى بالإرهاب العربي من خلال أفلام مثل الأحد الأسود الأمريكي فإن هذا الإرهاب العربي من خلال أفلام مثل الأحد الأسود الأمريكي فإن هذا الإرهاب أصبح فى منتصف الثمانينات وقبل تفجير المركز التجاري الدولي فى نيويورك فى بداية التسعينات والذي اتهمت فيه عناصر مسلمة من الذين ذهبوا إلى أمريكا فى تلك الفترة يدل على ما هو أكثر خطورة فتدفقت الأفلام التى تصم العربي بالإرهاب مثل فيلم تحت الحصار 1986 وفيلم مطلوب ميتا أو حيا 1987 وذعر الإرهاب 1987 وتحاول هذه النماذج من الأفلام التنقل بأحداثها الدموية بين الولايات الأمريكية لتجعلها جميعا فى متناول الإرهاب العربي من خلال نسيج ضبابي متعمد بين الخيال والحقيقة واختيار أماكن يعيش فيها الواقع حوالى عشرين ألف أمريكى من أصل عربى مثل منطقة ديريون بولاية ديترويت فى فيلم تحت الحصار على سبيل المثال ومما كان من نتائجه إلحاق التهم بالعديد من المنظمات والجاليات العربية الأمريكية وخلال التسعينات أصبحت مهمة أفلام الإرهاب متعددة خاصة بعد أن أضاف لها الغزو العراقي للكويت حجة أخرى على مصداقية ما تختلقه من أحداث وظلت صورة الإرهابي العربي مصدرا كبيرا للأفلام ومنها أكاذيب حقيقية 1994 وقرار مصيري 1995 والحصار 1998 وهو الفيلم الذي ينبني على حادثة حقيقية وهى تدمير احدى المنشآت الأمريكية فى دولة خليجية مما يوجد صراعا بين الأجهزة الأمنية الأمريكية ( المخابرات - المباحث الفيدرالية - الحرس الوطني) من أجل عدم الخلط بين العربي الأمريكي العادي والعربي الإرهابي والنتيجة تؤكد أن الاستثناءات تكاد تكون معدومة.
وهذا ما جعل الناقد السينمائي المصري أحمد رأفت بهجت فى كتابه القيم الذي صدر مؤخرا الشخصية العربية فى السينما العالمية يؤكد على أن من خطط لأحداث 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك وواشنطن قد تأثر بما قدمته السينما الأمريكية فى مجال الإرهاب بل ربما تكون هذه السينما هي أحد الدوافع الرئيسية وراء ما حدث.
السينما والصهيونية
بعد أن أحكمت الصهيونية العالمية سيطرتها شبه التامة على مركز الصناعة السينمائية في العالم (هوليوود) وروجت من خلاله مجموعة من الأفلام للمزاعم الصهيونية حول اضطهاد اليهود ومشروع الاستيلاء على فلسطين، شكل العام 1948 الذي شهد قيام الكيان الغاصب في فلسطين بداية مرحلة جديدة في عمل السينما الصهيونية وأهدافها، التي حددت بتدعيم المزاعم الصهيونية وتأييد قيام هذا الكيان على أرض فلسطين من خلال مجموعة من الأفلام تعكس الواقع الجديد القائم بعد 15/8/1948 وما يتطلبه من طمس وإلغاء لكل ما من شأنه إظهار طبيعة الكيان الصهيوني وغربته عن الأرض ورفض أصحابها الأصليين لوجوده، ولهذه الغاية عمد عدد كبير من الصهاينة العاملين في القطاع السينمائي الى تغيير أسمائهم واستبدالها بأخرى، ومن هؤلاء لويس ماير واسمه الحقيقي اليمازماير وكيرك دوغلاس واسمه الحقيقي ايدورد دانييلوفيتش وجورج سيدني واسمه الحقيقي صموئيل جرينفيلد و وودي آلز واسمه الحقيقي آلن لوينجسيرغ وفي هذه المرحلة برزت معضلة بوجه المشروع السينمائي في الكيان الصهيوني، فكان السينمائيون