عبدالعزيز بن سعود يرعى تخريج 1935 طالباً في كلية الملك فهد الأمنية    فهد بن سلطان يستعرض جهود «الكهرباء» في تبوك    ترمب في السعودية.. الدلالات والمآلات الاستثمارية    النفط يرتفع مع تخفيف حدة النزاع "التجاري العالمي"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينظم المؤتمر الأول للأمراض الجلدية    من كوينسي إلى نيوم.. "ترمب" يعود إلى الرياض    المملكة.. حضور بلا ضجيج    المملكة شريك موثوق في صياغة الحلول ودرء الأزمات    ولي العهد يستقبل نجوم الأهلي بمناسبة تحقيقهم بطولة «النخبة» ويهنئ القرشي    نظير إسهاماته في تنمية الحركة الأولمبية .. المجلس الأولمبي الآسيوي يمنح"ابن جلوي"وسام الاستحقاق    تعليم المدينة ينفذ إجراءات التوظيف التعاقدي ل1003 مرشحين    «المتحف الوطني» يحتفي باليوم العالمي للمتاحف    الحرف اليدوية.. محاكاة الأجداد    مكتبة الملك فهد الوطنية تطلق خدماتها عبر «توكلنا»    «الشؤون الإسلامية» بجازان تحقق 74 ألف ساعة تطوعية    ضمن مبادرة"مباراة النجوم".. القادسية يستضيف 30 شخصاً من ذوي الإعاقة    3 أيام لمعالجة عوائق التصدير    مجلس الوزراء يتطلع أن تسهم زيارة الرئيس الأميركي في تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين    تعاونية جامعة الملك سعود تعقد إجتماع عموميتها الأثنين القادم    طلب إفلاس كل 6 ساعات عبر ناجز    استقرار معدلات التضخم عند 2% بدول الخليج    "الشريك الأدبي" في جازان: حوار مفتوح بين الكلمة والمكان    النصر يمزّق شباك الأخدود بتسعة أهداف في دوري روشن للمحترفين    الشؤون الدينية تطلق خطتها التشغيلية لموسم الحج    حماية مسارات الهجرة بمحمية الملك    الهلال يستمر في مطاردة الاتحاد بالفوز على العروبة    الرصاص يتحول إلى ذهب    العلاقة بين أدوية إنقاص الوزن والصحة النفسية    التحالف الإسلامي يدشن مبادرة لتعزيز قدرات فلسطين في محاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال    أنشيلوتي يرحل عن ريال مدريد ويتولى تدريب منتخب البرازيل    3 نجوم على رادار الهلال في كأس العالم للأندية    مجلس الوزراء: نتطلع أن تعزز زيارة الرئيس ترمب التعاون والشراكة    ولي العهد يستقبل عبدالرحمن القرشي بمناسبة تحقيقه ذهبية دورة الألعاب البارالمبية في باريس    ٦٠ مراقبا ومراقبه في ورشة عمل مشتركة بين الأمانة وهيئة الغذاء    حفل ختام وحدة الثقافة والفنون بكلية الآداب في جامعة الإمام عبدالرحمن    محافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في برامج وفعاليات أسبوع المرور    "مبادرة طريق مكة".. تأصيل للمفهوم الحقيقي لخدمة ضيوف الرحمن    أمانة الشرقية تكثف الاجتماعات مع البلديات لتحقيق الاستدامة المالية وتحسين جودة الحياة    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن تمديد دعم المملكة لمبادرة "رسل السلام"    ورشة "قرح الفراش" ترفع الوعي وتعزّز جودة الرعاية في منازل مستفيدي القصيم الصحي    وداعًا يا أمير التنمية والإزدهار    إنقاذ مريضة تسعينية من بتر الطرف السفلي    الناصر: أرامكو أثبتت قوة أدائها وأرباحها ر    حاجة ماليزية تعبر عن سعادتها بالقدوم لأداء فريضة الحج    أمريكية وابنها يحصلان على الماجستير في اليوم نفسه    الهروب إلى الخيال..    91 % نسبة رضا المستفيدين عن أداء الموظفين بديوان المظالم    40 مليون عملية إلكترونية لمنصة "أبشر" في أبريل 2025    السعودية تقود المشهد من حافة الحرب إلى طاولة التهدئة    نُفّذ لتحسين سبل العيش في محافظة لحج.. فريق مركز الملك سلمان يطّلع على مشروع «التمكين المهني»    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    "اعتدال" و"تليجرام" يزيلان 16 مليون مادة متطرفة في 3 أشهر    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    أسرة الجهني تحتفي بزواج عمّار    عودة «عصابة حمادة وتوتو» بعد 43 عامًا    المملكة تواصل ريادتها الطبية والإنسانية    أمير منطقة تبوك يرعى بعد غد حفل تخريج متدربي ومتدربات المنشات التدريبية    تخريج الدفعة ال 19 من طلاب جامعة تبوك الأربعاء المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقلم/ الدكتور لويس حبيقة
لماذا يتعثر النمو الاقتصادي العربي؟
نشر في الجزيرة يوم 20 - 09 - 2002

حققت الدول العربية نمواً سنوياً قدره 4% خلال فترة 1971 - 1999 أي مايقارب نسبة الزيادة السكانية وهذا يعني ان الناتج الفردي لم يتحرك في فترة مهمة تقدمت خلالها مجموعات جغرافية أخرى منافسة ولم يكن النمو العربي متساوياً خلال الفترة الطويلة إذ انحدرت نسبة النمو الحقيقي السنوية من 3 ،7% في فترة 1971 - 1979 إلى 8 ،0% في فترة 1980-1989 ثم ارتفعت إلى 3 ،4% في التسعينيات ففي السبعينيات كانت المنطقة العربية الأكثر نمواً في العالم إلا ان آسيا اخذت مكانها منذ الثمانينيات وحتى اليوم.
