منذ عهد الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريجان واليمين السياسي المتطرف في الادارة الامريكية والكونجرس بمجلسيه الشيوخ والنواب يعطي مؤشرات الزيادة الملحوظة في نسبة تكاثر اتباعه في عضوية تلك المؤسسات المؤثرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدةالامريكية. ولا يزال الخط البياني الذي يعكس نشاط اليمين المتطرف في صناعة القرار السياسي الامريكي في ارتفاع مستمر حتى بلغ منتهاه في عهد الرئيس الحالي جورج بوش الابن الذي تصنفه الدوائر السياسية المحايدة في الولاياتالمتحدة ضمن اليمين المتطرف او - في اقل حالاته - من اشد المتعاطفين مع هذا الاتجاه. ان ما نشاهده اليوم ونسمعه من الرئيس الامريكي وسياسته تجاه الدول العربية والاسلامية هو انعكاس لرؤيته المتأثرة بمتغيرين اساسيين: 1- انتمائه الى اليمين المتطرف المتعاطف مع اليهود او البروتستانت المحافظين الذين يشاطرون اليهود كثيراً من عقائدهم ومنطلقاتهم الدينية، وبخاصة فيما يتعلق بالكيان الاسرائيلي، وهذا ليس رأياً شخصياً وانما هي آراء بعض الساسة الامريكيين وهو ما اكده مؤخراً السفير الامريكي الاسبق لدى سوريا، واذاعته قناة سوريا الفضائية يوم 7 يوليو الماضي. 2- جهله بمنطقة الشرق الاوسط عموماً وتاريخ الدول العربية على وجه الخصوص، وفي طليعة الدروس التي ينبغي ان يعيها ويفهمها الرئيس الامريكي الموروث الديني للدول العربية الذي يحكم علاقاتها الدولية، وكذلك علاقة كل دولة على حدة بالولاياتالمتحدةالامريكية. لقد كان للزيارات التي قام بها بعض قادة الدول العربية الى الولاياتالمتحدة ولقائهم الرئيس الامريكي اثر في زيادة وعيه بتاريخ المنطقة وبالمتغيرات التي تحكم علاقاتهم الدولية بغيرهم، وبتأثير الشعوب الاسلامية على سياسات حكوماتهم الداخلية والخارجية. وقد احدثت تلك الزيارات تغييراً طفيفاً في المفاهيم التي كانت في حكم المسلمات التي لا تقبل الجدل او النقاش في عقلية الرئيس الامريكي، مثل مصطلح الارهاب، والفرق بين المقاومة والارهاب، وخطورة توسيع دائرة الحرب بدعوى القضاء على الدول والمنظمات الارهابية، وغير ذلك من المفاهيم والآراء التي عزف على اوتارها اللوبي اليهودي المتنفذ في دوائر صنع القرار السياسي الامريكي واليمين البروتستانتي المتطرف. ان ذلك كله يؤكد حقيقة هامة وهي ضرورة تكثيف الوعي بتاريخنا وثقافتنا وموروثنا الديني الذي يحكم علاقتنا الدولية بغيرنا، وان تصل هذه الرسالة بتكرار لا يعرف السأم والملل، وبوضوح لا لبس فيه ولا غموض، وينعكس على مواقفنا من مجمل القضايا الدولية الساخنة، وفي طليعتها قضية فلسطين والقدس الشريف. لابد ان تعي الادارة الامريكية وغيرها من ادارات الدول الغربية ان القيادة السياسية في الدول العربية والاسلامية انما هي نبض الشعب وتاريخه. لابد من ديمومة الاتصال، واستمرارية الحوار حتى لا يتفرد اليمين المتطرف بتوجيه بوصلة السياسة الخارجية الامريكية فتقع الكارثة. الذكرى الاولى لاحداث 11 سبتمبر على الابواب، واليهود ومن شايعهم يعملون لاحياء الذكرى في نفوس الشعب الامريكي وقيادته ووسائل اعلامه مما يجعل الاعداد لمواجهة ذلك كله ضرورة يفرضها الواقع وتقتضيها المصلحة.. فماذا نحن فاعلون؟ * استاذ الاعلام السياسي المشارك بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية