أن تتخلى المرأة عن أجمل صفة وميزة خصها الله بها وجملها بمعاييرها فهذا لا شك أمر صعب ويدل على خلل في شخصية تلك المرأة أو الفتاة، ومن ذلك تشبه بعض الفتيات بالرجال لبساً وحديثاً وحركات وأعمالاً لا تليق إلا بالرجال، غير أن أصحاب الاختصاص ممن تحدثنا إليهم للمشاركة في هذا الطرح أكدوا أن الأمر ولله الحمد لم يصل إلى حد الظاهرة المقلقة غير أن هناك أسباباً وظروفاً تجعل الفتاة تسلك هذا المسلك حددوها في ثنايا موضوعنا هذا الذي رصدنا فيه أيضاً رأي الشرع القويم في مثل هذه المسألة. رأي المختصة الاختصاصية الاجتماعية عائشة القحطاني - تعمل بالمستشفى الوطني ترى أن الأمر ليس بالجديد بدليل وجوده على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث حصل اللعن على المتشبهات، وتطمئن الجميع إلى أن الظاهرة ليست في مرحلة الخطر، بل انها ولله الحمد بدأت تنحسر عن مستواها منذ خمس سنوات وذلك راجع إلى الوعي الديني الأسري والتفات الفتيات إلى أنوثتهن ومستقبلهن الدراسي والأسري وثقافتهن بدورهن في المجتمع وما عليهن من مسؤوليات جسام تجاه أنفسهن وأسرهن.. وحددت أسلوباً ترى أنه مفيد لتقويم ونصح وارشاد بعض المراهقات المتشبهات تلخصه بقولها: ألا تأتي الإرشادات بطريقة النصح لأن ذلك سيكون عليها كالصاعقة وبالذات حينما توجه لها من المقربين لها خاصة في هذه السن التي تمر بها، فعلى سبيل المثال على الأم في هذه الحالة أن تقرب نفسها من ابنتها بزيارة أقارب متمسكين بالعادات، وليس معنى هذا أنني أحارب التطور فهو مطلوب بلا شك ولكن بشكل ايجابي. وعلى الأم أن تتعرف على صديقات ابنتها وتدع البنت تدعوهن لمنزلها ومن ثم تتعرف عليهن عن قرب وحتى في حالة رغبة الأم توجيه الابنة فلا يكون ذلك من ناحية دينية بحتة خوفاً من انحراف الابنة عن الدين، كما على الأم الحرص على مصاحبة ابنتها لفتيات مستقيمات كما أن أصعب فترة تمر بها الفتاة (مرحلة المراهقة) فالتعامل مع الفتاة في هذه السن صعب للغاية. وتؤكد ما للعائلة من دور كبير في تقويم سلوك البنت منذ الصغر بإشعار الفتاة بأنوثتها فحينما يصدر منها سلوك شبيه بسلوك الذكر تنتقد تلك اللحظة وتخاطب بعبارة توحي لها بأن ذلك سلوك ذكر وهي أنثى لكن في حالة رضا الأم وعدم اهتمامها بذلك فعندئذ سيصبح ذلك شيئاً طبيعياً بالنسبة للطفلة وتنشأ عليه.. ولذلك أنصح الأمهات بمحاورة ابنهائهن وكذلك بناتهن فأسلوب الحوار له جدوى كبيرة. الاخصائية النفسية ندى شما من عيادات الدكتور سليمان الصغير تقول: حرص الإسلام على التمييز بين الجنسين واحتفاظ كل جنس بخصائصه التي فطره الله عليها ومن هذه الآداب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذلك من مظاهر السلوك أو الصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء». ومن الأسباب التي تدعو الفتاة لتقليد الرجل منها اعجاب الفتاة الشديد بوالدها أو أحد اخوانها أو اقاربها الذكور مما يدعو لمحاولة الاقتداء به، وقد يكون لعدم رضا الفتاة عن القواعد والعادات والمثل الاجتماعية التي تختص بها الفتاة وتعطي بنفس الوقت الحرية للشاب مما يجعلها تشعر بالتمرد على المجتمع والأسرة نتيجة لفهم خاطىء منها بأن ذلك قيد عليها وحرية للشاب فيجب تثقيف الفتاة داخل الأسرة بالفرق بين الجنسين. وقد تكون الأسباب ناتجة عن سلوك وفكر الفتاة نفسها خاصة في كيفية تكوين العلاقات مع الصديقات وجذب انتباههن عن طريق تقليد الشاب في لبسه ومشيه وسلوكه.. وهناك عوامل كثيرة أخرى منها عضوية واجتماعية ونفسية لا مجال لحصرها الآن، وللتنشئة وطريقة تعامل الأسرة دور كبير ومساعد في تشكل هذا السلوك لدى الفتاة وللمجتمع أيضاً دور في مدى تقبل الفتاة واعطائها الثقة بنفسها واعطائها دوراً فعالاً في المجتمع وأهمية كما أن تعرض الفتاة في مرحلة الطفولة أو المراهقة لبعض المفاهيم الخاطئة سواء من الأهل أو المدرسة أو المجتمع ككل لتشويه صورة الفتاة والتقليل من أهميتها وشأنها في المجتمع وإعطاء الشاب الأهمية الزائدة يؤدي إلى رغبة الفتاة بالتشبه بالرجل لرفع ثقتها بنفسها. الرأي الديني فضيلة الشيخ محمد بن عبدالعزيز المسند عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض وجهت له «الجزيرة» تساؤلاً حول حكم الشرع في تشبه النساء بالرجال فأجاب بقوله: ويقول ما رأيكم في مهندس قضى عمره في دراسة الهندسة ثم ترك قلمه ومسطرته وأدواته الهندسية جانباً وارتدى سماعة الطبيب؟ أو طبيب قضى عمره في دراسة الطب ثم ترك سماعته ورداءه الأبيض وراح لحمل قلم المهندس ويجلس على طاولته ويقتني أدواته؟ أيفعل هذا عاقل.. إن هذا هو حال المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء. إن الرجل خلق ليكون رجلاً والمرأة خلقت لتكون امرأة فمن رام منهما أن يتشبه بالآخر فقد أضاع شخصيته ولم يظفر بشخصية من تشبه به فصار كالغراب أراد أن يتشبه بمشية الحمامة فلم يستطع وأضاع مشيته ومثل هذا الصنف من الناس لا ينفع نفسه ولا ينتفع به غيره ويكون كلاً على المجتمع، بل مصدراً للإزعاج والأذى لذا جاء التحذير الشديد في الشرع المطهر من هذا المسلك المشين فقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمشتبهين من الرجال بالنساء». وفي حديث آخر «لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء». وفي حديث ثالث: «لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل». وفي حديث رابع: «لعن الله الرجِلة من النساء» وهذه الأحاديث كلها صحيحة.. وعدد فضيلته جملة من مظاهر التشبه وأسبابه ومنها: - التشبه باللباس، وبالسلوكيات كتضخيم الصوت والجهر به، وعمل ما يعمله الرجال خاصة، والتشبه بالهيئات كقصات الشعر المحرمة على المرأة. وعرج فضيلته على ذكر الأسباب مشيراً إلى أن من بينها: الشعور بالنقص ولاسيما أمام الحملات الإعلامية الغربية المغرضة الداعية للمساواة مما يصطدم في مفاهيمه مع الشرع المطهر، وكذلك التنشئة الخاطئة كتفضيل الذكر عليها تفضيلاً مجرداً، أو أن تنشأ الفتاة بين إخوانها الذكور مشاركة لهم في لعبهم وحديثهم سنوات عدة دون الانتباه لمضار هذا السلوك، ومن ذلك أيضاً التقليد الأعمى واتباع خطوط الموضة الغربية مما لا يتلاءم مع العادات والتقاليد والتربية الإسلامية مما يدل على ضعف شخصية الفتاة. العلاج وأورد فضيلته أموراً وخطوات فيها النفع والفائدة لعلاج مثل هذه الظاهرة ومنها: أن تعلم كل فتاة أن خلق الزوجين الذكر والأنثى أمر لا بد منه ولا تستقيم الحياة بدونه وأن لكل واحد من الجنسين وظيفته التي لا يمكن للآخر أن يقوم بها. - أن تعلم الفتاة المسلمة أن الله عز وجل قد أكرمها بالإسلام وحفظ لها كرامتها وحقوقها بنتاً وأختاً وأماً وزوجة أكثر من أي نظام آخر ودين آخر والعبرة ليست بالشعارات وإنما بالحقائق. - أن تعلم الفتاة المسلمة أن الله وإن فضّل جنس الرجال على جنس النساء في الجملة إلا أن بعض أفراد النساء قد يكن أفضل من بعض أفراد الرجال، ولذا جاء التعبير القرآني بقوله (بما فضل الله بعضهم على بعض) ولم يقل (بما فضل الرجال على النساء). - يجب أن يكون للفتاة المسلمة شخصيتها المتميزة فلا ترضى بالتقليد البليد ولا أن تكون تابعة بل تسعى لأن تكون متبوعة في الخير والصلاح لتنال الأجر العظيم من الله فالدال على الخير كفاعله. ينبغي للآباء أن ينتبهوا لنشأة أولادهم وأن يراعوا الفوارق الجنسية بينهم فلكل جنس تربيته اللائقة به. - يجب على الآباء أن يعدلوا بين أولادهم ذكوراً وإناثاً فلا يفرقوا بينهم في المعاملة كما جاء في الحديث: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).