أمام الاختيار بين الهجرة الى فلسطين لبناء قاعدة إنتاج سينمائي أو البقاء في هوليود والانطلاق منها لتسويق المشروع السينمائي الصهيوني، وقد استقر قرار الصهاينة على الخيار الثاني لما يوفره من إمكانات ضخمة وقدرة على الانتشار، ولتجنب الانكشاف المبكر لأهداف هذا المشروع وما يمكن أن يشكله من إحراج أو صدام مع المساهمين غير اليهود في هوليوود ابتعد السينمائيون الصهاينة عن الدعاية المباشرة للمشروع الصهيوني في فلسطين واستعاضوا عن ذلك باعتماد سياسية الإنتاج السينمائي المشترك مع مركز الفيلم الحكومي الصهيوني، الذي تأسست بتمويل ودعم مباشر من قبل صهاينة هوليوود والولايات المتحدة، واستطاع هذا المركز خلال عام واحد من تأسيسه بدعم من قبل العديد من نجوم هوليوود الصهاينة أن ينجح في ترويج فكرة تصوير إنتاج أفلام في فلسطين وتنظيم زيارات لعشرات من نجوم هوليوود الصهاينة أو المتعاطفين مع الكيان الصهيوني الى أرض فلسطين بين عامي 1950 و 1965 ومن هؤلاء النجوم صوفي مارسو، روجر مور، كيرك دوغلاس، رومي شنايدر، اليزابيت تايلور وغيرهم.
أولى ثمرات التعاون السينمائي الصهيوني مع هوليوود كان فيلم سيف في الصحراء عام 1949 من إخراج جورج شيرمان وكان هدف الفيلم الدفاع عن موقف بريطانيا المساند لقيام الكيان الصهيوني، من خلال تصوير العلاقة بين الصهاينة وبريطانيا على أنها علاقة عداء نتيجة دعمها للعرب والفلسطينيين، وبرز في الفيلم دور الولايات المتحدة في دعم الكيان الصهيوني من خلال البطل الأمريكي الداعم للصهيونية، وفي العام 1953 مولت هوليوود أول فيلم سينمائي تم تصويره داخل فلسطين حمل اسم الحاوي من إخراج إدوارد ديمتريل من بطولة الممثل كيرك دوغلاس، وتدور أحداث الفيلم حول شخصية اليهودي الألماني هانز موللر الذي فقد أسرته أثناء الحرب العالمية الثانية، وهجرته الى فلسطين، التي يصورها الفيلم باعتبار إسرائيل الحاضنة لليهود، وحلمهم المنشود، ورغم الصعوبات التي يواجهها البطل اليهودي حسب الفيلم، إلا أن نهاية الفيلم المرسومة لتحقيق هدفها السياسي تتجسد في قدرة البطل على تجاوز الصعوبات والبقاء في الكيان الصهيوني بسبب حبه له وسعيه للحفاظ على حلمه في حياة سعيدة.
المرحلة منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى العام 1967 شهدت إنتاج عدة أفلام صهيونية بتمويل من هوليوود ولكن أضخمها على الصعيد الدعائي كان فيلم الخروج للمخرج الصهيوني أوتو بريمنجر الذي تضمن جملة من المغالطات وتزوير الحقائق لتشويه صورة العرب وتصويرهم كمجموعة من المتوحشين المتعطشين للدماء وقتل اليهود، من خلال مقاربة صورة العربي بصورة الهنود الحمر في أمريكا والسعي لتطابق الصورتين، بهدف تحقيق الانتشار الكبير للفيلم في الولايات المتحدة الأمريكية، ودغدغة مشاعر الأمريكيين وكسب تعاطفهم وحماسهم للمشروع الصهيوني في فلسطين، من خلال تصوير انتصار الصهاينة على العرب بصورة مشابهة لانتصار الأمريكيين على الهنود الحمر عبر إبادتهم ورغم تعرض الفيلم لانتقادات لاذعة من قبل كبار النقاد السينمائيين إلا أنه شكل واحدا من أعمدة الدعاية الصهيونية خلال تلك الفترة.