من الأسباب الرئيسية لهذا التراجع النسبي، الدور الأساسي الذي لعبه النفط ولايزال في الاقتصاديات العربية والتي لم تنجح بعد في تنويع اقتصادياتها. الأوضاع الاقتصادية العربية مرتبطة إلى حد بعيد بتقلبات أسعار النفط وبضعف الانتاجية في معظم القطاعات. كما يعود تقدم آسيا إلى حسن انتقاء حكوماتها للسياسات الاقتصادية المناسبة وإلى انفتاح دولها بعضها على بعض ضمن مجموعات اقتصادية نشطة، وفي مقدمها الأسيان ASEAN فبينما كان النمو السنوي الآسيوي يعادل 3 ،5% في السبعينيات تقدم إلى 9 ،6% في الثمانينيات وإلى 1 ،7% في التسعينيات ليحتل الصدارة دون منازع فما هي أسباب هذا التراجع العربي وما العمل لعودة النمو آخذين في الاعتبار ما يحدث من تطورات منذ 11-9-2001.
أولاً: التضخم الذي ارتفع من معدل سنوي لأسعار الاستهلاك قدره 1 ،12% في السبعينيات إلى 7 ،18% في الثمانينيات وإلى 1 ،12% مجددا في التسعينيات ارتفاع نسبة التضخم في الثمانينيات يعود إلى كثافة الانفاق على الحاجات المعيشية والاجتماعية كما على البنية التحتية ارتفاع نسبة التضخم يؤثر سلبا على النمو الحقيقي الذي بقي ايجابيا ولكنه ضعيف. في هذا الوقت نجحت آسيا في تخفيض تضخمها من 8 ،10% في السبعينيات إلى 9 ،8% في الثمانينيات وإلى 1 ،8% في التسعينيات بفضل سياسات انفاقية مدروسة.
ثانياً: الاستثمارات العربية التي انخفضت نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من 3 ،28% في السبعينيات إلى 3 ،24% في الثمانينيات و 5 ،24% في التسعينيات هذا في وقت زادت هذه النسبة في الدول الآسيوية من 22% إلى 7 ،28% وإلى 25 ،31% في الفقرات نفسها. طبعاً الدول العربية أنفقت كثيراً على استهلاك السلع المنتجة محلياً وخاصة المستوردة من الغرب، بينما اهتمت الدول الآسيوية بتقوية ركائز اقتصادياتها مما أعطاها نتائج إيجابية ملموسة.
ثالثاً: انتاجية عوامل الانتاج TFP والتي انحدرت من نسبة ايجابية سنوية قدرها 3 ،2% بين سنتي 1960 و1973 إلى نمو سنوي سلبي قدره 2 ،2% في فترة 1973 - 1984 وسلبي 5 ،1% في فترة 1984-1994 هذا في وقت زادت فيه انتاجية عوامل الانتاج في معظم دول العالم مما يفسر تأخرنا النسبي. الحجم الاقتصادي للعالم العربي يعادل مابين 5 ،2% و3% من الناتج المحلي الاجمالي العالمي. وإذا استمرت نسب الانتاجية في الانحدار، فسيخف الثقل الاقتصادي العربي مما ينذر بأزمات اقتصادية واجتماعية مهمة. أهمية الانتاجية هي تأثيرها على النمو وبالتالي على مستوى الرفاهة الاجتماعية العامة. مايحرك الانتاجية ليس فقط الاستثمار في الحجر أي البنية التحتية وإنما خاصة في البشر أي في التعليم الابتدائي أولا ثم الأعلى ثانيا دون ان ننسى الجوانب الأخرى من صحة وسكن وعناية اجتماعية بالفقراء وغيرها. يتكون المجتمع العربي من نسبة عالية من الشباب والشابات وبالتالي الحاجة ماسة إلى تنفيذ السياسات المقوية للانتاجية زيادة الانتاجية تسمح بتوسيع أسواق العمل وتخفيف هجرة الأدمغة.