الفيلم الثاني الذي أنتجته السينما الصهيونية نهاية الستينات حمل اسم جوديث للمخرج دانييل مان وبطولة صوفيا لورين و جاك هوكنز حاول كاتبه ومخرجه مخاطبة الغرب بخطاب يزعم أن العرب عموماً والسوريين خصوصاً استمرار للحركة النازية، من خلال قصة الفيلم التي تدور حول شخصية ألمانية هربت من الاضطهاد النازي للعيش في سوريا، ولكن أحداث الفيلم صورت حياة هذا البطل الألماني في سوريا جحيماً لا يقل عما تعرض له في ألمانيا.
بعد حرب يونية عام 1967 التي قادت الى تشريد جزء جديد من الفلسطينيين واحتلال أراض عربية جديدة وقعت السينما الصهيونية في مأزق تراجع شعبيتها لدى الجمهور الغربي الذي شاهد صور الفظائع الصهيونية في فلسطين، فعمدت السينما الصهيونية الى اتباع خط جديد متمثل في إظهار الصهاينة كضحايا ل الإرهاب العربي، فتجاوزت أهدافها لعبة الترويج للكيان الصهيوني وتشويه التاريخ وصورة العربي، الى إظهار قدرات الكيان الصهيوني الأمنية وقدرته على ردع من يحاول المس بالكيان، ولهذه الغاية أُنتج عام 1975 فيلم البرعم الذي يقدم جهاز الموساد الصهيوني بصورة أسطورية لا تقهر من خلال حرب طاحنة يخوضها ضد المنظمات الفدائية الفلسطينية التي يقدمها الفيلم كمنظمات إرهابية وعناصر الموساد الأذكياء والمدربين بشكل جيد. الذين يسعون الى إحباط محاولات هؤلاء الإرهابيين لنشر الموت والدمار في كل مكان يستطيعون الوصول إليه، ورغم نجاح مثل هذه الأفلام في التأثير على المشاهدين الغربيين من خلال تقديم الصهاينة كضحايا إلا أنها قوبلت بالاستياء من قبل المؤسسات والهيئات الثقافية والتاريخية في أكثر مكان في العالم لتضمنها مغالطات تاريخية.
بعد فيلم البرعم سعى القائمون على السينما الصهيونية على ابتكار أسلوب جديد في التعامل مع الأفلام السينمائية لتجنب الوقوع في فخ الدعاية المباشرة التي لم تعد قادرة على تحقيق أهدافها، واستند المخططون له على فيلم ملف القدس الذي أنتج عام 1971، وبرزت فيه الدعاية بشكل أكثر دهاء وخبثا ولاقى قبولا لدى المشاهدين الأوروبيين من خلال تركيزه على أكذوبة السعي الصهيوني للسلام ورفض العرب له، وفعلاً شهد العام 1976 إنتاج فيلم الرجل التالي للمخرج ريتشارد سارافيان ومجموعة كبيرة من الأفلام الروائية القصيرة التي ابرزت الدعاية الصهيونية من خلال صد حركة الشارع العربي وتقديم تحليلات زائفة لواقعه، عبر تصوير الشعب العربي وكأنه مستعد للتعايش مع الكيان الصهيوني، إلا أن حكامه ورجال الدين المتعصبين هم الذي يسيطرون على قرار هذا الشعب ويقمعون رغبته في التعايش مع الصهاينة ويفرضون عليه الرغبة بالحرب والقتل والإرهاب، وبدا الأسلوب الصهيوني الجديد في التعاطي مع الأفلام السينمائية بارزاً في فيلم الأرض المشتعلة للمخرج سيرجي أنقري المنتج عام 1982 وفيلم في يوم صحو ترى دمشق عام 1984 للمخرج عيدان ريكليس وفيلم اسند عام 1986 للمخرج أموسي جيتاي ، وفيلم أحلام محطمة عام 1987 للمخرج بول سكوفيد وفيلم الحقول الخضراء عام 1989 للمخرج يوشيرون وفيلم برلين - القدس عام 1989 للمخرج أموسي جيتاي ، وفيلم الكأس النهائي للمخرج عيدان ريكليس عام 1991.