عودة العالم العربي إلى نمو السبعينيات ليست مستحيلة بل نحن بحاجة ماسة إليها لتقليص الفوارق مع المجموعات الجغرافية الأخرى. يمكن للحكومات العربية الاستفادة من تقارير المؤسسات الدولية وآخرها تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002م والذي يوضح طرق التقدم التي تبقى طبعاً برسم المجتمعات المعنية. العودة إلى النمو تعتمد على معالجة المواضيع المذكورة سابقا أي محاربة التضخم، زيادة الاستثمارات المتنوعة في القطاع النفطي وخارجه، كما التركيز على السياسات التي تقوي انتاجية مختلف عوامل الانتاج. ولا نفكر ان العالم العربي تأثر سلباً بحوادث 11-9- 2001 بالرغم من التعاون الكبير الذي تظهره المجتمعات العربية محلياً وفي الخارج مع الحكومات الغربية وذلك بهدف كشف المسؤولين عنها وتصحيح الصورة فلا يمكن ان يتحمل أي مجتمع عواقب أعمال سيئة ربما قام بها بعض من أعضائه، فهذا ظلم يجب معالجته بالحكمة والعمل والصبر فبالإضافة إلى مواضيع الحريات وبناء المؤسسات القوية القادرة واعتماد الشفافية في الممارسات الحكومية والخاصة والتحرير الاقتصادي لمختلف القطاعات ان عودة نسب النمو الاقتصادي العربي إلى مستويات عالية ترتكز أيضا على حصول مايلي:
أولاً: مواصلة الانفتاح الاقتصادي فيما بين الدول العربية وبين العالم العربي والعالم الخارجي.. من النتائج العفوية لحادثة السنة الماضية هو انغلاق المجتمعات بعضها على بعض، أو بعضها ضد بعض. ولكن الوعي لخطورة الانغلاق على الصعيدين السياسي والاقتصادي جعل معظم المسؤولين يركزون على معالجتها وعلى تقوية حظوظ الانفتاح. وما التصريحات الأخيرة للمدير العام الجديد لمنظمة التجارة العالمية إلا لتؤكد مرة جديدة على وعي العالم لأهمية الانفتاح ولجدوى التجارة الدولية. وهكذا ستتابع المنظمة ماتقرر في الدوحة وتنطلق من جديد مع مديرها التايلاندي لتكمل جولة جديدة من المفاوضات بمشاركة الدول العربية والنامية عموماً.
ثانياً: زيادة كفاءة التجارة العربية بحيث يزداد انتقال الاشخاص والسلع والخدمات والأموال فيما بين الدول العربية. ولاشك ان دول مجلس التعاون الخليجي متقدمة في هذا الاطار إذ قررت آخر السنة الماضية تحقيق وحدة اقتصادية ونقدية في سنة 2010 وذلك مرورا بوحدة جمركية السنة القادمة. سيكون هنالك مؤسسات مشتركة ومبدئيا عملة واحدة مرتبطة بالدولار إذ ان السلعة الرئيسية أي النفط تتداول دوليا بالعملة الأمريكية. طبعاً العبرة في التنفيذ إلا ان كل الدلائل تشير إلى تقدم في الاتجاهات المقررة.
ثالثاً: الاستمرار في تطوير القطاعات المالية العربية وفي مقدمها المصرفية. فعمليات تبييض الأموال تتم عموما في الأنظمة المالية البدائية أو في غير الشرعية، أي التي لا تخضع لقوانين شفافة وعصرية. تطوير القطاع المالي العربي يسمح لأجهزة الرقابة الوطنية أولا ثم الدولية بمراقبة رؤوس الأموال التي تتجول دوليا للتبييض أو للإرهاب أو لتمويل الصفقات السياسية والاقتصادية المشبوهة. ان انخراط الاقتصاد العربي اكثر في الدول يعتمد على السير بخطى اسرع في هذا الاتجاه كي تتدفق الأموال الخارجية للاستثمار في كل القطاعات.
رابعاً: ترشيد الانفاق يبقى موضوعاً مهماً جداً في منطقة تعتمد مواردها المباشرة وغير المباشرة على سلعة واحدة وهي النفط. فتقلب أسعار النفط يؤثر على ايرادات الدول وبالتالي على الأوضاع الاقتصادية العامة. فمن المنطق التفكير بوسائل مالية تواجه تقلبات أسعار النفط حماية للانفاق العام وللأوضاع الاجتماعية. وقد نجحت النروج مثلا في انشاء صندوق يمول من الايرادات النفطية وتستعمل فوائده عندما يكون هنالك عجز في المالية العامة. وهنالك طبعاً رقابة نروجية صارمة على مايدخل ويخرج منها تجنباً للفساد. وهكذا فصلت النروج الانفاق العام عن تقلبات اسعار النفط حماية لمواطنيها والخدمات التي تقدمها الدولة. انشاء هذه الصناديق مهم للدول العربية النفطية، وذلك لاستمرارية تمويل الانفاق العام ولتجنب حدوث تقلبات اقتصادية حادة وأخيراً هنالك دول كفنزويلا تستثمر في الأدوات المالية المشتقة الحديثة بهدف تغطية تقلبات سعر النفط.
Dr.Louis G.HOBEIKA


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.