السينما الصهيونية التي استطاعت بفعل سيطرة المال والإعلام اليهودي على هوليوود أن تلعب خلال نصف القرن الماضي دوراً أساسياً في الدعاية للمشروع الصهيوني في فلسطين وتشويه صورة العربي لدى المشاهد الأوروبي والأمريكي وحتى التسلل الى المشاهد العربي من خلال الأفلام الأمريكية التي تغزو دور السينما العربية والبيوت عبر أشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الأجنبية والعربية، استطاعت أيضاً التكيف مع التغييرات التي طرأت على أمزجة المشاهدين فتحولت من مرحلة الدعاية المباشرة الى الدعاية المستترة، لم تجد في المقابل سينما عربية فاعلة ومؤثرة قادرة على مواجهتها وكشف تزويرها للحقائق وتحريفها للوقائع التاريخية، فاستمرت في إنتاج أفلام جديدة تحمل خلال هذه الفترة شعار السلام بالمفهوم الصهيوني.
السينما الصهيونية التي شكلت خلال السنوات الماضية خطراً على القضايا العربية، لن تتوانى عن استغلال المتغيرات الدولية الأخيرة، وربما لن يطول بنا الانتظار حتى نرى أفلاما صهيونية التوجه تتناول الإسلام باعتباره دين الإرهاب، مستغلة الحملة الأمريكية ضد الإسلام والمسلمين والفهم الخاطئ لدى الجمهور الأمريكي خصوصاً والغربي عموماً للإسلام بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11/9/2001 وما تبعها من حملات ظالمة ضد الإسلام لم تكن المنظمات اليهودية واليمينية الأمريكية والأوروبية بعيدة عنها .
العرب واليهود
يورد أحمد رأفت بهجت فى كتابه المشار إليه آنفا قائمة بأسماء بعض المخرجين العرب ويتهمهم بأنهم بدأوا تجنيد السينما لتلعب دورا فى نشر ما سمي بالتسامح بين العرب واليهود وأن هناك فروقا بين اليهودية والصهيونية من أجل أن تتسرب الأفكار الصهيونية إلى وجدان المتفرج سواء الغربي أو العربي ومن هذه الأسماء :
* يوسف شاهين وخالد الحجر من مصر والأخضر حامينا ومرزاق علواش ومهدي شريف من الجزائر ونورى بوزيد وفريد بوجدير وسامي بكار من تونس وسهيل بن بركة من المغرب وميشيل خليفي وايزادور مسلم وعلي نصار ومحمد بكري من فلسطين.
وأخيرا : ( صوت صادق من بريطانيا )
وعلى الرغم من تلك الصورة المشوهة للعرب والمسلمين فى السينما الأمريكية فقد أفردت صحيفة الأندبندنت البريطانية ثلاثة أرباع صفحة تقريبا لمقال بقلم الناقدة والكاتبة البريطانية ناتاشا والتر وجهت فيه نقدا لاذعا لفيلم أمريكى حمل من الرسائل السلبية المتعلقة بالعرب ما قادها إلى التصريح بأنه فيلم عنصري ضد العرب وحمل المقال عنوان تشويه عنصري للعرب وفيه تقول الكاتبة : يبدو أننا قادرون على تناول الفضلات غير الهادفة لحياة البشر إذا كانت متعلقة بالعرب فالفيلم حرص على تذكيرنا بأنه وحتى الأطفال العرب يجب أن يدانوا لأخطاء ارتكبها آباؤهم.
وتبقى السينما ساحة صراع أساسية في مواجهة عدونا الصهيوني ، لم نثبت وجودنا فيها بعد، وعلى مدى نجاحنا في الدخول إليها كطرف فاعل ومؤثر تتوقف قدرتنا على الرد على المزاعم والأكاذيب الصهيونية بنفس الأسلوب.
( اليوم خاص شبكة المعلومات العربية )
الناقة مازالت الصورة النمطية للعربي
غلاف لكتاب يتناول صورة العرب في السينما الامريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.